تعارف البشر في غالبية دول العالم أن فصل الصيف هو الفصل الذي يمكنهم أخذ قسط من الراحة والاستجمام بعيداً عن هموم العمل وعناء عام دراسي مرهق لكل الفريقين الآباء والأبناء. والأسر السعودية كغيرها تكون في هذا الوقت في حالة استنفار قصوى، فنجد أن الكثير من هذه الأسر تنتظر هذا الزائر الثقيل على جيوبهم بفارغ الصبر حيث السفر والاستمتاع وقضاء بعض أوقات في زيارة بعض الأقارب والأصدقاء حيث النسبة العظمى يفضل السفر براً، وتشير الدراسات إلى أن بعض هذه الأسر تعد العدة منذ أشهر إما بالتقشف وشد الحزام لتوفير المبلغ الذي سينفق في رحلة داخلية بالكاد لا تتعدى خمسة عشر يوماً أو الاستدانة تحت شعار «فلها وربك يحلها» وترى رب الأسرة في هذا الوقت مشتت الفكر لا يعلم أين وجهته لعلمه الأكيد أن سياحتنا الداخلية مكانك سر وأن خطت فهي كالسلحفاة في حل جزء من معوقات السياحة المحلية وفي كل ما يكفل للمسافر من خدمات على طول طرقنا السريعة إلى أن يفتح باب شقة في النزل المؤجرة. ولقد كنت وما زلت من هواة السفر براً - في ظل رداءة الناقل الجوي - وهذا ليس موضوعنا - ففي بداية الإجازة الصيفية هذا العام استعنت بالله وحزمت حقائبي عازماً على أخذ لفة مع أفراد أسرتي على بعض المدن التي مضى على زيارتي لها أكثر من خمس وعشرين سنة، فانطلقنا «باسم الله مجراها ومرساها» داعياً الله العلي القدير أن لا يرينا من كآبة المنظر ووعثاء السفر ما لا نطيق ونكره، وعند بزوع أول أشعة من شروق الشمس توقفنا عند إحدى الاستراحات والتي تبدو للناظر عند الاقتراب منها أنها مجموعة من البلك والاسمنت المرصوص فوق بعضه ومشيدة منذ القرن الحجري وقد عصفت به عوامل التعرية من كل حدب وصوب، فقررت التوقف للتزود بالوقود وأخذ ما يكفينا من مأكل ومشرب، فرأيت عدة غرف في هذا المبنى قد استأجرها بعض من العمالة..! فاطلقوا على لوحاتها مسميات بوفيه وسوبر ماركت واستراحة..! وبعد التمعن والتشاور قررنا ومن مبدأ السلامة على صحتنا استبعدنا وجبة الفطور والتسوق لا لشيء ولكن لقناعتي بأن كل شيء لا يصلح للاستهلاك الآدمي..! فابتعدنا عن هذا الشيء وعصافير بطوننا تتوسل إلينا أن نشبعها مؤملين أن نجد استراحة بها أبسط مقومات النظافة ولعلي لا أنسى المنظر المحزن لدورات المياه ونظافة المساجد ومكائن تعبئة الوقود وكان هذا حال الاستراحات على طول طرقنا السريعة.. انتهى، في الحقيقة يعلم الجميع أن هذا الموضوع قد أشبع نقاشاً وطرحاً فلقد كتب عنه المختصون وذوو الأقلام المجلجلة، ويعلم الجميع أيضاً أن السياحة المحلية تدر ذهباً فعلى سبيل المثال في العام 2010م، وهذا ما تشير إليه الاحصائيات - بلغت إيرادات السياحة المحلية 66 مليار ريال بنسبة نمو 4.6 فاقت عن عام 2009م ويتوقع أن يصل إيراد السياحة الكلية بالمملكة إلى 118 مليار ريال في عام 2015م، و232 مليار ريال عام 2020م معظمها تتمركز في ما يسمى بالسياحة الدينية نظراً لوجود الحرمين الشريفين، هذا ويعلم الجميع بأن السياحة السعودية تفتقر إلى مهنية جذب المسافر أو السائح من الداخل فضلاً عن العربي والأجنبي رغم ما يرصد لها من ميزانيات ضخمة. ولعلي أنشط الذاكرة بأن هيئة السياحة والآثار أنشئت بقرار مجلس الوزراء بتاريخ 12/1/1421ه أي قبل أحد عشر عاماً من الآن..! ومن أهدافها الاهتمام بالسياحة في المملكة، وذلك بتنظيمها وتنميتها وترويجها..! وقد عُين الأمير سلطان بن سلمان رئيساً لها والجميع على ثقة في قدرات هذا الرجل بحل المعوقات لكي يرى المسافر من الداخل والزائر من الخارج سياحة محلية بلا كآبة منظر.