غيب الموت العلامة الفقيه الشيخ عبدالله بن عقيل ظهرالثلاثاء الموافق: 8/10/1432ه. وبغيابه انطوت صفحة مهمة أنارت في بلادنا ضمن مسيرة حافلة في علم الفقه الحنبلي. ومعروف أن علم الفقه هو أسمى العلوم الشرعية على الإطلاق وحثت الشرعية المطهرة بالعناية به والرفع من قدره وشأنه وكان كثير من علماء نجد يولعون فيه ويهتمون به وكما قيل ليس كل عالم فقيه بل كل فقيه عالم ويكفي هذا العلم شرفاً تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم لحامله فدعوته لابن عباس مشهورة بقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم فقهّ في الدين لست في تعداد مزايا هذا العلم إلا أن الفقيد عليه شآبيب الرحمة قد نال نصيباً منه وأصبح من ابرز علمائه في العقود الأخيرة. بدأت معرفتي به منذ عام 1420ه فكنت أتردد عليه مع شيخنا الراحل الفقيه إبراهيم بن عثمان (ت 1426ه) وكذلك بعد وفاته فكان النقاش يدور حول طلاب العلم في نجد وبعض فقهائها وعلمائها وعن بعض مؤلفاتهم ومخطوطاتهم وهكذا. كنت أشرف باتصالاته في بعض الأوقات لمناقشة بعض القضايا التاريخية والمخطوطات النجدية. حدثني رحمه الله انه أدرك بعض المؤرخين ومنهم العلامة إبراهيم بن صالح بن عيسى مؤرخ نجد (ت 1343ه) وذكر انه كان يلعب مع الصبيان حينئذ ونظر إلى جنازته -ابن عيسى- والناس يحملونه إلى مقبرته. تولي الشيخ ابن عقيل قضاء الرياض منذ عام 1366ه تنقل بعد ذلك التاريخ إلى أكثر من مدينة من مدن بلادنا وله في الرياض قصص وحكايات قمت بتسجيل بعضها أو تدوينها عرف عنه بحفظ الود لمشائخه وله معهم ذكريات ماتعة هذا بخلاف خلقه الجميل وتواضعه الجّم مع طلابه والناس عامة وهي ميزة كبرى لا ينالها إلا أهل الفضل. استفدت منه ودونت عنه فيمن زامله من طلاب العلم وعن مدينة الرياض في تلكم المرحلة وبعض تطوراتها وعلمائها ونقله عن مشايخها ورجالاتها. للشيخ عبدالله بن عقيل عناية بالمخطوطات وكتب الفقه على وجه الخصوص- وشاهدت ذلك بنفسي عند دخولي لمكتبته - واذكر أنني حدثته عن احد العلماء النجديين في القرن التاسع الهجري فذكر لي أن لهذا العالم تهميشات وتملكات على بعض المخطوطات لديه. ومن النادر أن لا تجد كتاباً من كتب الفقه الحنبلي إلا وعليه تهميشات له أو تعليقات عليه أو تصحيحات بخطه حيث شاهدت ذلك عندما أزوره ولديه بعض تلامذته للقراءة عليه. كما أن للشيخ عناية في التاريخ والتراجم وتحتوي مكتبته على بعض النوادر منها بخلاف مذكراته الخاصة وكذلك أوراقه العديدة عن رحلات علمية وزيارات لبعض العلماء فضلاً عن الفتاوى التي كان يجمعها للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بالإضافة إلى أن لديه تراجم شخصية لبعض العلماء والبلدان. ومن ذلك مذكرات وأوراق كتبها في رحلة للأحساء في السبعينيات الهجرية من القرن الماضي -أكثر من ستين عاماً- ولقاؤه مع بعض العلماء ومشاهدة بعض المكتبات هناك وهي مقيدة بخطه ضمن أحد دفاتره بالإضافة إلى نبذة كتبها عن علماء وأمراء عنيزة واستعارها منه الشيخ محمد بن مانع رحمه الله. (كما حدثني تلميذه الشيخ عبدالعزيز بن سعد الدغيثر الذي أطلعه على هذه الأوراق). هذا بخلاف ثلاثة مجلدات ستخرج عن بعض أوراقه ومراسلاته وأوراق علمية له تنتظر الفسح الإعلامي من مدة طويلة!!. وإذا كان من خاتمة فهي عزاؤنا لأبنائه وأحفاده الكرام وطلاب العلم فيه والأمر الآخر أن يسعى أبناؤه بنشر أثاره ومؤلفاته بالإضافة إلى مطلب مهم عند كثير من تلامذته وطلاب العلم بأن يقوم الأبناء بحفظ مكتبة والدهم وإيقافها وأن تلحق في مسجده الذي بناه ووضع قيمين عليها ثقاة وذلك أدعى لنمائها وحفظها والانتفاع منها على مر الأعوام.