اختتمت فعاليات الموسم الثقافي لبرنامج الأميرعبد الله بن عبد العزيز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالأكاديمية السعودية بموسكو وذلك بمحاضرة ألقاها الدكتور محمود الحمزة الباحث العلمي في معهد تاريخ العلوم والثقافة (معهد فافيلوف) التابع لأكاديمية العلوم الروسية موسكو حيث كانت بعنوان (من تاريخ دراسة العلوم العربية في روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي) في مقر الأكاديمية السعودية بموسكو وحضرها عدد كبير من المستشرقين والمهتمين بالعلوم العربية وطلاب وطالبات البرنامج المسائي بالأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس حيث بدأت المحاضرة بكلمة لمدير عام الأكاديمية الأستاذ بجاد بن محمد العتيبي عرف من خلالها بالمحاضر وأكد أن ذلك يأتي ضمن الأنشطة الثقافية لللبرنامج المسائي بالأكاديمية والذي يحظى بدعم وتمويل من لدن سمو ولي العهد - يحفظه الله - مشيرا إلى أن هذه المحاضرة تعد اختتاما للبرنامج الثقافي الذي استمر طيلة العام الدراسي والذي شهد عددا من اللقاءات والمهرجانات الثقافية المتنوعة بمتابعة وتوجيهات سفير المملكة في روسيا الاتحادية الأستاذ محمد حسن عبد الولي. بعدها أكد الدكتور محمود الحمزة أن الأهمية البارزة للثقافة العربية في التاريخ العالمي عامة وفي تاريخ العلم خاصة أصبحت الآن أمراً معروفاً ومتفقاً عليه. فقد احتل التراث العربي، منذ زمن، مكانة مرموقة في الأدب العالمي، وأصبح جزءاً أساسياً من الثقافة الإنسانية العامة. كما أدت أبحاث العلماء في كثير من الدول والتي بدأت منذ بداية القرن العشرين إلى إلقاء الضوء على دور المؤلفين العرب في القرون الوسطى الذين عاشوا وعملوا في مساحة واسعة ممتدة من أسبانيا وشمال أفريقيا حتى الهند في تطوير فروع كثيرة من العلم كالتاريخ والجغرافيا والكيمياء والبيولوجيا والطب والعلوم الرياضية والفيزيائية. وأشار إلى أن العلماء الروس والسوفييت كان لهم نصيب وفير واسهام متميز في دراسة الثقافة والعلم العربيين وبما فيهم المستعربون والمتخصصون في بعض المجالات العلمية الدقيقة. وقال: نحن نميز في تاريخ دراسة العلم العربي في روسيا والإتحاد السوفيتي (سابقاً) جانبين: فمن جهة- التسلسل الزمني لهذه الدراسة ومن جهة أخرى إشكالية الدراسة. وفي نفس الوقت فهما مرتبطتان بشكل قوي مع بعضهما البعض، حيث تتميز المرحلة الأولى من دراسة العلم العربي في روسيا بالبحوث في مجال الاستعراب في المعنى الضيق للكلمة: دراسة اللغة والأعمال الأدبية والدينية. واختتمت هذه المرحلة في أواسط القرن 19 م بنشوء مدرسة الإستعراب الروسية، والتي حظيت بتقدير عال من المستعربين في العالم بأجمعه. أما دراسة المؤلفات العلمية للعلماء العرب، فتعود إلى مرحلة متأخرة نسبياً وقد بلغت مستوى متقدماً من التطور في ال 50 سنة الأخيرة. وعن بدايات الاستعراب الروسي قال: انتشرت الأخبار عن العرب والبلاد العربية في بلاد الروس في وقت مبكر- في تخوم القرن 9-10 للميلاد، وذلك مع تطور التجارة العالمية في القرون الوسطى وتشهد على أبعاد هذه التجارة الكنوز المتعددة من العملة العربية المعدنية التي عثر عليها علماء الآثار وما زالوا يعثرون عليها بمحاذاة الطرق التجارية القروسطية. وبدأت أولى الأعمال الروسية في مجال الاستعراب في القرن 18 م بناء على مبادرة من القيصر بطرس الأول، الذي زار بنفسه أنقاض مدينة بولغار على ضفاف الفولغا وأعطى توجيهاته بنسخ بقايا الكتابات العربية المحفوظة هناك، وتم نشرها جزئياً فيما بعد. وأكد أنه تنتشر الآن العديد من المكتبات في روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى والتي تضم في خزائنها مجموعات غنية وقيمة من المخطوطات العربية والفارسية والتركية. ومن أكبر المراكز: معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية- فرع لينينغراد - (المتحف الآسيوي سابقاً) ومعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الأوزبكية (طشقند)، ومكتبة لينين الحكومية (موسكو) ومكتبة سلطيكوف شيدرين العامة (لينينغراد) ومعهد المخطوطات الجيورجي (أكاديمية العلوم الجيورجية- تبيليسي) ومركز المخطوطات القديمة ماتانديرن (يرفان) ومركز المخطوطات الجمهوري (باكو) ومعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الطاجيكية (دوشنبيه) ومكتبة الفردوسي الحكومية (دوشنبه) ومكتبات جامعات لينينغراد وقازان وقد عثر على بعض المخطوطات الهامة بالنسبة لتاريخ العلوم في مكتبات صغيرة تقع في مناطق بعيدة. وقال في ختام محاضرته : لقد أعطي في فترة العهد السوفييتي اهتمام واسع لإعداد المختصين الشباب في مجال الاستعراب في موسكو وفي مدن أخرى من الاتحاد السوفياتي معظمهم في موسكو وآسيا الوسطى والقوقاز. وفي نهاية المحاضرة قدم مدير عام الأكاديمية درعا تذكارية وشهادة شكر وتقدير للمحاضر. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج الأمير عبد الله بن عبد العزيز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالأكاديمية السعودية بموسكو قد شهد خلال هذا العام العديد من الأنشطة الثقافية المتنوعة كما كان له مشاركة فاعلة في الأسبوع الثقافي العربي السادس الذي أقيم بالعاصمة الروسية موسكو.