من يعرف لبنان بتعدد وتنوع قدراته السياحية قبل أربعين عاماً بل ربما ثلاثين عاماً يتألم كثيراً حين يجد أن ملتقى رحباً متعدد كفاءات الأرض والمناخ والقدرة البشرية بشكل فريد ربما لا تتوفر تعدداته وتنوع ما هو عليه طابع بيروت مناخياً ثم بصعود لا يزيد عن أربعين دقيقة على الأكثر يجد نفسه قد دخل في أجواء تختلف تماماً عما كان عليه قرب البحر، ولم يكن هذا التميز يقف عند حدود الأرض والمناخ ولكن كفاءة مختلف القدرات السياحية وبراعة ايجابيات اللبناني في مقهى أو فندق أو مطعم أو تنوع شركات بشكل يختلف به عن أي مواطن عربي آخر.. على سبيل المثال هناك بعض دول عربية مليئة بوسائل الجذب السياحية لكنك لا تطمئن إلى سلامة ما يقدم لك من طبق طعام أياً كان نوعه.. نفس الشيء المهارة المختلفة في أداء التعامل.. تستغرب كيف تحول ذلك الشعب الأكثر بروزاً في قدراته وبالذات السياحية والثقافية والإعلامية إلى جسد جذب تتنازعه عدة سواعد تحوله إلى ثقوب دماء، حتى أنه أصبح الأكثر إهداراً لحياة قيادات ليس هناك أي اتهام واحد ضدها.. كمال جنبلاط، رينيه معوض، رياض الصلح، رشيد كرامي، رفيق الحريري، وكانت مؤشرات الإعلام تتحدث عن صراع إسرائيلي - سوري داخل لبنان ولم يكن وجود الدولتين هو الفارض لقسوة الخلافات بقدر ما كان التوجه المحلي أو حتى بتحريض من الخارج هو المؤثر الأول، وأذكر حين كتبت مقالاً أعبر به عن اليأس من اعتدال لبنان وعودته لوحدته الوطنية ما لم تكن هناك سيطرة سورية منفردة أو بديلة إسرائيلية منفردة، وكنت بهذا أعبر عن اليأس من الاعتدال المحلي وليس المطالبة بسيادة إحدى الدولتين داخله.. الذي حدث أن بعض وسائل الإعلام قرأت الموضوع وهي تتناول الجانب السوري أكثر من الجانب الإسرائيلي بعيداً عن معالجة الواقع اللبناني الذي امتد به الأمر لأن يكون أيضاً تحت تأثير إيراني، ثم يضاف إلى ذلك مشاركة الوجود الفلسطيني.. الآن أخذ الواقع السكاني والأمني.. عربياً وأوسطياً يتغير، بات بمقدور لبنان أن يسيطر على أحداثه، ولكن ذلك مرهون بوجود تحالف محلي يدعمه إلغاء تعدد الزعامات التي جعلته في بعض المراحل محكوماً بما لا يقل عن ثماني حكومات.. وهذا ما لم يحدث في أي دولة تبحث وحدتها الوطنية وتسعى للوصول إلى اتفاق التقدم التي قطعتها دول لا تملك إمكانيات لبنان في نوعية الكفاءة السكانية وطبيعة الامتيازات الجغرافية التي جعلته يسمى عن استحقاق فعلي بأنه وطن الجميع..