على الرغم من التطور الهائل الذي شهده ويشهده قطاع التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية، وكذلك الازدياد المضطرد في أعداد الطلبة والطالبات، والذي يقابله نمو متزايد في أعداد المدارس والمعلمين مع بداية كل عام دراسي جديد، إلا أن هذا القطاع لا يزال في حاجة ماسة إلى الاهتمام بشكل أكبر في ما يتعلق باختيار المباني المدرسية المناسبة لمواجهة هذا التزايد والنمو الذي يشهده القطاع التعليمي في بلادنا. وبالنظر إلى استحالة تأمين المباني المدرسية النموذجية ما بين عشية وضحاها، فإن هذا الأمر بحاجة إلى إعادة النظر في الضوابط التي يتم على ضوئها اختيار المباني المدرسية المستأجرة، حيث يعاني الكثير من الطلبة وأولياء أمورهم من صعوبات كبيرة جراء الاختيار العشوائي لهذه المباني في ظل عدم التقيد من قبل بعض إدارات التربية والتعليم في بعض مناطق المملكة بالضوابط والقوانين المنظمة لاختيار هذه المباني. وفي محافظة خميس مشيط يعاني مائة وعشرون طالباً هم طلبة مدرسة بلال بن رباح الابتدائية جراء الاختيار العشوائي الذي تم على ضوئه اختيار مبنى هذه المدرسة، حيث أكد عدد من أولياء أمور طلبة هذه المدرسة بأنهم يدفعون ثمن الاختيار غير المناسب لموقع المدرسة، فقد أكد ولي أمر أحد طلبة المدرسة وهو المواطن: (عبدالله بن سالم الشهراني) بأن هذا المبنى يقع في مكان منعزل بعيداً عن أنظار أولياء أمور الطلبة، مشيراً إلى أن هذا المبنى محاط بالأودية والآبار المكشوفة وخزانات المياه التي يستخدمها مالكو المزارع القريبة من المبنى في ري مزروعاتهم، مضيفاً بأنه لا يوجد سوى طريق واحد من الجهة الشرقية للمدرسة، يعد المنفذ الوحيد للذهاب والإياب نحو المدرسة، ويشهد هذا الطريق كثافة مرورية وازدحاماً شديداً لسيارات أولياء أمور الطلبة في أوقات الحضور والانصراف، كون معظم الطلبة يأتون من أماكن بعيدة عن المدرسة ومن الأحياء المجاورة لها، ومما يزيد من صعوبة الأمر ضيق هذا الطريق والالتواءات العديدة التي يشهدها والتي تشكل خطراً محدقاً بالكلية ممن يأتون إليها سيراً على الأقدام، إضافة إلى عدم أهلية هذا المبنى وصلاحيته من الناحية التربوية، حيث يضم هذا المبنى عدداً قليلاً من دورات المياه المتهالكة والتي تم إنشاؤها بشكل عشوائي داخل فناء ترابي ضيق يستخدم أيضاً للاصطفاف الصباحي وتنفيذ حصة مادة للتربية البدنية، كما تم إنشاء مخرج وحيد للطوارئ عبارة عن سلم حديدي عال وغير متناسق، وتم أيضاً إنشاء غرفة ضيقة قليلة التهوية ومغطاة بصفيح حديدي تم تخصيصها كمصلى تؤدى فيه صلاة الظهر بالمدرسة، حيث يعاني منسوبو المدرسة وطلبتها من تسرب المياه من سقف هذا المصلى أثناء هطول الأمطار. كما أكد المواطن (علي بن مشاوي القحطاني) بأن الموقع الحالي للمدرسة لا يخدم سوى عدد قليل جداً من سكان الأحياء المجاورة للمدرسة، الأمر الذي أدى إلى تقلص أعداد طلبة المدرسة للعام الدراسي الحالي من مائة وسبعة وستين طالباً إلى مائة وعشرين طالباً فقط، مشيراً إلى أن هذا العدد في طريقه إلى التناقص بشكل أكبر كون أولياء أمور الطلبة يخشون على أبنائهم مخاطر الطريق الوحيد المؤدي إلى المدرسة، وخاصة في ظل وجود بعض الدواب والهوام والتي من بينها ظهور بعض الثعابين والعقارب من داخل المزارع والأودية المحيطة بالمدرسة، مما يشكل خطراً حقيقياً على طلبة المدرسة من صغار السن قليلي الخبرة والحيلة. من جانبه أكد مدير مركز الإشراف التربوي بمحافظة خميس مشيط الأستاذ سعد بن عوض الشهراني أنه قد صدرت توجيهات مدير عام التربية والتعليم بمنطقة عسير الأستاذ مهدي بن إبراهيم الراقدي بتشكيل عدة لجان لمعاينة مبنى المدرسة، وذلك بناء على الشكوى التي تقدم بها عدد من أولياء أمور طلبة هذه المدرسة، وأوصت هذه اللجان بالبحث عن مبنى آخر للمدرسة بالنظر إلى أن المبنى الحالي لا يخدم مصلحة جميع ساكني الأحياء المحيطة به، كما تم تشكيل لجنة أخيرة بمشاركة مندوب من إمارة منطقة عسير وأوصت هذه اللجنة أيضاً باختيار مبنى آخر مناسب، إلا أن مندوب الإمارة خالف توجهات أعضاء هذه اللجنة وتفرد برأيه، وارتأى بقاء المدرسة في موقعها الحالي. من ناحية أخرى وفي موقف مناقض لما أكده أولياء أمور الطلبة وبعض أعضاء اللجان المشكلة لدراسة موضوع هذه المدرسة، نفى مدير الشؤون الإدارية والمالية بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة عسير الأستاذ علي خواجي صحة قيام مندوب إمارة منطقة عسير عضو اللجنة التي تم تشكيلها من قبل مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة مؤخراً بالانفراد برأيه، مشيراً إلى أنه قد قام بمساندة آراء بعض أعضاء اللجنة المشكلة، والذين رأوا أن يتم اختيار مبنى آخر غير المبنى الحالي ليكون مقراً للمدرسة، إلا أن ما حدث هو أن غالبية أعضاء اللجنة ارتأوا بقاء المدرسة في مقرها الحالي.