تشكر الدولة على جهودها لاصلاح التعليم وأهمها إنشاء المجلس الأعلى للتعليم، وإنشاء مركز وطني لتقويم وتطوير التعليم العام والتعليم الفني الثانوي، وكذلك تخصيص أكثر من ربع ميزانية الدولة للتعليم. وتعيين نائبين لوزير التربية والتعليم، يدل على العناية الفائقة التي توليها الدولة للأخذ بالتعليم إلى أفضل المستويات. وزارة التربية بدورها لم تطرح حتى الآن رؤيتها بالنسبة لما ينبغي أن يكون عليه التعليم العام وكذلك ما تنوي تنفيذه من برامج تربوية للعشر سنوات القادمة. كل ما سمعناه هو بعض التصريحات ذات العلاقة بالنواحي الإدارية والإجرائية والبعيدة عما ينبغي أن تكون عليه مدخلات ومخرجات التعليم العام. وعلى أية حال، فإن تنفيذ أي برنامج يرتقي بالتربية والتعليم من مستويات الضعف، يتطلب إعادة تنظيم جهاز الوزارة. فكثرة الوظائف القيادية من وكلاء ووكلاء مساعدين ومديري عموم وما يرتبط بكل منها من موظفين مساندين، يعد تضخماً إدارياً يعيق الحركة وقوة الانفاذ. وللرقي بالتعليم، ليت بعض الوظائف القيادية في الوزارة تنادي من مارسوا مهنة التدريس والاشراف التربوي في المدارس والإدارة المدرسية، لا سيما صفوة من يملكون الثقافة الواسعة والقدرة على قراءة معاني التحولات الاجتماعية والاقتصادية وتربية الطلاب على العيش بأريحية مع عالم خارجي متعدد الثقافات والأديان والأجناس.التحول نحو الخصخصة الاقتصادية، يعني تقليص الاعتماد على الأجهزة الحكومية في التوظيف وغيره، وتزايد الطلب من قبل القطاع الخاص على ذوي المهارات فقط من الخريجين، وتنامي مسؤوليات الفرد للبذل من أجل رعاية نفسه وأسرته من الناحية المعيشية والخدمية والعلاجية. لذا مطلوب من الآن تمكين الطلاب والطالبات بمهارات العمل. ما يجري حالياً من نقل علمي ومعرفي وتقني وجلب للاستثمارات الضخمة من الدول الصناعية إلى المملكة، يتطلب أن يرتقي مستوى المهارة والتحصيل العلمي عند الطلاب إلى مستوى نظرائهم في تلك الدول لكي يتمكنوا من تشغيل المكنة الصناعية وإدارة العجلة الاقتصادية للمملكة. إن انضمام المملكة قريباً إلى منظمة التجارة العالمية، حيث يكون التنافس على أشده بين الدول، يعني أيضاً أن المناهج الدراسية عليها مسؤولية كبيرة في إيجاد عقول لا تعتمد على الحفظ، بل قادرة على التفكير المستقل والفهم والتحليل والاستنتاج وحل المشكلات واتقان العمل والانضباط فيه. أتمنى أن تكون الوزارة قد نجحت في التخلص مما عهدناه منذ سنين من مشكلات نقص الكتب الدراسية والمعلمين في بداية كل عام دراسي، والدروس الخصوصية وتسرب أسئلة الامتحانات في نهايته، لكي تركز جهودها على تحسن جودة التعليم.وليت وزارة التربية والتعليم تنظر في إمكانية إعادة ترتيب جهازها، ومناداة بعض من مارسوا مهنة التدريس والاشراف التربوي في المدارس والإدارة المدرسية لتولي بعض المهام القيادية والتنفيذية لأهمية ما اكتسبوه من خبرات تطبيقية.التوقعات لتحسين مدخلات التعليم ومخرجاته تنمو بسرعة نظراً لما تشهده المملكة من حداثة في المدخلات الاقتصادية كالخصخصة والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وكذلك الحداثة في المدخلات الاجتماعية مثل انتخابات المجالس البلدية وملتقيات الحوار الوطني. الرجاء في أن يكون للجنة العامة في مجلس الوزراء الموقر، والممثلة في المجلس الاقتصادي الأعلى وفي العديد من المجالس واللجان الوزارية، التأثير الفاعل في بنية التربية والتعليم وبما يتناسب مع ما يستجد من سياسات عامة.. والله الموفق.