الكل منكم يتذكر ما تعرض له اللاعب الروماني رادوي من مصاعب في الدوري السعودي وتدخل في اموره الخاصة واجباره على الرحيل بحجه رسمه للصليب على ذراعه، كان الكثير يغردون عبر الاعلام ويطالبون القيادة الرياضية بشطبه وحرمانه من العودة الى السعودية، الكل حينها تحول الى محام عن الاخلاق والاخلاقيات وتنظيف الملاعب من رادوي ومن هم على شاكلته، لم تهدأ الآلة الاعلامية، وهب الاغلبية قبل وبعد كل مباراة عبر الصحف والفضاء ومختلف المنابر للتحريض على قطع دابر الروماني، كان من يدعون انهم حراس الفضيلة لاتنام لهم اعين ولايهدأ لهم بال مالم يشبعوا الضيف الروماني سبا وشتما حتى مل من الحياة بيننا وقرر الرحيل الى العين الاماراتي وهنا هدأت العاصفة وانتصر من لم يكن هدفهم نزيها بتحقيق مآربهم وخسارة الهلال والدوري السعودي للاعب مؤثر. لم يكن هدفهم نبذ التصرفات الدخيلة بالدرجة الاولى، انما كان هدفهم واضح وهو كيف يؤثرون على الفرق المنافسة ويفقدونها أحد اعمدتها الرئيسية، وهناك من كان من يصرح ضد رادوي بعد كل مباراة حتى لو لم يكن فريقه طرفا فيها بحثا عن تأجيج القيادة الرياضية والاتحاد السعودي والشارع العام ضد هذا اللاعب. ما الذي حدث بعد ذلك؟ ارتياح "على طريقة تنفس الصعداء" وفرح عارم .. اما الان وقد نشرت وسائل الاعلام المختلفة خبر تعاقد النصر السعودي مع المدرب الارجنتيني بيكرمان والاشارة الى ديانته وانه كان يهوديا وسط نفي وتأكيد ودفاع ومطالبات بتحري الحقيقة وعدم الاندفاع خلف ما يكتب عبر المواقع فقد ثارت ثائرة من كان يمتعض من صليب رادوي وأولهم اعلاميون يدعون رفع راية الحياد ومقت التعصب والالتزام بالفضيلة والدفاع عن المعتقدات واستغربوا الضجة حول ديانة بيكرمان ويبدو انهم فتشوا في مختلف أوراقه وربما "شهاده ميلاده"!!، فلم يجدوا لليهودية اثرا بل طالبوا بعدم تكبير الموضوع ولماذا نذهب الى أبعد من حدود الرياضة؟، يا سبحان الله، التدخل في الحريات الشخصية وصليب رادوي الذي لا نتفق معه على الإطلاق أشغل الشارع الرياضي اياماً وشهوراً، وهناك من يطالب بعدم تحميل ديانة بيكرمان اكبر مما تحتمل، لاحظوا كم هي مسافة التناقضات الكبيرة بين صليب الروماني وديانة الارجنتيني، حتى جنسية اللاعب الاوكراني اندريه الذي خاض تجربة في الملاعب السعودية قبل فترة طويلة لم نعرف اصوله الا بعدما اصبحت وسائل الاعلام تتداول جنسية بيكرمان اليهودية، ماذا لو ثبت بالفعل ان هذا المدرب وبعد التوقيع مع النصر كان يهوديا، هل يصمت المناوئون لصليب رادوي، ويدركون ان ما كانوا يكتبونه ويتحدثون عنه ماهو الا بدافع الميول والاهواء؟ بالتأكيد ان التبريرات ستكون حاضرة من كل حدب وصوب وسينشغل الكثير بجلب بعض الشواهد ومقارنتها في حوادث اخرى تخص نادياً معيناً من اجل ذر الرماد في العيون والعمل بكل الوسائل الممكنة لإخفاء ديانة بيكرمان إذا ما كانت بالفعل يهودية. اننا امام ازدواجية وتناقضات في كل شيء لا يمكن ان تنتهي، والسبب أن ما يكون حلالاً اليوم يصبح محرما في الغد، حتى اصبحت الساحة الرياضية والاعلامية أشبه ب"حراج الصورايخ"، من خلال الاطروحات المضحكة والاراء الفاضحة. المصيبة ان بعض الاعلاميين اصبحوا اشد دفاعا عن انديتهم ومجرد ان يخرج الواحد منهم عبر الفضاء او مطبوعته حتى تظن انه متحدث رسمي باسم ناديه ولم يبق الا ان يطبع شعاره على صدره وظهره وتلوين وجهه على طريقة المشجعين، الامر الذي خدش مروءة الاعلام ومصداقيته امام الكثير، وقريبا سيتحول الهجوم ضد رادوي ولاعبين اخرين الى دفاع مستميت عن المدرب بيكرمان فالذي تغير هو ان رادوي كان يلعب لمن لا نحبه بينما بيركمان جاء للفريق الذي نعشقه و"عين الرضا عن كل عيب كليلة .. ولكن عين السخط تبدي المساويا".