ان الشعر الشعبي موهبة وخلق.. والكلمة الشعرية عرق نفيس وغال.. كما ان الشعر يعتبر بلورة للأحاسيس والمشاعر المحمولة بالحب والشفافية تعايشه مع قسوة الواقع وألق الأحلام التي امتزجت مع حس شاعرها المرهف المشبع بشتى اشكال الأحاسيس.. وماسة من التأملات الفنية الجذابة الخالية من اي شائبة تلامس شغاف القلوب وتسكن فيه وتظل جوهرة ثمينة في جبين التاريخ والحضارة. ونحن هنا وعبر قارب الشعر المبحر (صفحة الخزامى) لازلنا نواصل مشوار البحث في هذه الدوحة الجميلة لنقف اليوم لمعرفة احد شعراء هذه الساحة متصفحين ملفه وأرشيفه الشعري انه الشاعر: عبدالعزيز بن محمد عيد المطرفي الهذلي.. الملقب ب(العزي) ولد رحمه الله في مركز البرة.. انه شاعر عرف ببريقه وبروزه من خلال قصائده في ارتجال الكلام.. شاعر اكتسب موهبة الشعر وهو في عنفوان شبابه ونقلها من خلال الممارسة ومجالسة شعراء عصره منذ ان نبغ في الشعر جامعاً بين ثقافة البحر والبر في شعره.. شاعر بسيط كبساطة الحياة التي عاشها حيث كان يقول رحمه الله بنفس السهولة وعلى ما كان عليه من أصالة وعراقة.. واتضح ذلك من خلال قصائده انه شاعر اشاع في الساحة البهجة في نفوس السامعين والمتابعين لشعره رحمه الله وخاصة ابناء جيله. عمل الشاعر عبدالعزيز بن عيد رحمه الله بجانب والده في مهنة الزراعة ولكن ضيق المال وقلة الموارد في ذلك الزمن دفعته للرحيل تاركاً بلدته ومسقط رأسه (البرة) بحثاً عن الرزق وعن لقمة العيش وهو في مقتبل عمره ليبدأ مزاولة مهنة الغوص ولم يستقر به المطاف في مكان واحد بل تنقل بين دول الخليج العربي في ذلك الوقت ليقضي فترة بقائه اشهراً داخل مياه الخليج مزاولاً مهنة الصيد والغوص واستخراج اللؤلؤ معاً ومواجهة اهوال البحر وأمواجه المتلاطمة بعيداً عن أهله وذويه وأبناء عمومته في مسقط رأسه (البرة) ودفعته غربته لتنظيم عدد من القصائد الشعرية منها هذه القصيدة التي قالها في الإمارات وهو في البحر: نطلب اللي جميع الخلق يرجونه ضامن الرزق للمخلوق سبحانه الهذيلي كلاماً له.. يشيلونه يوم جا في محله جاب ديوانه جاب فن النشاما اللي يشيلونه مايهاب الدخل لاشاش ديقانه مثل نقد الذهب لاجو يعدونه والذهب صافي جامن ثمن دانه قاسم وينكم باللي تعينونه عينو اللي سوات الورد ضيفانه السلاطين همر.. بيغزلونه حدرو باشة بالصدر نيشانه قبل فعله معاشه ما يمشونه ابذر الشر تلقى الخير ختمانه ان مفارقة الديار والأهل والبعد عن الوطن من الأمور التي اشتكى منها الشعراء في (قديم) الزمن وحديثه.. والحنين الى الوطن فيه معنى الوفاء للوطن وأجمل مافي الحياة هي الذكرى فعندها يرجع العقل الى الماضي بأنس كل متشوق متأملاً شريط طفولته التي قضاها في معالم ذكرياته. وكثير ما عاشه الشاعر العيد في موطن ارتحل اليه وأصاب فيه سعة من العيش ومتعه في الحياة من اجل البحث عن نعمة العيش بالعمل في مهنة الغوص فهو رحمه الله تشوق دائماً الى مسقط رأسه (البرة) وعاوده الحنين اليها بين حين وآخر ويأنس ويتأمل مربى طفولته ومراتع صباه التي قضاها في معالم ذكرياته التي لم يبق منها اطلالها المرتسمة على تقاسيم الوجه وتضاريس الطبيعة كجبل الضعينة وقصر سعود والأحور ووادي البرة والآبار القديمة كمحقبه والثرماني والحجيلا التي كانت بالأمس موارد مياه تعج بالحركة والناس وما تحمل بين جوانبها من مراع ودوحات خضراء.. فقد جعل من بلدته متنفساً له يبعث اليها آلامه وأحزانه ويستشف من لواعج الوجد والغربة بحنينه اليها شعراً منها هذه القصيدة التي قال فيها: يا فاطري لا تكثرين الحنينا ولايدك بخاطرك كل دوّاه تبكين فرقا يوم وأبكي سنينا ويلي على فرقا المحبين ويلاه مدري بلاك مءفارق الظاعنينا ولا على جيان موقق ومرعاه يا فاطري هذي سوات اللعينا منك الحنين ومني القلب عنّاه وجدى على العمّان والوالدينا والعيد يا ماقلت به واحلالاه ويحق للوالد وصوله علينا والبر ما دام مع الحي نلقاه من قبل ما ينسف علينا الدفينا ولا عليه بساعةٍ ما حضرناه اما عليهم مثل النعايم لفينا ولا همزنا همزة مقيط ورشاه ومن غزلياته هذه القصيدة التي قال فيها: بديت ذكر الله على كل شان أرجيه يهيئ لي جميع المطاليب وما قلتها باغي عطا من لساني وما همني شوف البي الرعابيب لاهب نسناس الهوا ذعذعاني قمت أتجلد فيه وأعوي عو الذيب خلاف ذا ياراكبين الهجاني فج العضود مهذبات العراقيب إلى أن قال: نجره تويلي الليل له دندياني وسوالف تطرب لها والتعاجيب قصر بناه العز ما هوب فاني لو فنءيت الدنيا بقاله شخانيب قصر يقلط به صحون وصياني وزاد العراق ايدامه الفطر الشيب ومن قصائده تلك القصائد التي قالها ممتدحاً فيها الملك عبدالعزيز يرحمه الله حيث قال: يا الله ياللي مابعد صك بابه ياللي غني وكل خلقه مقاليل رب السما رب الوطن رب مابه يا رب خلقه رب طاها وجبريل تعلم ما لا نعلم خفيٍ خفا.. به وتوحي ما لا نوحي من ألفاظ ما قيل يا من على الطاغي شديد عذابه ترجي العفو يا من عذابه بسجّيل عساي من اللي في يمينه كتابه ولا تواخذني بالأفعال والقيل قال الذي زين الغرايب لوى به شطّر على قافٍ غريب التماثيل ألفٍ هلا باللي لفانا ركابه باللي على كور النجايب مراسيل كسرت عصى من سب دين الوهابه الدين دين الله ولا فيه تبديل وبكتاب ربٍ عز من هو كتابه تعز دينك بالشيوخ المشاكيل ومن أبيات القصيدة قوله: سلام يا مزري النصايا عذابه كيف أنت يا معطي المهار المشاويل يا نور نجد وسورها وأنت بابه يا هاجد الحكام في مظالم الليل عبدالعزيز اللي براسه صلابه تعيش يا شارب جميع الفناجيل إلى أن قال: والسيف مكّن بالعرابي ذبابه ظلم بهم عدلٍ وعدلٍ بهم ميل والسيف الاقصى صابرٍ به رطابه لا جا هواكم ذبّل السيف تذبيل وصلاة ربي عد ناشي سحابه ما هل وبلٍ في حقوق المخاييل على النبي الهاشمي والصحابه اللي بهم سورة تبارك وتنزيل مقاطع شعرية من أرشيف الشاعر: صلّيت للّي يسمك الطير لاطار خرّت دموعي يوم أنا ساجد له يا الله ياللي للمصلين غفّار ترزقني الجنه وذنبي تحلّه ان مت قبري روض غاطيه نوّار ولا بدنى من ساعةٍ موجبٍ له هذا وزاول الشاعر مهنة الغوص إلى أن انتقل إلى جوار ربه في احدى الدول الخليجية بسبب مرض ألم به تاركاً شعره - رحمه الله - الذي بقي وسيظل راسخاً وخالداً ومحفوراً في ذاكرة كل متذوق من عشاقه ومحبيه في هذه الساحة والمتابعين لشعره رحمه الله.