سألني أحد الاخوة عن أنه قرأ في أحكام الصلاة عن أوقات النهي وأنها خمسة أحدها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن طلوعها إلى ارتفاعها قيد رمح وعند توسطها في السماء ومن صلاة العصر حتى قبيل غروب الشمس ومن ذلك حتى تغرب، وقال وحينما اتأمل في هذه الأوقات أجدها ثلاثة فقط فما وجه اعتبارها خمسة، ومن المعلوم أنه لا تجوز الصلاة النافلة في وقت النهي فما معنى استثناء صلاة نفل لها سبب بجواز فعلها في وقت النهي؟ ُفأجبته بأن وقت النهي من طلوع الفجر حتى طلوع الشمس يعتبر وقت نهي غير جازم ومن طلوع الشمس حتى ارتفاعها قيد رمح يُعد وقت نهي جازم صلاة النفل فيه مؤكد النهي عنها لأن هذا الوقت من أوقات عبَّاد الشمس فصار الوقت وإن كان متصلاً وقتين وقتاً غير مؤكد النهي فيه ووقت النهي فيه عن الصلاة النفل مؤكد فصار بذلك وقتين ومثله وقتا النهي بعد صلاة العصر. وهذا والله أعلم وجه اعتبار الوقتين أربعة أوقات، وأما وجه جواز صلاة النفل مما لها سبب مطلقاً سواء أكان ذلك في وقت نهي أم لا. فلا يخفى أن الغالب الأغلب أن كل عام مخصوص سواء أكان مصدر التخصيص نفلاً أم عقلاً. والصلاة النفل ذات السبب مخصوص جوازها مطلقاً بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية كأمره صلى الله عليه وسلم من دخل المسجد ألا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد أو التغرير به حيث أقر صلى الله عليه وسلم بلالاً رضي الله عنه على صلاته ركعتين عقب كل وضوء ولم يستثن صلى الله عليه وسلم أوقات النهي. وقد أخذ بهذا التخصيص مجموعة من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما. ومن صلوات النفل الجائز فعلها مطلقاً في أي وقت ركعتا الطواف وتحية المسجد وركعتا الوضوء وسجدة التلاوة والشكر لمن اعتبرهما صلاة، وصلاة الكسوف والخسوف في حال حصولها وقت نهي، وركعتا الفجر لمن فاته أداؤهما قبل صلاة الفجر فيصليهما قضاءً بعد صلاة الفجر في وقت النهي. والله أعلم. وسألني سائل آخر يقول في سؤاله: النصوص كثيرة في نهي من يدخل الحمام لقضاء حاجته عن ذكر الله فيه ومع ذلك جاءت نصوص أخرى تجيز أو توجه من دخل الحمام أو انتهى من قضاء حاجته فيه أن يدعو بما ورد فكيف الجمع بين النهي والإباحة؟ فأجبته بأن النصوص الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذكر الله في الحمام نصوص عامة وكل عموم مخصوص. فلا يجوز لمن دخل الحمام ان يقرأ القرآن أو يذكر الله حمداً أو دعاءً أو غير ذلك لغير سبب. حيث إن مكان قضاء الحاجة مكان نجاسة وقذارة والله سبحانه وتعالى محل تقديس وإجلال ورفعة مقام فلا يذكر الله إلا في مكان لائق بجلاله وعظمته. وهذا هو علة الأصل في المنع ولكن إذا اقتضى الأمر سبباً أخذ بالسبب في التخصيص مع الاقتصار على ما يقتضيه التخصيص، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء عند دخول الحمام. اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ومن الرجس والرجائس النجس من الشيطان الرجيم. وإذا انتهى من قضاء حاجته وهو في الحمام يقول: الحمد لله الذي أخرجه مني بلا حول مني ولا قوة. وكذلك إذا أراد الوضوء في الحمام يجب عليه أن يسمي فإن التسمية عند الوضوء واجبة مع الذكر عند جمع من أهل العلم. ولم ينه صلى الله عليه وسلم عن الوضوء في الحمام. وخلاصة الجواب النهي عن ذكر الله في الحمام على وجه العموم ويستثنى من النهي على سبيل التخصيص ما ورد من جواز ذلك لسببه والله أعلم. وسألني سائل ثالث عن اليمين الغموس ما نوعها من الايمان وهل كفارة اليمين كفارة لها وما معنى وصفها بالغموس؟ فأجبته بأن اليمين الغموس هي اليمين على أمر ماض سواء أكان ذلك فعلاً أو تركاً.. وهو يعلم كذبه في ذلك، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار لعظم جرمها لاسيما إذا اقتطع بها حق مسلم، وقد قال جمهور أهل العلم بأنه لا كفارة لها لعظم جرمها. وبعض أهل العلم قال بكفارتها كفارة يمين إذا لم يقتطع بها حق مسلم كأن يحلف كاذباً أنه لم يفعل كذا أو لم يمنع من كذا. وقليل من أهل العلم من قال بوجوب الكفارة على اليمين الغموس مطلقاً لعموم قوله تعالى عن اليمين: فكفارته إطعام عشرة مساكين.. إلى آخر الآية. والله أعلم. * عضو هيئة كبار العلماء