لم يسهم شهر رمضان في إدخال العبد إلى مرحلة التغيير لكل من استثمره من المسلمين، بل إنه أدخل غير المسلمين إلى مرحلة تتفتح فيها الروح، وترتقي إلى تدبر الحكمة من الصيام، حتى يستشعروا فضله دون أن يكونوا مسلمين.. يحدث ذلك حينما يدخل البعض منهم ليشاطروا المسلمين «وجبة الإفطار» في إحدى المخيمات أو في بعض اجتماعاتهم سواء حدثت داخل أرض الوطن أو خارجها، فأسهم هذا الإفطار في تفتح دائرة الحوار والتقاء الأديان على طاولة قيمة الصيام والدخول في تفاصيل الشريعة السمحة، التي تتيح للعبد أن يشاطر أخوه من غير المسلمين الطعام.. حتى أسهم ذلك في دخول الكثيرين إلى الإسلام.. وأسهم رمضان في الرقي بحوار بين مختلف الديانات لكنه بأسلوب الحقيقة وليس الاستشعار فقط. يرى «عصام علي» - مدير العلاقات العامة بمكتب الدعوة والإرشاد بالطائف - أن الإسلام دين الفطرة ومنبع السماحة، ودين سماوي يسمو بالروح البشرية عالياً؛ فيخلق توازناً مثالياً بين الدين والعقل، مشيراً إلى أن ذلك ظهر واضحاً في تعاملاتهم مع حديثي الإسلام, وفي الحوار مع غير المسلمين، مؤكداً على أن عدد الداخلين في الإسلام بمحافظة الطائف فقط خلال عام 1431ه بلغ 402 مسلم ومسلمة، حيث تم تقديم برامج مختارة وأنشطة توعوية وثقافية وترفيهية للجاليات المسلمة بأكثر من 17 لغة. مشروع إفطار الصائمين ساهم في دخول الكثير إلى الإسلام وقال: في برنامج الإفطار الجماعي يرتاد مكتب الجاليات العديد من الجاليات:»الفلبينية، السنهالية، البنغالية، الصينية،.. وغيرهم الكثير؛ ليصل عددهم إلى 550 شخصاً يومياً، ففي لحظة اجتماعهم في وجبة الإفطار بالصائمين من المسلمين يأخذهم منظر التضرع والدعاء والخضوع والخشوع، وفي هذا اللحظة تتدخل الروح البشرية بفطرتها وتتساءل عن هذا الدين؟؛ فيقف غير المسلم مشدوداً لما يراه ويكاد يفصح بلسانه عما بداخله، وبعد تناول الإفطار يصطف المسلمين منهم للصلاة على مرأى ومشهد أعين غير المسلمين، فينظرون إليهم بأعين غارقه وعقول حائرة وأنفس مذهولة. ويرى الشيخ «أحمد ناصر العبيكان» -عضو مجلس الإداره بمكتب الدعوة والإرشاد بمكتب الطائف- أن في جميع المجتمعات تبدو ظاهرة موائد ومخيمات إفطار الصائم من المظاهر غير المألوفة لغير المسلمين، حيث دفع ذلك غير المسلمين من المقيمين بالمملكة للدخول في الإسلام لما يرونه من تلاحم وتألف ورحمة بين المسلمين. وقال:»لقد فرض الله علينا الصيام؛ استشعاراً بالضعفاء والمحتاجين من أبناء المسلمين، كما كرم الله تعالي الصيام بالأجر العظيم والذي يجرئ الله به عبادة المؤمنون، وكذلك أجر من فطّر صائماً فله مثل أجره»، مشيراً إلى أن موائد ومخيمات إفطار الصائم المنتشرة في أنحاء المملكة في شهر رمضان هي منظر يرقق القلوب، ويدعو إلى المشاركة والمساهمة في البذل والعطاء.