افاد المرصد السوري لحقوق الانسان امس ان 473 شخصا قتلوا في سوريا خلال شهر رمضان بينهم 360 مدنيا و 113 عنصرا من الجيش وقوى الأمن الداخلي. وقال المرصد ومقره لندن في بيان وصل لفرانس برس "بلغ عدد الشهداء الذين قتلوا خلال شهر رمضان 473 شخصا بينهم 360 مدنيا و 113 من الجيش وقوى الأمن الداخلي". واضاف المرصد ان من بين القتلى 28 شخصا "قضوا تحت التعذيب أو خلال الاعتقال في رمضان غالبيتهم من محافظة حمص". ومن بين القتلى 25 شخصا دون سن الثامنة عشرة و 14 امرأة، بحسب المرصد. واوضح المصدر ان هذه الحصيلة "لا تشمل الشهداء الذين سقطوا خلال العمليات العسكرية في مدينة حماة من الثالث إلى العاشر من شهر آب/اغسطس الجاري بسبب صعوبة التوثيق". وعلى صعيد اخر افاد المرصد ان قوات الامن السورية اقتحمت صباح امس بلدة الحولة في محافظه حمص "ونفذت حملة مداهمة ترافقت مع تحطيم لاثاث بعض المنازل واسفرت الحملة عن اعتقال 16 شخصا حتى الان". واضاف المرصد ان الحملة الامنية "تأتي اثر الغضب الذي ساد في البلدة بعد تسلم الاهالي الاثنين جثامين 13 من ابنائهم الذين اختطفتها قوات الامن خلال الاسبوع الاول من الشهر الجاري". ونقل المرصد عن ناشط في الحولة تأكيده ان "خمسة من الشهداء على الاقل كانوا على قيد الحياة لدى اختطافهم". وكانت منظمة العفو الدولية افادت الثلاثاء في تقرير ان عدد الوفيات في السجون السورية سجل ارتفاعا كبيرا في العام 2011 معتبرة ان ذلك يشكل "امتداداً لنفس الازدراء الوحشي للحياة البشرية" في سوريا. وقالت المنظمة في تقريرها "أن ما لا يقل عن 88 شخصاً قضوا نحبهم في الحجز في سوريا خلال حملة قمع دموية ضد المحتجين المؤيدين للاصلاح دامت خمسة أشهر". على الصعيد ذاته يجتمع سوريون من كل الطوائف وكل الطبقات، من مؤيدين ومعارضين لبشار الاسد كل اسبوع منذ بداية الحركة الاحتجاجية ضد النظام للتعبير عن شعور مشترك بينهم هو الخوف. وقالت المحللة النفسية رفاه ناشد التي تشارك في تنسيق هذا المشروع ان "المفارقة هي الجميع يشعرون بالخوف في سوريا. لماذا يستخدم النظام العنف والقمع؟ لانه يخاف ان يفقد السلطة. والناس الذين يتظاهرون الا يشعرون بالخوف؟ بالتأكيد يشعرون بالخوف ومع ذلك يذهبون" الى التظاهرات. وفي مركز اليسوعيين في قلب دمشق، تبدأ المأساة كل يوم احد بعرض يشارك فيه ستة من حوالي خمسين مشاركا. يقفون في وسط الصالة ويناقشون بصوت عال موضوعا ما. هذه المرة، يتعلق الجدل بالخوف الطائفي. ويقول فادي الذي يبدو انه لا يشعر بالراحة في مقعده "بعد مهاجمة جامع الرفاعي بدأت اشعر بالهلع على نفسي وعلى اولادي. لكن بصفتي علويا اشعر بالخوف مما يمكن ان يحدث. هناك الكثير من الاحداث الخطيرة ذات الطابع الطائفي في سوريا". وكانت قوات الامن السورية فرقت بعنف تظاهرة عند مغادرة المصلين لجامع الرفاعي السني في حي كفرسوسة غرب دمشق، ما ادى الى مقتل متظاهر وجرح عشرة آخرين بينهم امام المسجد، حسب المرصد السوري لحقوق الانسان. واضاف فادي معترفا "شعرت بالخوف من ان تثار مشاعر الناس ويقومون بتفجير الوضع لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك". وسوريا بلد متعدد الطوائف يشكل السنة اغلبية فيه يليهم العلويون ثم المسيحيين. وقالت مشاركة درزية تدعى ميسان ان "الشعب يدرك خطر مواجهات طائفية. انت تفترض ان الناس سينتقمون لكن هذا ليس آليا. حركة الاحتجاج سلمية وترفض خوض اعمال عنف طائفية". واضافت ان "ما اخشاه في الواقع هو تدخل اجنبي وهذا سيؤدي الى تقسيم بلدنا كما حدث في يوغوسلافيا السابقة". وتتدخل زينة لتقول بخجل "اعتقد ان المعارضة منقسمة بين المتنورين الذين يدركون الرهانات وقسم آخر اكثر تدينا واقل تنورا". وينصت الحضور في الصالة باهتمام. فجأة يروي المسيحي همام تجربته. ويقول "كانت لدي احكام مسبقة من تربيتي ضد المسلمين لان عائلتي كررت دائما انه يجب عدم استقبالهم في المنزل". ويضيف وهو يتحدث بسرعة كما لو انه يزيح عبئا عن صدره "كنت اولا مع النظام ثم بعد سقوط كل هؤلاء القتلى ذهبت للتظاهر". ويتابع الشاب العشريني "تظاهرت في دوما ضاحية دمشق وهؤلاء الذين قالوا لنا انهم حثالة خبأوني عندما كان رجال الامن يلاحقونني ويخشون ان اقع بين ايديهم". وانتهى السرد. بعد دقيقة الصمت يمكن للجميع ان يتحدثوا. وتقول ناشد ان "الاتصال تم بين لاوعي المجموعة والمشارك العلوي. الآخرون فهموا انه كان يريد ان يشعر بالاطمئنان وهذا ما فعلته المجموعة". ويرى الاب رامي الياس المحلل النفسي ومسؤول المركز اليسوعي الذي يستقبل الاجتماع ان "المهم ليس السياسة بل وجود مكان يستطيع فيه الجميع ان يتحدثوا عن الخوف الذي يشعرون به وامتصاصه حتى لا يتحول عنفا". ويتابع "اليوم تحققت خطوة كبيرة لانهم سموا الخوف باسمه: الخوف الطائفي بشكل مباشر. لكن ما زال هناك الكثير الذي يجب القيام به لضمان قبول الاختلاف".