كشف مصدر مطلع ل«الرياض» أن مصالح الأمن الجزائرية استدعت مؤخرا العديد من العناصر الإرهابية الموقوفة سابقا في قضايا تتعلق بالمساس بالأمن الوطني، وتم الإفراج عنهم بعد انقضاء الأحكام القضائية الصادرة ضدهم، حيث خضعوا لمساءلات، في إطار إجراءات وقائية عادية، تندرج في سياق الحرب الأخرى التي يشنها الأمن على شبكات الدعم والإسناد، أو ما يعرف بالشبكات النائمة، بعد تفطنها للجوء بعض نشطاء التنظيمات الإرهابية إلى الاتصال بهؤلاء لإحياء النشاط الإرهابي، على اعتبار أن المفرج عنهم أجدر بالثقة ولم يعلنوا توبتهم. ومع تشديد الخناق عليها، لم تجد ما تبقى من المجموعات الإرهابية صعوبات بالغة في تجنيد العناصر الجديدة والحصول على المعلومات والدعم المادي، خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقتها الجماعات المسلحة على يد قوات الأمن المشتركة، وأدت إلى تفكيكها نهائيا. وأضاف المصدر المطلع أن أسئلة مصالح الأمن، الموجهة للموقوفين من الناشطين القدامى في الجماعات الإرهابية، تمحورت حول ظروف معيشتهم وأوضاعهم الاجتماعية وطبيعة عملهم، وشبكة علاقاتهم، كما طلب منهم إحضار صورتين شمسيتين ونسخة عن الحكم القضائي حيث استفاد بعضهم من البراءة بعد توقيفهم في قضايا إرهابية وأيضا نسخا من شهاداتهم العائلية. وقد مس هذا الإجراء الموقوفين سابقا، المقيمين في أحياء بالعاصمة، كحي القصبة الشهير، وادي قريش، باش جراح، بوروبة، براقي والكاليتوس وبئر خادم وبن طلحة، وهي المعاقل السابقة لتنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا». وتأتي هذه الإجراءات على خلفية التحركات التي قام بها بعض نشطاء التنظيمات الإرهابية خاصة «الجيا» في الأشهر الأخيرة، حيث لجأوا إلى الاتصال ببعض الإرهابيين المفرج عنهم لإحياء النشاط الإرهابي بتحريك شبكات الدعم والإسناد. الجدير بالذكر أن مصالح الأمن، قد تمكنت خلال الأشهر الأخيرة من تفكيك عدة شبكات دعم للإرهاب على المستوى الوطني، وتواصل حربها، بمراقبة تحركات المفرج عنهم كإجراء وقائي لقطع الطريق أمام أية محاولات لاستدراجهم مجددا نحو النشاط الإرهابي. ويتزامن استدعاء مصالح الأمن الجزائرية لقدامى الناشطين في التنظيمات الإرهابية ممن تم الإفراج عنهم بعد قضاء عقوبة السجن، مع ما يمكن تسميته ب«مخطط أمني وقائي» أعادت فيها السلطات العسكرية المختصة الاعتبار لأفراد الحرس البلدي (الميليشيات المسلحة التي تتكون غالبا من قدامى المجاهدين الذين استعانت بهم الدولة للوقوف إلى جانب قوات الجيش) بعدما تم تجريدهم من أكثر من خمس سنوات من سلاحهم وتم الاستغناء عنهم بعد انكشاف تورط العديد من أعوان الحرس البلدي في دعم وإسناد الجماعات الإرهابية إما تحت الضغط أو بواسطة الإغراء المالي. وتأتي إعادة الاعتبار لأفراد الحرس البلدي حسب مصادر أمنية، لتخفيف الضغط على أجهزة الأمن النظامية للسماح لها بتركيز نشاطها على مكافحة ظاهرة الجريمة المنظمة المتزايدة سنة عن أخرى، خاصة وأن رئيس الحكومة لم يخف لدى عرضه بيان السياسة العامة لحكومته يوم الأحد أمام البرلمان، صعوبة المرحلة القادمة، إذ اشار أحمد أويحي أن الجزائر تواجه «مرحلة ما بعد الإرهاب لا تقل خطورة عن ظاهرة الإرهاب نفسها» ويتعلق الأمر حسب الأرقام التي أوردها أويحي في تنامي ظاهرة «مافيا المال والفساد» عبر التزايد المستمر ل «جرائم الاختلاس وتحويل الأموال العمومية». كما تندرج عودتهم في إطار تكثيف المراقبة الأمنية في العاصمة الجزائر ضمن جهود مكافحة بقايا الإرهاب وترصد أية تحركات مشبوهة وتأمين المواقع والمنشآت الحساسة في العاصمة وخارجها، فضلا عن تأمين المناطق الريفية من أي تسلل إرهابي محتمل لقطع الطريق أمام الإرهابيين الذين عادة ما يهربون من الحصار والتضييق المفروض عليهم في المدن إلى الجبال والمناطق النائية لترتيب أمورهم والتقاط أنفاسهم. وترى تعاليق الملاحظين أن استعانة السلطات العسكرية مجددا بأفراد الحرس البلدي الذين لعبوا دورا لا يمكن إنكاره في مواجهة فلول الإرهاب في القرى والمداشر والمناطق النائية إلى جانب أعوان الدفاع الذاتي، مرتبط بالعودة الجنونية للعمليات الإرهابية والحواجز المزيفة والكمائن الإرهابية التي أودت في الآونة الأخيرة بحياة أكثر من 04 عسكريا، آخرها الكمين الإرهابي الذي استهدف قاقلة عسكرية في 51 مايو الجاري، ذهب ضحيته 11 عسكريا بولاية خنشلة بمنطقة الأوراس الواقعة على بعد 053 كلم شرق الجزائر، وقبلها المجزرة الرهيبة التي نفذتها مجموعة إرهابية تنتمي للجماعة السلفية للدعوة والقتال على الطريق الرابط بين تابلاط والأربعاء 53 كلم غرب العاصمة ذهب ضحيتها 61 مدنيا من العزل قبل أن تتمكن مصالح الأمن قبل أسبوعين من تفكيك شبكة إرهابية كانت وراء تنفيذ المجزرة، فضلا عن توقيف مصالح الأمن ل 4 إرهابيين يحملون الجنسية التونسية كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية لفائدة الجماعة السلفية للدعوة والقتال. وكان أعوان الحرس البلدي التزموا مفرزاتهم منذ العام 9991 مباشرة بعد إصدار قانون الوئام المدني، وتم تحديد مهام جديدة لهذا «السلك» التابع لوزارة الداخلية وليس الدفاع، تمثلت في تأمين مراكز الانتخابات ومكاتب الاقتراع في الاستحقاقات والزيارات الرسمية، وكان هؤلاء يقومون بنفس مهام أعوان الأمن في نقاط التفتيش والحواجز الثابتة، وشاركوا في العمليات العسكرية التمشيطية الكثيرة التي تقوم بها قوات الجيش الوطني، كما تكبد سلكهم الكثير من الخسائر البشرية.