إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام أحياناً بعض منا يفزع ويجزع ومن ثم يتناسى وتأتيه دوامة الوقت فلا يعبأ بما يدور حوله من فرط ما أصابه ومن هول ذهوله ومن قوارع الزمن ومن الواقع تهتز الذات وترضخ القدرة لما وقع عليها من القدر؟! ولا عجب إن كثيراً من الناس قدره أكبر من قدرته على التحمل. ولكن بعد الرجوع لقول الله سبحانه وتعالى: {إن الله مع الصابرين}.. هنا نقف لنكون أكثر اطمئناناً حينما قال سبحانه {وبشر الصابرين} نعم إن عزيمتك حين إذ تقارع وهن الحدث وتدب في أوصالك روح العطاء لتحقيق معايشته في بقية عمرك تاركاً الماضي بمآسيه خلفك خاضعاً لسنّة الحياة ومتطلباتها تتزن خطانا بعد ما كانت متأرجحة وتتضح معالمنا يحتويها التفاعل مع عناصر الحياة المتزعزعة ولا شك أن المصاب والحدث جلل إذا كان قد وقع لأحدنا وكانت النفوس مرهقة والأفكار جوفاء. ولكون نعمة الإيمان والرجوع إلى قاعدة الاطمئنان تريح ما اعتل من ذواتنا فنعود ونستدرج مسيرة الحياة بطريقة أخرى أكثر تقبلاً واهتماماً عن صورة الواقع الأليم تمحوه هذه الأساليب وقد تجدي في معظم الأحيان. فالاستقرار الذاتي يحتاج منا إلى استراتيجية عاقلة وفاعلة، وتفكير منظم حول الأحداث التي في غالب أمرها تخرج عن المألوف والتي قد تصيب حبيباً لدينا دون تدخلاتنا تعوق أحدنا دون سبب منا فنعجب من وقع الحادثة ولا نعد لها ما لم نعالج أنفسنا منها؟! فكيف نتأقلم مع وقع الحادثة ونستعد لملاقاتها حتى لا نصاب بالانهيار. قد يقول القارئ لماذا هذا الردم من التشاؤم إن هذا استعداد لمعالجة فيما لو؟! وتدريب الذات على تقبل الصدمات أياً كان نوعها لذا التفاؤل يملأ جوانح كل واحد منا هذه سنة ديننا ولكن الانضباط عند الصدمة الأولى. الاستقرار النفسي هنا عندها نحمد الله ونقول إنا لله ولا شك في أن الجميع قد ذاق مرارة الفراق ومهما كان نوع هذا الفراق إلا أنه أليم على وقع الذات ومحزن ولكوننا لبنات صالحة إن شاء الله نعلم ونتعلم من كوارث الزمن وقسوة الحياة، فالجميع محتاج لتلك الدروس الحية لتشمل أفراد الأسرة ثم المجتمع برمته حتى ننال حقوق التمتع بالحياة الأسرية والاجتماعية التي ليست على وتيرة واحدة. ونتقبل الوقت على علاته ونتجاوزه بسلام فهذه المنظومة الاجتماعية تكون قد تمكنت من الأريحية الاستقرارية وتهدات القلوب {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} لنصبح مجتمعاً متماسكاً ضد ضربات الشر الحاقدة ومجتمعاً واعياً أثناء الحدث إذ لا بد من القاعدة الراسية والركيزة الصلبة لاستتباب زوبعة الدهر وقمع جماح التعالي على القدر حتى لو ضعفت القدرة. وها نحن نرى ونسمع أحداث العالم المؤلمة ومصائبه الدامية تحيط بنا من كل حدب وصوب ندعو الله للمسلمين السلامة عامة ولوطننا الأمن والاطئمان بصفة خاصة. فقد نعيب الزمان والعيب فينا وتارة نلقي جل اخفاقاتنا على الحظ ونجعله شماعة لتحمل زلاتنا وعظيم تبلدنا ومرة نلوم قوانا الخائرة عن تحقيق الذات حتى أصبحت حياة الشريحة العظمى منا بين مفترق طرق لا يعرف إلى أي طريق يسلك ولنستمد منه سبحانه وتعالى قوتنا ونعمق في ذواتنا الأثرة والتضحية، ففي الحب في الله نجد الخير العميم ويحصل التكافل الاجتماعي من مكارم الأخلاق فما نكر منا أحد ذاته إلا هو على خُلق رفيع والبذل من أجل الآخرين شيمة الكرام واسداء العون لذوي الحاجة وتلمس معاناتهم دون منة ولا أذى في العطاء والخوف من الله في تصحيح خطواتنا بعضنا نحو بعض لمفهوم كبير والإخلاص في عملنا أياً كان هذا العمل قال الله تعالى: {قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ولا شك أن العمل رديف النوايا وستتجدد بإذن الله مسيرتنا نحو الارتباط والترابط وتتغير مفاهيمنا حين يضفي علينا الحب رداءه والرحمة بهجتها والتعاون عطاءه، وستكون دنيانا بإذن الله غير الدنيا وحياتنا أفضل حياة فقط بالحب والانتماء للوطن والأرض بإخلاص تحت رعاية قيادة حكيمة وسياسة رشيدة وما نحن إلا ذلك إن شاء الله.