في الطريق بين المنطقة المركزية بالمسجد الحرام وحجز "المسخوطة" بمكةالمكرمة..كان العم أحمد سائق التاكسي يحدثني بمرارة من واقع خبرته لأكثر من 20 عاما في مهنته باعتبار أهل مكة أدرى بشعابها أثناء ما عرف أني أبحث عن سيارتي المسحوبة، حدثني العم أحمد عن الملاك الحقيقيين لبعض هذه (الونشات) التي تحمل عبارة (خدمات المرور) وهي تتسكع في الشوارع تلتقط رزقها لتحصل بين 50 إلى 100 ريال رسوم سحب السيارة المخالفة في الوقت الذي كنت أستعيد فيه منظر حوامل (مواسير) لوحات سقطت، فلا تدري ماذا كانت تحمل قبل سقوطها من عبارات (يسمح أو يمنع الوقوف) في المكان. واستذكر أكثر من دورية مرور دون أن تأمر أصحاب السيارات الراكنة بالتحرك. في حجز (المسخوطة) كانت فئة الخمسين ريالا هي الفيصل بين المالك وسائق الونش الوافد حتى إنك لا تعطي سند استلام إلا عند ما تطلبه وعليك هنا أن تتفحص سيارتك من أي صدمات أو خدوش قبل مغادرة البوابة حتى يحرر لك رجل المرور الوحيد محضرا في حال وجود ضرر. لم يظهر لنا في السيارة أي من هذه الأضرار الخارجية فدفعنا أجرة الونش وغادرنا المكان لكننا ما إن سرنا على الطريق حتى ظهر لنا مشكلة في التوازن و (نظام الهدروليك)، هنا عدنا بعد دقائق إلى المسخوطة وأبلغناهم بالمشكلة إلا أنهم أفهمونا أنّ حقنا بالمطالبة سقط بمجرد الخروج من البوابة. لجأنا إلى رجل المرور الوحيد وقتها في مكان الحجز والذي تواصل مع ضابطه من خلال غرفة العمليات وشرح له المشكلة الفنية على مسمع منا فأفهمه الضابط أنّ لا حق لنا بعد استلام السيارة مكرراً أكثر من مرة أنّ على عسكري المرور تسجيل محضر يخلي مسؤولية المتعهد أو صاحب الونش، يفيد باستلام المركبة من قبل صاحبها والخروج بها ولم يتركه إلا عندما وعده أن يفعل ذلك وافهمنا حسب توجيهات الضابط، وكنا في يوم خميس أنّ علينا في حال الرغبة تقديم استدعاء أن نتقدم به يوم السبت إلى المديرية، وحاولنا بشتى الطرق ان نحصل من ممثل المرور على محضر يفيد بما ندعي فيه لكنه كان يصر على أنه غير مخول. القضية هنا ليست قضية فرد بقدر ما تمس كيان بلد يستقبل الزوار والمعتمرين من مختلف بقاع العالم أولا بهذه الطريقة البدائية التي تسحب بها سياراتهم بواسطة (سكاريب) معدات من موديلات السبعينيات والثمانينيات، مضى على تصنيع بعضها ما يزيد على 40 عاما لا تسوى قيمتها قيمة إصلاح ضرر تلحقه بالسيارة المقطورة مصممة بطريقة هي الأخرى بدائية وبورش محلية لا يمكن أن تتناسب مع سيارات حديثة صممت وفق أنظمة حساسة ودقيقة وبطريقة الجر أو السحب القسري بمجرد وضع عازل (كفر) ورفع السيارة المخالفة من الأمام أو الخلف ثم سحبها وعجلاتها، وكذا نظام المقود مغلق عبر منعطفات وطرق سيئة لمسافات بعيدة تصل إلى بضع كيلو مترات وهي الطريقة التي تجاوزتها حتى بعض الدول المتأخرة باستقطاب شركات تمتلك معدات حديثة متطورة تقوم برفع السيارة المخالفة ومن ثم حملها وإنزالها بطريقة سلسة وسليمة. وكذلك ما يثير الدهشة هو إخلاء مسؤولية المتعهد أو صاحب الونش بمجرد خروج السيارة حتى لو كانت المشكلة فنية لا يمكن اكتشافها إلا بعد استخدام المركبة والسير بها على الطريق ورفض المرور حتى إعطاء المتضرر محضر من الموقع يحفظ له حقه في الرجوع على المتسبب في الضرر ونهجه سياسة التطفيش بطلب التقدم إلى المخفر أو المديرية بعد يومين أو ثلاثة ان صادف عطلة نهاية الأسبوع وهم يفترضون ان المتضرر يقيم في مكة أو المدينة وليس مرتبطا بسفر وحجوزات سكن.