[b] بدأت واشنطن حملة علاقات عامة لاصلاح الضرر الذي احدثه في العالم الاسلامي تقرير نشرته مجلة (نيوزويك) وتراجعت عنه لاحقاً - تحت الضغط - حول تدنيس نسخ من المصحف الشريف على ايدي محققين اميركيين في معتقل غوانتانامو، طبقا لما افاد مسؤولون الثلاثاء. وذكر المسؤولون انه تم ارسال برقية الاثنين لكافة السفارات الاميركية تحتوي على نص تراجع مجلة (نيوزويك) عن التقرير. وصرح متحدث باسم الخارجية الاميركية ان البرقية اكدت كذلك على ان التحقيقات اثبتت عدم وجود ادلة عن حدوث مثل هذه الانتهاكات واكدت ان السياسة الاميركية تؤكد على احترام اديان المعتقلين. وقال ريتشارد باوتشر ان السفارات ابلغت بنشر تلك المعلومات. وصرح للصحافيين «نحن ندرك ان هناك ضرورة لابلاغ الناس بالحقائق وبسياستنا». واضاف ان وزارة الخارجية وزعت بيانا تلته وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الخميس يصف اي تدنيس للكتب المقدسة بانه «امر بغيض» وتعهدت باتخاذ «الاجراءات المناسبة» ضد المخالفين. واوضح ان «البيان نشر على الانترنت بسبع لغات على ما اعتقد (...) وقد تمت ترجمته وارساله الى السفارات بالعديد من اللغات الاخرى». [/b] ربما هو حدث الساعة الأبرز والذي نشرته مجلة (نيوزويك) عن تدنيس للمصحف الشريف في معتقل غوانتانامو، فتحرك الشارع الإسلامي محتجاً على هذا السلوك وبدأت الادارة الأمريكية بالاعتذار والقاء اللوم على المجلة التي اعتذرت لقرائها وللضحايا الذين سقطوا جراء الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة على ذلك الفعل. فما قصة ذلك الخبر، ومن المحرر الذي جاء به، ولماذا اعتذرت نيوزويك، وهل جاء الخبر من شاهد أم من مصدر داخل أمريكا، وهل توقعت المجلة كل هذه الردود على ذلك السطر الذي جاء ضمن التحقيق. مدير مكتب نيوزويك العربية د. محمود شمام يجيب عن ذلك. ٭ ما قصة الخبر الذي نشر عن تدنيس المصحف الشريف وكيف وصل إليه الصحفي وما هي مصادره؟ - الذي نشر الخبر هو الصحفي مايكل ايستليوف وهو صحفي مختص بالتحقيقات في النيوزويك ويعد صحفياً مخضرماً فقد كان في الواشنطن بوست ثم انتقل الى نيوزويك وهو صاحب التحقيقات الشهيرة فهو الذي فجّر قضية مونيكا لوينسكي مع بيل كلينتون وأيضاً بعض الفضائح التي حدثت في سجن ابو غريب فهو صحفي متمرس. ٭ وما قصة الخبر؟ - قصة الخبر وحسب رواية مايكل ايستليوف ان الذي حدث كالآتي: في العام الماضي تم تبادل بعض الرسائل الإلكترونية لدى (الإف بي آي)، ووردت بعض اتهامات حول ممارسات غير سليمة تمارس في معتقل غوانتانامو. اهتم مايكل ايستليوف بهذه الأخبار وظل يتابعها حتى حصل من مصدر حكومي عال بمعنى ان هذا المصدر هو مصدر رسمي حصل منه على رواية تقول بأن القيادة الجنوبية الأمريكية في فلوريدا تحقق في اتهامات عديدة من ضمنها تهمة رمي المصحف الشريف في الحمام ومن ضمنها أيضاً أن احدى المحققات كان بإصبعها لون أحمر أو دم ولطخت به وجه أحد المعتقلين وقالت له: إن هذا الدم من دم حيضي وقصص اخرى. وعندما حصل مايكل ايستليوف على هذه القصص اتصل بأحد المسؤولين في وزارة الدفاع وقال له لدينا الروايات التالية وحكى له ما لديه من أخبار، ولم يعلّق مسؤول الدفاع على هذه القصة. وعندما اكتملت القصة في شكلها شبه النهائي الى محرر الشؤون القومية وهو جون بيري والذي قام بصياغة الخبر وأرسل مسودة منه الى مسؤول في وزارة الدفاع طالباً منه أن يجيب عن سؤال: هل المعلومات الواردة في هذا الخبر دقيقة أم لا؟، فرد المسؤول على جزئية في التقرير تتعلق بشخص يعتقد أنه هو الذي يتم التحقيق معه في هذا الشأن موضحاً ان هذه الجزئية غير صحيحة، ولكنه لم ينف القصة بأكملها وانما نفى جزئية فقط. وعندما وجد جون بيري ان ليس هناك نفياً قاطعاً من البنتاغون لهذه القصة قرر نشرها ووضعت في جمل قصيرة جداً وكانت هي جملة واحدة فقط تضمنها التقرير والتي تتحدث عن الإساءة للمصحف الشريف. وظلت القصة عادية منذ نشرها يوم الاثنين 2/ مايو حتى يوم الجمعة عندما اتصل الناطق بلسان البنتاغون بمايكل ايستليوف محتجاً على نشر هذه القصة، ثم قام مايكل بالاتصال بمصدره الرئيسي الذي أخذ عنه المعلومة وأخبره أن هناك من يحتج على القصة ويقول بأنها غير صحيحة. فرد عليه المسؤول الذي سرّب له المعلومة وقال له بأنه ليس متأكداً من القصة وردت في تقرير القيادة الجنوبية وانما قد تكون وردت في تقارير أخرى. وعندها تأكد مايكل ايستليوف بأنه لا يستطيع الاعتماد على هذا المصدر لأنه قد غيّر روايته وغير متأكد من أنها جاءت في التقرير المشار إليه وعندها قررت النيوزويك أن تعتذر للضحايا (الذين سقطوا في مظاهرات الاحتجاج) وأن تعتذر لأنها لم تعزز مصدرها الوحيد بمصدر آخر. ٭ لكن الحكومة الأمريكية لم تتقبل اعتذاركم ووصفت التقرير بأنه غير صحيح والاعتذار غير كاف؟ - النيوزويك لم تعتذر للحكومة الأمريكية وانما اعتذرت لأهالي الضحايا ولقرائها على أساس أنها لم تتوخ كامل ما يجب أن نقوم به ازاء هذا الخبر. واعترفت بأن ما نشرته لم يكن ناضجاً للنشر بالطريقة المعتادة التي دائماً ما تأخذ بها نيوزويك. ٭ إذن كأنك تصل بين الخطأ وبين الاعتذار عنه؟ - نعم.. دعنا نفصل بين ما قامت به نيوزويك من خطأ مهني وبين الاعتذار عن هذا الخطأ المهني.. لأن نيوزويك لم تنف القصة بأكملها (قصة التعذيب) لأنها متداولة والتعذيب المنهجي القائم على إهانة السجناء قائم وقد نشرت العديد من الصحف قصصاً حول هذا الأمر ونشرت صوراً أيضاً. ٭ لكن لم التركيز إذن؟ - لأن صحف اليمين وغيرها تحاول أن تقتص من النيوزويك على اعتبار أنها لم تكن تهتم بالحقيقة ولكن تهتم بإدانة سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه ما تقوم به قواتها من أخطاء في البلدان التي توجد بها تلك القوات خاصة أن هناك من يعتقد أن نيوزويك تمثل الاتجاه الليبرالي وتريد بالتالي أن تفضح الإدارة الأمريكية لأنها تقف ضد الحرب على العراق ونتائجها، وهناك من اليمن من يعتقد أنه آن الأوان لتصفية الحساب مع نيوزوك، ولكن نيوزويك نظرت إلى الأمر بشكل مهني ولم تنصت إلى هذه الأصوات الناعقة - كما يقول - من اليمين السياسي الأمريكي والتي تريد تصفية حسابها مع دار «روبن» المحسوبة على التيار الليبرالي يريدون أن يصفوا الآن أقوى صوت ليبرالي في الولاياتالمتحدة وهو صوت نيوزويك وهذا ما يحصل الآن. ٭ لكن أليس من حق الحكومة أن تعتذروا لها أيضاً خاصة أن مايكل ايستليوف اعتمد على مصدر واحد؟ - أولاً.. مايكل اعتمد على مصدر من داخل الإدارة وهو مصدر بالتأكيد أنه معروف حتى للإدارة، ثم نفى هذا المصدر أن تكون القصة قد وردت، وتراجع عن أنها وردت في تقرير القيادة الجنوبية للقوات العسكرية الأمريكية وقال انه قد يكون قرأها في تقارير أخرى، وهذا يعني أن هناك تقارير أخرى متداولة تتحدث عن هذا الامر، وهذا مجمع عليه في وسائل الإعلام الأمريكية بأن هناك أساليب تعذيب تتخذ في هذا المعتقل وفي معتقلات أخرى، وبالتالي فوزارة الدفاع تريد أن تستثمر هذه «الغلطة» التي وقعت فيها نيوزويك لتعاقب كل من يقول ان وزارة الدفاع تتجاهل ما يقوم به بعض المحققين من تعذيب وإهانة لبعض السجناء والمعتقلين، وهو الأمر الذي سبق وان رددته حتى (الإف بي آي)، و(السي آي إيه)، وهناك اقتناع عام بأن هناك تجاوزات تجاه المعتقلين. والآن هناك محاولة لاستثمار تلك الغلطة والقول ان الصحافيين الذين يذيعون هذه الأخبار ليسوا دقيقين. ٭ ألا ترون استعجالاً في نشركم للخبر، خاصة بعد كل ردود الفعل التي جاءت تبعاً لذلك؟ - نحن في نيوزويك العربية ننشر ما يقرأه المحررون في النسخة الأمريكية والدولية ولنا فيهم ثقة بأنهم يحاولون أن يكونوا على أعلى مستوى مهني ممكن وأعتقد بأن نيوزويك تحديداً قد تميزت بمواقفها المستقلة عن الإدارة الأمريكية. وعن السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة فهي تمارس عملها المهني الصحفي في نقل الحقيقة بقدر الامكان وسجلها التاريخي خلال أكثر من سبعين سنة سجل مشرف وثبت ان كل القصص الكبيرة التي فجرتها كانت قصصاً حقيقية.. وقد تحدث هفوة هنا أو هناك ويتم الاعتذار عنها بشجاعة والتراجع عن هذه القصص إذا ما ثبت خطأها أو عدم امكانية تأكيدها بشكل مطلق وهذا ما فعلته نيوزويك في القضية الحالية. ٭ ولكنكم حركتم الشارع تجاه الإدارة الأمريكية التي تعاني أصلاً من احتقان ضدها في الشارع العربي والإسلامي؟ - لاشك في ذلك، وربما ان أحد أخطاء نيوزويك انها لم تتوقع أن يكون هذا الرد العنيف من الشارع الإسلامي وربما ان العقل العربي لا يعرف ماذا تعني هذه الاساءة للمسلمين، بل وهناك من استغل الأمر للتأجيج ضد الولاياتالمتحدة. ٭ خاصة وأن الخبر الذي جاء به مايكل ايستليوف لم يأت من شاهد أو من معتقل؟ - نعم فالخبر نقله مايكل عن مصدر أمريكي ولم يقل بأنه قابل شاهداً أو تحدث مع شاهد أو عاين الواقعة وانما جاء الخبر نقلا عن تحقيقات داخلية تجريها القيادة الجنوبية.