على الرغم من تأكيدات وزارة التربية والتعليم بسرعة الاستغناء عن المدارس المستأجرة التى تعاني من نقص كبير في مجال الأمن والسلامة، إلا أن المشروع لا يزال يواجه حالة من التعثر نتيجة شح الأراضي وتأخر إنجاز المقاولين للمشاريع. يأتي ذلك في حين تعج هذه المدارس المستأجرة بالمخالفات المختلفة ومنها تهالك المباني وسوء الصيانة وغياب مخارج الطوارئ مما يهدد سلامة الطلاب في أي وقت. البداية كانت جولة ميدانية ل «المدينة» على مدارس الطائف، خاصة مدارس البنات حيث تبين أن الكثير منها عبارة عن أفران ساخنة قد تؤدي إلى كارثة كبيرة في أي لحظة، ورصدت الكاميرا وجود الكثير من الهناجر والحديد على مداخل المدارس والنوافذ، والأسطح مما يستحيل معه الإنقاذ في حالات الطوارئ المختلفة، كما أن غالبية مخارج الطوارئ مغلقة تمامًا بالحديد ومحكمة باللحام . ورصدت «الجولة» أن غالبية المدارس التي عليها ملاحظات هى مدارس مستأجرة وأن هناك صعوبة في البحث عن مبانٍ أخرى، لعدم توفر الأراضي المناسبة داخل الأحياء التي يمكن بناء مدارس نموذجية عليها، كما تم رصد ملاحظات أخرى خطيرة منها عدم وجود مخارج لبعض المدارس المستأجرة، فيما المكان المخصص للدخول والخروج واحد، مما يؤدي الى تفاقم الكارثة في حالة وقوع أي طارئ، وفي جازان تعاني المدارس المستأجرة من غياب العديد من مقومات نجاح العملية التربوية، ففي إحدى المدارس المستأجرة يتجاوز عدد الطلاب 600 طالب في 19 فصلاً، وهذا العدد الكبير أدى إلى تكدس الطلاب في فصل واحد يتجاوز عدد طلابه 58 طالبًا، ورغم تبرع بعض المواطنين بقطع أراضٍ من أجل إقامة مباني حكومية ولكنها حتى الآن لم يتم بنائها أو استكمال بنائها. وتعد مدرسة الكربوس الابتدائية من أحدث المدارس المستأجرة بداخل قرية الكربوس التابعة لمدينة جازان وهي مخصصة للمرحلة الابتدائية بنات. وعنها تقول أم أحمد إنها عبارة عن «خرابة» وتفيد بأنها تجولت بداخلها ولم ترَ إلا الأزقة المتسخة والحمامات المليئة بالقوارض والحشرات. وفيما يخص الأمن والسلامة قالت: المدرسة قد أنشأت سلالم للطوارئ بسعة متر واحد تقريبا من الحديد ويمكن تحريكه باليد على علو 3 طوابق، أما مخرج الطوارئ بالدور الثالث مغلق بسبب عدم وجود سلالم له ولو حدثت كارثة بالداخل وتدافعت الطالبات والمدرسات للخروج لسقطن إما مخرج الطوارئ بالدور الأرضي مغلق من الخارج بقفل، أما أحمد محمد أب لبنتين بداخل المدرسة يقول: كلما ما أتيت إلى المدرسة أضيع طريقها وكل ما سألت عنها قالوا: لا نعلم حيث لا توجد أي إرشادات أو لوحة باسم المدرسة. وناشد المسؤولين الاهتمام باللوحات الإرشادية للمدرسة حتى لو حدث أي طارئ تمكن الدفاع المدني من الوصول. خلافات على الترميم والصيانة وفي مدرسة البديع والقرفي اشتكت عدد من معلمات المدرسة من سوء مبناهن المدرسي وأوضحن أن المدرسة عبارة عن مبنى مستأجر يحتاج إلى صيانة وكهرباء، موضحات أنهن يخاطبن الإدارة بصفة يومية، ولكن بلا جدوى لأن صاحب المبنى المستأجر هو الذي يقوم بالترميم والصيانة، وصاحب المبنى يقول: لا. وأوضحت المعلمة أ.ج قائلة: المبنى سيئ ونحن متضررات منه ولدينا مبنى جديد، ولم ننقل إليه حتى الآن، ولو أصيبت طالبة بصعقة كهربائية نتيجة تسريب المياه فمن سيكون المسؤول، مشيرة إلى أن مشكلة المدرسة لدى مدير التعليم والدفاع المدني. وتحدثت ع.ش عن حالة الذعر الناتجة عن تسرب المياه وتقاطرها من السقف حتى جرت على أسلاك الكهرباء، وطفح الصرف الصحي، وما نتج عنه من روائح وصراصير وفئران. مؤكدة أن المبنى تم إخلاؤه من قبل الدفاع المدني؛ لاحتراق العداد الكهربائي أكثر من مرة، واحتراق معمل الحاسب، وتم الإشارة إلى أن التسليكات الكهربائية عشوائية، وقديمة ومتهالكة. والمدرسة بحاجة إلى مخارج طوارئ، وإلى اليوم لم يفعلوا شيئًا لنا من الذي أمر به الدفاع المدني . وتابعت حديثها: منذ ثلاث سنوات، ونحن نكابد، ونرفع خطابات متعددة باسم المديرة، وباسم المعلمات على أننا متضررات من هذا المبنى، وآخر خطاب مع نهاية الفصل الثاني الماضي. وأضافت إذا تعطلت العملية التعليمية وتكرر الغياب، وعدم الالتزام، وكثرت الأمراض وتعددت المراجعات الصحية، فهذا دليل واضح على أن البيئة التعليمية غير صحية. وعقب ذلك استبشرنا خيرًا حين علمنا بأمر نقلنا وأن ذلك سوف يكون على أقصى حد بعد سنة، وبالفعل أنشأ المبنى الجديد وانتهى البناء، وفي هذا العام، حينما أقدمنا على النقل أخبرونا بأنه تم تجديد عقد المبنى المستأجر، وكانت صدمة كبيرة للجميع. مدرسة الجهو وقد تذمرت الطالبات وأولياء أمورهن بمدرسة الجهو للبنات الابتدائية والمتوسطة من قدم المدرسة الخاصة ببناتهن وانتهاء عمرها الافتراضي منذ فترة. وقال أحد أولياء أمور الطالبات بأنه درس في هذه المدرسة قبل 20 عامًا، وكانت تابعة لإدارة تعليم البنين في السابق، ثم تم تغييرها للبنات منذ عدة سنوات بالرغم من إفادة الدفاع المدني بضرورة إخلاء المدرسة منذ عدة سنوات لوجود مخالفات لاشتراطات السلامة في المبنى، وكذلك وجود أسلاك كهربائية مكشوفة على الأرض وأشار إلى انه تم مخاطبة إدارة التعليم بضرورة إخلاء المدرسة منذ فترة ولكن إلى الآن لم يتم إخلاءها بالرغم من توفر عدد من المباني البديلة التي يمكن استئجارها. وفي مدرسة الشقيري المتوسطة والثانوية والتي يعاني طلابها ومعلموها من هبوط في سقف المبنى أصبحت غير قادرة على استيعاب 600 طالب، ورغم تبرع الأهالي بقطعة أرض منذ عشر سنوات، وقيام الإدارة بالبناء عليها منذ عام 1427ه إلا أن المبنى لم يرَ النور حتى الآن، رغم تحديد موعد التسليم في 30 من ذي القعدة لعام 1430ه. ويقول وكيل المدرسة علي حسن منصور إن المبنى الحالي للمدرسة مستأجر ولا يفي بالغرض التعليمي وقد اطلع مدير تعليم صبيا على الوضع الحالي، ونتمنى أن تقوم إدارة التعليم بمخاطبة المؤسسة المنفذة للمشروع حتى يتسنى تسليمه في وقت مناسب. وتحدث عبدالعزيز الأمير معلم فقال: فوجئنا بتخطيط المبنى المدرسي الحالي بنموذج 15/2 وهو لا يمكن أن يكون مجمع دراسي، وقد قام مدير المدرسة بمخاطبة الشؤون الهندسية من أجل إضافة دور ثالث من الآن فأفاد مدير الشؤون الهندسية بتعليم صبيا المهندس ماجد حداد بأن هذه الإضافة لا تتم إلا بعد تسليم المشروع من المقاول خاصة وأن هذه الإضافة يترتب عليها اعتماد من وزارة التربية والتعليم ومن المالية. معاناة لا تنتهي أما في مدرسة كدمي الدش بالموسم فقد انتظرت معلمات وطالبات المدرسة حلم انتهاء مبنى المدرسة الجديد، ووصفت الطالبة فاطمة أريبي المبنى القديم بالمتهالك والآيل للسقوط في أية لحظة ولم تخفِ الطالبة نسرين حرملي خوفها من سقوطه أثناء تواجدهن فيه، وقالت: إن المبنى ينقصه التكييف في بعض الفصول رغم أن إدارة المدرسة خاطبت إدارة المباني والتجهيزات؛ لأن العمل في المبنى الجديد متوقف والسبب مجهول، كما خاطبت الإدارة شركة الكهرباء للصيانة لكن دون جدوى، وقالت الطالبة الحرملي نحلم بمدرسة جديدة وآمنة لكن هذا حلم لن يتحقق خلال فترة تواجدنا في المدرسة ولعل هذه المناشدة تستفيد منها الأجيال القادمة من بعدنا. جازان: سحب مشروع مدرسة الكدمي من المقاول قال مدير إدارة الإعلام التربوي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة جازان محمد الرياني: إن مشروع إنشاء مدرسة كدمي الدش نموذج 12 فصل متوقف، وتم إنذار المقاول أكثر من مرة، وأخذت عليه التعهدات اللازمة وآخرها تعهد لإنهاء الأعمال بعد 45 يومًا إلا أنه لم يلتزم بالتعهد وجارٍ اتخاذ الإجراءات النظامية حيال سحب المشروع. تعليم صبيا: تعثر المشاريع وتوفير الأراضي هاجس الجميع أوضح المهندس ماجد حداد مدير الشؤون الهندسية بإدارة التربية والتعليم بمحافظة صبيا أنه سيتم تخفيض المدارس المستأجرة إلى النصف خلال السنوات القليلة المقبلة، ودعا المواطنين إلى إيجاد أراضٍ من أجل إقامة المباني الحكومية عليها، مشيرًا إلى أن عدد المباني المدرسية في تعليم صبيا 330 مبنى مدرسيًا تبلغ عدد المباني الحكومية منها 170 مبنى، والمباني المستأجرة 160 مبنى. أما مدير التربية والتعليم بمحافظة صبيا إبراهيم بن محمد الحازمي أوضح للمدينة بأن تعثر مشاريع المباني الحكومية وإيجاد المتبرعين بالأراضي أصبح يمثل هاجسًا بالنسبة لي، وقد تمكنا من إيجاد عدد من الأراضي التي تبرع بها المواطنون وسنسعى لإيجاد المزيد. وعن المشاريع المتعثرة قال الحازمي: تم مخاطبة عدد من المقاولين والجلوس معهم، ثم مع محافظ صبيا من أجل تسريع العمل في تجهيز المباني المدرسية، كما تم إخبار وكيل إمارة جازان بهذه المشكلة التي تؤرقنا، وإلزام المقاولين بالإسراع في إنهاء المدارس في الوقت المحدد. وعن مشروع مدرسة الشقيري أكد الحازمي على سرعة إنهاء المقاول للمشروع وذلك لسوء المبنى المستأجر الحالي وعدم استيعابه للطلاب. وقال الحازمي: إنه تم الرفع بطلب افتتاح مدرسة ثانوية رابعة في القطاع، وذلك من أجل تخفيف الازدحام عن ثانويات (الشقيري – خضيرة – الحرجة – ضمد). الدفاع المدني يؤكد رصد عشرات الملاحظات على المدارس أكد مصدر في الدفاع المدني بجازان القيام بجولات مكثفة على كافة المدارس مؤكدًا رصد الكثير من الملاحظات على عشرات المدارس، كما جرى مخاطبة إدارة التربية والتعليم لاتخاذ اللازم حيالها. ولفت إلى وجود ملف لكل مدرسة بجميع الملاحظات المرصودة والإجراءات التي اتخذت حيالها. تعليم الطائف يبحث عن أراضٍ ل 100 مدرسة أكدت إدارة التربية والتعليم في الطائف أنها تبحث حاليًا عن أراضٍ من أجل إنشاء 100 مدرسة في مختلف أحياء الطائف، وأوضحت أن المساحات المطلوبة تتراوح ما بين 4000 إلى 12000 متر مربع مشيرة إلى أن المباني النموذجية تسهم في تلافي كافة الملاحظات في المدارس المستأجرة الحالية. التربية : 2.2 مليار ريال للتخلص من المباني المستأجرة وقع مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بوزارة التربية والتعليم صالح الحميدي مؤخرًا عددًا من العقود لإنشاء مبانٍ مدرسية في عدد من مناطق ومحافظات المملكة بمبلغ قدره ملياران ومائتا مليون ريال. وبين الحميدي أن توقيع هذه العقود يأتي تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وبمتابعة من سمو وزير التربية والتعليم تمشيًا مع سياسة الوزارة للاستغناء عن المباني المستأجرة وتلبية للطلب المتلاحق للمباني المدرسية الحكومية بكافة مناطق ومحافظات المملكة. من جهته أكد مدير عام المشتريات بالوزارة سعيد الفروان أن توقيع هذه العقود ما هو إلا جزء من تنفيذ خطة الوزارة لمقابلة النمو المتزايد ولإحلال المباني المستأجرة بمبانٍ حكومية، مؤكدًا أن لدى الوزارة الكثير من عقود المباني التي سيتم توقيعها مستقبلاً.