اختتمت أمس (السبت) عروض مسرحية زهير بن أبي سلمى في سوق عكاظ، حيث شهدت المسرحية تفاعلا كبيرا من الحضور وسط تكامل رائع بين عناصر العمل الفنية أداء ونصا وإخراجا، حيث أعاد مسرح عكاظ حكيم شعراء الجاهلية زهير بن أبي سلمى إلى العصر الحالي، ليكتب على خشبة المسرح السعودي، وثيقة سلام تجسد حجم الصراعات في المنطقة وتعقيداتها المتشابهة مع أحداث وقعت في زمن الشاعر. وابتعدت المسرحية في طرحها عن السرد التاريخي لحياة الشخصية، مسقطة حكمة الشاعر ومواقفه على أحداث راهنة وذلك بأسلوب درامي جريء حظي بإشادة كثير من المثقفين والأدباء وضيوف السوق، وبرز جليا في عرض المسرحية الافتتاحي ، حيث وقف أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في نهاية العرض، لتحية طاقم المسرحية على جهودهم التي أثمرت عملاً مسرحيا متميزاً. وقد بدأت المسرحية من الزمن الذي توقفت فيه حرب «داحس والغبراء»، انطلاقا من جثث قتلى المعركة من «عبس وذبيان» قبل أن تدخل هذه الجثث في استعراض لنزاعات تلك الحرب وما آلت إليه من خسائر بشرية وفرقة وفتنة بين أبناء العمومة وذلك بحسب ما جاء في سياق مشاهد المسرحية، حيث برزت الشخصية الثانية التي ابتكرها مؤلف المسرحية الدكتور شادي عاشور لزهير بن أبي سلمى من خلال مقاربات النص المتقاطعة مع الأحداث الراهنة والتي أجاد في توظيفها بصريا مخرج المسرحية رجاء العتيبي من خلال فرجة بصرية امتلأت بالدهشة والتكوينات والعلامات المستمرة . وأبدى منتج المسرحية عمرو القحطاني سعادته بالأصداء الكبيرة التي حققتها المسرحية وما حصدته من إعجاب وثناء طوال أيام عرضها، مشيرا إلى أن فريق عمل المسرحية حرص على تقديم زهير بن أبي سلمى كشاعر ساهم في خلق السلام في عصره حيث ركزنا في استحضارنا للماضي على عنصر السلام وقوة الصف الواحد كمطلب رئيس، معتمدين على صورة بصرية عميقة تشكلت من نص إبداعي زاوج بين شخصية الشاعر الحقيقة وشخصيته المبتكرة من قبل المؤلف حيث تكاملت العناصر الفنية وظهرت بصورة تتوازى مع قيمة سوق عكاظ وحجم تطلعات القائمين عليه. كما أثنى المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو الدكتور زياد الدريس على المسرحية، قائلا: كانت مسرحية مميزة وممتعة، والأداء فيها كان مبهرا وذلك ما يريده الجمهور، ويمكن القول بأنها من المسرحيات القليلة التي يمكن تقديمها بفخر لتمثيل المملكة خارجياً. فيما أشار الشاعر المصري الدكتور محمد أبو دومة إلى إعجابه الكبير بالمسرحية وأداء الممثلين الشباب بقوله: لم أصدق أن هؤلاء الشباب لم يدرسوا المسرح من قبل، لقد كانوا رائعين وجسدوا زهير الجديد بشكل متقن، عكس التمازج الجميل بين النص والإخراج وبقية عناصر العمل، وهو أمر يبشر بمسرح سعودي يوازي المسارح الكبرى في الخارج. أما الأديب والشاعر السعودي محمد زايد الألمعي، فقال: المشهد المسرحي كان مفاجأة كبيرة بالنسبة لي في هذا العمل، حيث جاء متكاملاً ومبدعاً ومذهلاً ، وأعتقد أن أجمل ما رأيناه في سوق عكاظ ليس الشعر أو فعالية أخرى، بل هذا العمل المسرحي. وتابع: «إخراج المسرحية كان جميلاً حيث تم استثمار الفضاء على خشبة المسرح للبقاء متصلاً، وكذلك الأمر في الإضاءة، كما أن الإسقاط السياسي في المسرحية على وقتنا الحالي كان في مكانه. يذكر أن المسرحية من تأليف الدكتور شادي عاشور، وإخراج رجاء العتيبي، وبطولة عبدالله عسيري، يعقوب الفرحان، وتمثيل شجاع نشاط، عبد الله فهاد، فيصل الحلو، محمد الشدوخي، خالد الصقر، وتنفيذ السينوقرافيا سعود العبد اللطيف، وتصميم الديكور محمد عسيري، وإشراف عام عمرو جابر القحطاني.