سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عائلات المفقودين تلتقي «العفو الدولية» وتجدد رفضها للعفو الشامل ما لم يتم الكشف عن مصير ذويها فيما تستعد السلطات الأمنية لتحديد هوية القبور المجهولة بالاعتماد على صور الجثث
جددت عائلات المفقودين هذا الأسبوع رفضها للمصالحة الوطنية التي يدعو إليها الرئيس بوتفليقة واستنكرت كل المحاولات والمساعي لطي هذا الملف عن طريق العفو الشامل ما لم يتبع بكشف الحقيقة كاملة وتجسيد العدالة. ويأتي تجديد عائلات المفقودين ممن اختطف ذووهم من قبل الجماعات الإرهابية أو عائلات الإرهابيين الذين لم يعرف مصيرهم إلى الآن، عقب اللقاء الذي جمع التنظيمات التي تشكلت للدفاع عن عائلات المفقودين مع وفد منظمة العفو الدولية الذي يقوم بزيارة للجزائر منذ حوالي أسبوعين، تستغرق 20 يوما، للاطلاع عن قرب على تفاصيل العفو الشامل والتباحث بشأنه مع السلطات الجزائرية. كما تأتي هذه الدعوة والسلطات الأمنية في الجزائر بالتعاون مع الجهات المختصة، تستعد في القريب العاجل للانطلاق في عملية تحديد دقيقة وواسعة لهوية القبور المجهولة التي دفن أصحابها تحت اسم (x) أي مجهول، في إجراء يندرج في إطار الفصل النهائي في جميع ملفات الأزمة الأمنية تمهيدا للعفو الشامل. وعلمت «الرياض» من مصدر داخل اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة للرئاسة، أن عدد هذه القبور يقدر ب 3300 قبر، وأن عملية تحديد الهوية سيتم بناء على الصور التي كانت تلتقطها مصالح الأمن لجثت القتلى في التسعينيات، في غياب تقنية «الأي، دي، ان» غير المتوفرة حاليا لتكلفتها الباهظة، وتشمل هذه الصور جثت ضحايا الإرهاب الذين تم اختطافهم وتعذيبهم، قبل الرمي بهم في أعماق الآبار والمقابر الجماعية، وكذا صور الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم في الاشتباكات المسلحة وعمليات التمشيط العسكرية، وصور الإرهابيين الذين تعرضوا للتصفية في إطار عمليات الاقتتال الداخلي في التنظيمات الإرهابية على خلفية الزعامة. وكانت جمعيات عائلات المفقودين طالبت في وقت سابق من السلطات الأمنية الجزائرية اعتماد تقنية «الأي، دي، ان» للتعرف على هوية ذويها، وفتح المقابر الجماعية بالأخص تلك الواقعة بمنطقة «المتيجة» التي تبعد عن العاصمة الجزائر بحوالي 70 كلم إلى الغرب، إذ كانت هذه المنطقة أحد أهم وأكبر معاقل التنظيم الإرهابي الدموي الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا» منتصف التسعينيات. ومن جهتها أكدت منظمة «أمنيستي» عقب اللقاءات التي جمعتها بممثلي المجتمع المدني ممن لهم علاقة بملف حقوق الإنسان في الجزائر وملف المفقودين، أنها ليست ضد العفو الشامل الذي يعتزم الرئيس بوتفليقة طرحه على استفتاء شعبي ولكنها ضد منطق اللاعقاب الذي قد يكرسه العفو الشامل. ويلتقي موقف (أمنيستي) مع موقف عدد من المنظمات الحقوقية في الجزائر التي أكدت في عدد من المناسبات حتى قبل دخول أمنسيتي الجزائر لأول مرة منذ خمس سنوات، أن العفو الشامل يجب ألاّ يلغي العقاب وإنما ينبغي أن يقوم على الإنصاف من خلال ترك الكلمة الأخيرة للعدالة. وناشدت عائلات المفقودين منظمة العفو الدولية، بالوقوف إلى جانبها في مطالبتها السلطات الجزائرية بتحديد أماكن تواجد رفات ذويها، ومحاكمة المتسببين في هذه المأساة، وأطلعت عائلات المفقودين مثلما كشفت مصادر من داخل هذه الجمعيات، وفد منظمة العفو الدولية عن أسماء الواقفين وراء عمليات الاختطاف والفقدان، ونسخ من محاضر الشكاوى التي رفعت ضد الواقفين وراء عمليات الاختطاف القسري والفقدان. وفي سياق متصل، أكد أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الحزب الإسلامي المعتدل المشارك في الائتلاف الحكومي وعضو التحالف الرئاسي الذي يدعم برنامج الرئيس بوتفليقة ويعزز المصالحة الوطنية، أن الاستفتاء على العفو الشامل سيكون في نهاية السنة الجارية، وان الحركة والشعب الجزائري بصفة عامة ينتظرون من بوتفليقة خلال عهدته الثانية تحقيق تسعة مطالب أولها بناء ديمقراطية حقيقية، وبناء اقتصاد قوي ومتين يتجاوز الاعتماد على المحروقات، واستقرار الجبهة الاجتماعية والقضاء على مظاهر الفوضى والفقر والفساد، والوصول إلى العفو الشامل الذي لا يستثني أحداً.