صلتنا بماضينا البسيط جداً.. المحدود القدرات جداً.. وما حدث بعده من انطلاق مذهل نحو الأمام.. من بداوة فقيرة جداً.. من قرى صغيرة متباعدة متنافرة.. إلى حالات الوجود الحضاري والاقتصادي والعلمي التي نعيشها.. مشوار المجد ما بين عصر الملك عبدالعزيز وعصر الملك عبدالله.. لم يمر به أي مجتمع عربي.. وهذا بعض من سر قناعتنا بتميزنا الذي يحتفي بالهدوء وموضوعية البناء الحضاري.. من الطرائف أذكر أنني قرأت نصاً كتبه مثقف عربي معروف آنذاك.. لم أعاصره.. لكن قرأت ما كتب وكان قد أتى حاجاً فيذكر أنه لفت انتباهه بأن السعوديين كانوا يأكلون من البطيخ قشره الجاف ويقذفون بما هو داخله من ليونة وحلاوة مذاق.. طبعاً لم يكن صادقاً لكنه بالغ فيما قال وكأنه يؤكد أن ذلك إنسان بدائي لا يعرف شيئاً من حداثات العالم.. ليت أن الله مد في حياته زيادة سبعين عاماً كي يرى أن الأولوية في تنوع التعليم العلمي وكفاءة الاقتصاد وانتشار فرص الاستثمار ورقي الانتشار السياحي خارج حدود بلاده والذي تتنافس القدرات الاقتصادية والسياسية على كسب موضوعية العلاقات مع بلاده.. وليس التسلط أو التدخل.. في عصر ذلك الكاتب قال شاعرنا المبدع ابن لعبون يصف رائحة الجذب في عطرية ثياب حبيبته بقوله: لا تحسّب الجثجاث والرمث والحزى والشيح والقيصوم عطّت هدومها ما ذكره هو أنواع من النباتات البرية وكلمة «عطت» تعني انتشارالرائحة.. فلم يكن هناك في ذلك الوقت من يعرف اسم أي عطور كزيت الورد أو بعض أنواع الكلونيا.. هناك ما يسمى الدخون ولا يملكه إلا أفراد معينون في القرية الواحدة.. ثم يقول شاعر آخر مع بداية وجود البترول: قل له ترانا تمدنّا.. كلٍ يولّع بدافوره.. والدافور المتراجع حالياً كان بديل وقود الكهرباء وأجهزة المطابخ الكهربائية ومثلها الثلاجات حيث كان «الحطب» هو وسيلة الطبخ الوحيدة ثم أتى «الدافور» البسيط كظهور حضاري أبهره.. يقول الشاعر حنيف: حتى أيش لو غطيت خبزٍ على تساه ودي بنجدٍ لو ريوقي حزاها.. «حتى إيش» تعني «حتى لو» و«تساه» تعني الشاي.. تصور أنه يرى في غمس الخبزة داخل بيالة الشاي منتهى الترف الحضاري ومع ذلك فهو يفضل حياة نجد لو كان طعامه منها نبات «الحزى» وهو نبات بالغ المرارة.. إذا.. إن صلتنا وقاراً وحباً بالملك عبدالعزيز لا تتمثل بيوم سنوي فقط، ولكن كل جديد حضاري.. وما أكثره وما أروع أهمياته.. هو امتداد لوجوده معنا.. وحين تكون نظرتنا المعاصرة إلى المستقبل هي تطلع بجزالة إمكانياتنا الراهنة.. وخطط التنويع والتطوير هي زمالة خروج جديد مع الملك عبدالله من طبيعة امتيازنا العربي إلى مشروعنا القادم للدخول في زمالة الوجود العالمي المتميز علمياً واقتصادياً.. أحر التهاني لأبنائنا بما في مقدورهم أن يصنعوه من تواصل تفوق