سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرحمة ل «الرياض»: الطرق التقليدية الأفضل في التحضير و20٪ من وزنها بروتين استخدمت بديلا للحوم .. والمستورد أقل في الجودة والإقبال طريقة لحفظ «الفقع» ترفع سعر الكيلو ل500 ريال
تعد فطريات الكمأة (الفقع) بشكل عام من أقدم الأطعمة المعروفة لدى العرب واليونانيين القدامى منذ نحو 3000 سنة قبل الميلاد، وجاء من بعدهم الرومان الذين أولعوا بها واعتبروها على رأس أطيب الطعام الجديد بالموائد الفخمة العامرة التي كانت تقدم للملوك والأباطرة وطبقة النبلاء . ويقول الدكتور عبد الله بن ناصر الرحمة أستاذ علم الفطريات وعضو هيئة التدريس بقسم النبات والأحياء الدقيقة بكلية العلوم بجامعة الملك سعود بالرياض: انه لندرة الكمأ الصحراوي، بسبب مشقة البحث عنه وصعوبة جمعه وموسمه القصير للغاية، فإن الناس وخاصة في منطقة نجد يقبلون على شرائه بشكل كبير، مما يؤدي إلى المبالغة في أسعاره، فقد يصل سعر الكرتون الواحد من زنة 3 كجم في بداية موسم ظهوره إلى خمسة آلاف ريال أو أكثر، ثم بعد ذلك تبدأ أسعاره بالتناقص تدريجياً على حسب جودته ووفرته في السوق إلى أن يصل سعر الكيلو جرام الواحد منه إلى حوالي مائة ريال أو أقل من ذلك، وفقاً للعرض والطلب خصوصاً عندما يتوافر بالأسواق الكمأ المستورد من منطقة المغرب العربي الأقل جوده وإقبالاً لدى المستهلك الخليجي من نظيره كمأ صحاري شبه الجزيرة العربية . ويضيف الى القول انه ومنذ فترة طويلة استخدمت الكمأة بديلاً للحوم، لأن ثمارها الزقية لحمية القوام، وإذا طبخت فإن طعمها يشبه إلى حد كبير طعم كلى الضأن ويشبه طهي الكمأة وتحضيرها تلك الطرق المستخدمة في إعداد اللحوم وطبخها . ويشير الرحمة الى ان هناك عدة طرق لتجهيز الكمأة الصحراوية للأكل، إلا أن الطريقة التقليدية في إعدادها وتحضيرها لا تزال من أفضل الطرق وألذها وأكثرها شيوعاً، وهي إما بطبخها بعد تنظيفها من الأتربة مع الأرز أو مع بعض الأكلات الشعبية المعروفة في منطقة نجد (كالمرقوق والمطازيز والقرصان)، أو أن تسلق وتوضع بعد نضجها في إناء ويضاف إليها ملح وزبدة أو سمن بلدي، وتقدم مع الأكل، أو تفرم وتقدم ساخنة، ويقوم البعض من مستهلكيها بتقطيع ثمارها الزقية إلى شرائح لحمية صغيرة وتناولها كما هي، أو مخلوطة بأوراق الخضروات الغضة . ويعمل البعض - وخاصة البادية على خبزها بالملة (رماد النار) بعد تمليحها، ثم يأكلونها ويشربون عليها اللبن . وفي شمال أفريقيا يقوم الأهالي هناك بطبخ الكمأة مع الثوم والفلفل الأحمر والكزبرة والكمون وقليل من عصير حمض الليمون، كما يقوم البعض في شمال أفريقيا بشي الكمأة بالفرن بعد لفها برقائق الألمنيوم، حيث ينساب منها عصير شهي ولذيذ . وحول محتوياتها وقيمتها الغذائية يؤكد الرحمة بان الكمأة غنية بالماء فهي تعتبر مصدراً مائياً ممتازاً للعرب الرحل الذين يعيشون في الصحراء، كما أنها لذيذة الطعم وقليلة السعرات الحرارية، علاوة على مكانتها الممتازة كطعام فاخر في كثير من بلدان العالم، وذلك لا حتوائها على نسبة عالية من البروتينات والعناصر المعدنية والفيتامينات الضرورية للإنسان . فقد أثبتت التحاليل الكيميائية للكمأة أنها تحتوي على أكثر من 20٪ من وزنها الغض بروتيناً، بينما يصل في عيش الغراب إلى حوالي 5٪ فقط، وفي اللحم البقري 19,2٪، والدجاج 12,6٪، والسمك 9,2٪، والفول الأخضر 2,2٪، أي أنها تفوق اللحم في محتواها من البروتين الصافي وقد أثبتت البحوث العلمية أن بروتين الكمأة سهل الهضم، حيث يستفيد الجسم بنحو 85٪ منه بطريقة مباشرة، وتحتوي بعض أنواع الكمأة على نحو 5٪ دهوناً موجودة على صورة ستيرولات وليست في صورة كوليسترول، وبالتالي فدهون الكمأة ليست ضارة بصحة الإنسان . أما كيفية حفظها فقد كانت الكمأة الصحراوية في السابق ولا تزال حتى وقتنا الحاضر تحفظ بعد تنظيفها إذا قطعت إلى شرائح، ثم جففت تحت أشعة الشمس لعدة أيام أو في مكان مناسب جيد التهوية، ثم تحفظ كأي مادة غذائية، ويمكن أن تستهلك خلال فصل الصيف أو الشتاء التاليين حيث تبقى محتفظة بنكهتها ومذاقها الطبيعي خلال تلك الفترة . وتستغل تلك الطريقة في الحفظ من قبل بعض التجار والعطارين الذين ينتهزون فرصة انخفاض أسعار الكمأة في المواسم المطيرة، ويقومون بشراء كميات كبيرة جداً من الكمأة، ثم يعملون على تجفيفها لغرض استخدامها في التركيبات والوصفات الطبية الشعبية ومن المعروف أن الفقع المجفف يدخل في بعض مقادير الأكلات الشعبية المعروفة بمنطقة القصيم، فهو لذيذ جداً وأفضل في كثير من الأحيان من الكمأ الطازج إذ يباع الكيلو جرام الواحد من الكمأ المجفف بمبلغ يصل إلى 500 ريال . كما يمكن حفظ الكمأة الصحراوية بالتعليب، وتتم العملية بأن تغسل الكمأة للتخلص من الأتربة ثم تسلق لفترة وجيزة، ثم تعبأ في علب بلاستيكية خاصة، ويضاف إليها محلول ملحي بنسبة 1 إلى 2٪ ملوحة ثم تعقم . كذلك تحفظ الكمأة بالتجميد، وذلك بوضعها في أكياس من البلاستيك بعد تنظيفها، ثم توضع في جهاز التجميد ولكن عند حفظها بتلك الطريقة فإنها قد تفقد كثيراً من خواصها الطبيعية ومذاقها المعروف . ونظراً للاستهلاك الشائع والواسع للكمأة كغذاء كان، من الضروري دراسة العوامل التي تؤدي إلى إفسادها وأنسب الطرق العلمية لحفظها وتعليبها . ولقد اهتم العلماء بمعرفة التغيرات التي قد تطرأ على محتوياتها أثناء فترة الحفظ والتعليب، وأجريت في الآونة الأخيرة عدة تجارب علمية في هذا المجال أهمها ما قام به أحد العلماء بإجراء دراسات مبدئية لتحديد أنسب المعاملات التي تساعد على المحافظة على قوام قطع الكمأة الصحراوية بعد المعاملة الحرارية، وكذلك المحافظة على اللون أثناء التجهيز . وقد تم تحديد المعاملات المثلى لتعليبها وحفظها وذلك بغمر الكمأة بعد تقشيرها وتقطيعها في 1 ٪ من محلول حمض الإسكوربيك، وباستعمال محلول تعبئة يتركب من 1,5٪ كلوريد الصوديوم إلى جانب 1٪ حمض الليمون . وقد لوحظ أنه بعد تقشير الكمأة وتقطيعها إلى شرائح صغيرة ظهور اسوداد على الطبقة الخارجية للكمأة، وقد يعزى هذا الاسوداد إلى حدوث تفاعل بين النشا واليود، وخاصة عند تعرض الطبقة الخارجية للكمأة بعد تقشيرها للأكسجين الجوي، أو ربما يعود لأسباب أخرى غير معروفة . ويحتاج الأمر إلى إجراء دراسات إضافية خصوصاً على محتوى الكمأة من الأحماض الأمينية لمعرفة تلك الأسباب بدقة . وينبغي لنا أن ننوه إلى أنه نظراً لكون الكمأة الصحراوية لا تنمو إلا في البراري تحت الظروف الطبيعية البحتة وفي مواسم نمو معينة وقصيرة للغاية، حيث لم يتمكن الإنسان حتى الآن من زراعتها تحت الظروف البيئية المحكمة، لذا فهي تعتبر من الأغذية الموسمية النادرة التي تتوفر عادة في الأسواق لفترة قصيرة وتباع وهى طازجة خلال أيام معدودة من جنيها من قبل أهل البادية وسكان القرى والهجر وهواة جمعها من الصحاري . ولا يتوفر في الوقت الحاضر أي معلومات أو تقارير علمية تفيد عن معدل الاستهلاك الكلي لها، أو الكمية المنتجة منها سنوياً سواء على نطاق المملكة العربية السعودية أو الوطن العربي، علماً بأن المملكة المغربية تصدر إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الأخرى كميات كبيرة من الكمأ المغربي كل عام . ولكن تلك الكميات غير معروفة على وجه التحديد، وهذا ما نأمل أن يقوم به المسؤولون عن الشؤون الاقتصادية والتسويق في المملكة والدول العربية الأخرى التي تهتم بهذا النوع من الفطريات . وضرورة تزويد المختصين بإحصائية مفصلة عن هذا الموضوع كل عام .