تطل الخيل بصهيلها وشموخها في سوق عكاظ في الطائف لتؤكد أن التاريخ العربي مرتبط ب «بنات الريح» كما يطلق عليها في الجزيرة العربية. جادة سوق عكاظ التي شهدت أمس الأول استعراضاً يبين براعة أحد الفرسان وهو يؤدي مشهداً تمثيلياً لسقوط جواده أمام الزوار، كانت طيلة الأيام الماضية ميدانا للأصالة والفروسية. ولعل حضور الخيل في الجادة يؤكد حرص المنظمين على اكتمال المشهد التاريخي المرتبط بالمكان والإنسان في نفس الوقت، والذي لعب فيه الجواد العربي دورا بارزا في الفتوحات والمعارك والشعر. والخيل التي جسدت عنفوان وشجاعة العرب، سميت خيلا لأنها تشعر بالخيلاء في سيرها وعدوها وأثناء وقوفها، وأهم ما يميز الحصان العربي وفاءه النادر لصاحبه، فهو لا يدهسه أبدا إذا سقط عن صهوته، في حين نجده يدوس جماجم القتلى من الأعداء والجرحى، ويغرس سنابكه القوية في أجسادهم، وفي ذلك يقول عنترة: تدوس على الفوارس وهي تعدو وقد أخذت جماجمهم نعالا ويقول شداد بن معاوية العبسي، والد عنترة في قوة حصانه «الأغر»، وكيفية الدفاع عنه في أرض المعركة: جزى الله الأغر جزاء صدقٍ إذا ما أوقدت نار الحروب يقيني بالجبين ومنكبيه وأحميه بمطرد الكعوب وعندما نستعرض المعلقات السبع التي ارتبطت بسوق عكاظ، وتعد النموذج الفني الرفيع للشعر العربي على مر العصور المتلاحقة، نجد أن الخيل كانت حاضرة فيها جميعا وهذا دليل واضح على أهمية الخيل في واقع العرب وبيئاتهم الاجتماعية والسياسية والأدبية. يقول امرؤ القيس واصفا الخيل: وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هيكل مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل ويقول طرفة بن العبد في معلقته: ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى وجدك لم أحفل متى قام عودي فمنهن سبقي العاذلات بشربة كميت متى ما تعل بالماء تزب وكري إذا نادى المضاف مجنبا كسيد الغضا نبهته المتورد.