تثير الاضطرابات الاقتصادية التي تعصف في ثاني أكبر اقتصاد في العالم قلق المختصين حول مسار الاقتصاد العالمي في ظل الأزمات التي تحيق به بدءاً من ذيول الأزمة المالية وانتهاءً بمعضلة سداد القروض الأمريكية مرورا بأزمة الديون الأوروبية. حيث يسلط الخبراء والمختصون تركيزهم في متابعة التطورات على الساحة الاقتصادية في الصين بعد ارتفاع معدلات التضخم وإصرار البنك المركزي على كبح جماحه من خلال رفع معدلات الفائدة للمرة الخامسة في 8 أشهر، مع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 9.5 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة ب 9.7 في المائة خلال الربع الأول. إذ يعتقد بعض المتابعين للحدث أن ذلك يعني إشارة واضحة على انطلاقة مسيرة تباطؤ الاقتصاد الصيني مدعوما بتراجع النشاط في قطاع الخدمات خلال الفترة الحالية وارتفاع أسعار المواد الغذائية التي انعكست بشكل ملحوظ على الطبقة الفقيرة في المجتمع الصيني، والذي بدوره يعطي مؤشرات تثبيطية على قدرة الاقتصاد العالمي على تجاوز هذه المرحلة دون آثار ملموسة. وكان البروفيسور فيليب مولينكس، المستشار في عدد من الجهات الاقتصادية العالمية كالبنك الدولي والمفوضية الأوروبية والخزانة البريطانية، قد أكد في تصريح سابق ل "الرياض" أن الحالة المالية والاقتصادية العالمية لا تزال هشة، في ظل تباطؤ الاقتصاد الكلي في أوروبا والولاياتالمتحدة بالإضافة إلى القلق والمخاوف حول الضغوط التضخمية في الصين والهند والناتجة عن زيادة الطلب في هذه الاقتصادات المتنامية بسرعة كبيرة وخصوصا في الصين. في هذا السياق أكد ل "الرياض" الدكتور مقبل الذكير أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز، أن الاقتصاد العالمي يشهد تسارعا في وتيرة ارتفاع معدلات التضخم نتيجة التطورات الاقتصادية على الرغم من أنه لم يخرج من مرحلة الكساد، مفيدا أن هذا سيكون له آثار سلبية على الاقتصاديات المستوردة من هذه الدول وخصوصا من الصين مما يعزز مؤشر التضخم المستورد في هذه الدول. وأضاف "من المقلق في المشهد الصيني أن الدول المستوردة منها ستتحمل تكاليف التضخم بارتفاع الأسعار والذي سيكون مؤثرا بشكل مباشر على مؤشر التضخم المحلي من خلال التضخم المستورد" مبينا أن المستهلك بدأ فعليا في لمس هذه التأثيرات من خلال صعود أسعار بعض السلع. وأبان الذكير أن التخوفات حول تأثير أزمة الدين الأمريكي نابعة من القلق حول مصير الدولار الذي يستخدم كعملة احتياط دولية وانخفاضه سيهدد اقتصاديات أخرى في مقدمتها الصين، كمقرض رئيسي للولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن التأثير سيمتد للدول المصدرة للنفط، مبينا أن هذه الأزمة قد تنعكس سلبا وبصورة تدريجية على قدرة الولاياتالمتحدة في توفير السلع في الأسواق العالمية.