قرأت أن إعلان وزارة العمل الأخير بخصوص ضرورة فتح حساب خاص في المصارف السعودية لجميع المتقدمين لبرنامج إعانة العاطلين (حافز)، والذي يكفل صرف إعانة لجميع المواطنين والمواطنات العاطلين عن العمل أحدث العديد من المشاكل التنظيمية والمالية لدى تلك البنوك، وان بعض البنوك اشترطت توديع مبالغ للعاطلين تقدر ب خمسة آلاف ريال لحظة فتح الحساب الجديد. ما حدث .. يكشف حاجتنا إلى تنظيم حكومي رسمي ملزم ، لجميع المؤسسات المالية بان تشارك جميعها بلا أي استثناء في مثل هذه المبادرات ، جميعنا يعلم أن وجود حساب مصرفي بات ضروريا مثل وجود هوية شخصية ، فالموظف لن يستلم راتبه إلا به ، والطالب لن يستلم مكافأته إلا به ، والمطلقة والأرملة وضعيف الحال لن يستلم مبلغ الضمان إلا عن طريقه ، بل حتى من له مدفوعات حكومية كمقاول أو مورد صدر قرار وزارة المالية أن يكون لديه حساب تحول له مستحقاته بدلاً من الطريقة القديمة في إصدار الشيكات ، إذن نحن أمام حاجة ملحة ليس لها علاقة بربحية البنوك على الإطلاق ، أو حصتها السوقية ، بقدر ما هو إجراء رسمي ينبغي إلزام الجميع به. سمعت أن بعض البنوك المحلية أقفلت أبوابها أمام العاطلين الراغبين في فتح حساب لهم ضمن شروط إعانة حافز حتى أصيب البعض ببعض الإغماءات والتوتر وتبادل التهم والشتائم .. هنا يجب أن تدرك البنوك جيداً أن ما تقدمه لهذه الفئة من مجتمعنا بأنه واجب وطني يلزمها وسنقر لهم حينها بأنهم فعلوا جزءا من مسؤوليتهم الاجتماعية ، كان المواطنون والمقيمون يتذمرون في السابق من تخصيص بنكين فقط لتحصيل رسوم الجوازات والمخالفات المرورية ورسوم الاستقدام وغيرها ، وعندما فتح مشروع سداد الباب واسعا أمامهم وأصبحت هذه الخدمات تقدم من الجميع ، ظهر الآن لنا بعض البنوك وكأنهم يعيشون في بلد آخر ، أو أنهم قادمون من الخارج لغرض إدارة الثروات وانتقاء من يريدون فتح الحساب له بناء على مقدار ماله ، وليس بناء على مقدار حاجته . رأيت تزاحما شديدا لدى أحد البنوك أربك العاملين لديه وذنبه الوحيد انه تقبل بكل رحابه ووطنية هؤلاء العاطلين من الجنسين .. وبالتالي لعلها تكون مناسبة تستفيد منها كل الجهات الحكومية أن تعلن وزارة العمل بعد انتهاء هذه الأزمة عدد البنوك التي شاركت في فتح الحسابات ، وعدد الحسابات لدى كل بنك من إجمالي 1.5 مليون حساب تم وسيتم فتحها ، حتى يعرف الرأي العام الحقيقة ، وبالمثل ينبغي أن يكون ضمن إفصاحات الجامعات والكليات وأي جهة حكومية تلزم مستفيدين من أي نوع بفتح حساب أن تعلن الشيء نفسه حتى نعرف كيف نصنف فالتقنية التي أتاحت لمعظم الجهات الحكومية تحويل تعاملاتها المالية إلى القنوات الالكترونية يجب أن لا تواجه عقبات إجرائية من البنوك التي يجب على من لا يستطيع منها أن يطور أنظمته ، ويرفع من مستوى جاهزيته ليكون شريكا حقيقيا للناس .. أخيراً على المدى الطويل لا يوجد أحد خاسر فالطالب او العاطل الذي تفتح له حساب اليوم سيتوظف يوما ما ، وقد يصبح تاجرا يوما ، وستتحقق الاستفادة منه مستقبلا .