أبو تانكي المليء جسماً ذو الكرش الكبير، قال لأبو خالد:»أنا بنزل من السيارة وأشب النار»، حينها تزحزح من مقعد السيارة الأمامي ليشعل النار في حطّب كان يحمله في»شبك» السيارة العلوي. تشتعل النار والأطفال نيام ووالدتهم تحرسهم وأبو خالد وأبو تانكي، يفكران في كيفية الخلاص من الرمّال. أشرقت الشمس وإذا بهم في مأزق، لا يرون الطريق، يعتقدون أنهم قد تاهوا في رمال الدهناء المتحركة، اتفق»ابو خالد وأبو تانكي» أن يبحثا عن الطريق كل في اتجاه، ذهب الاثنان ومرت الساعات وحان وقت المغيب، ولم يعد أحد. نهت أم خالد لتجمع بعض الحطب وتوقده قريباً من السيارة التي أصبحت مأوى وأمانا في الليل ووقاية من الشمس بالنهار، ماذا تفعل تفكر وتطلب الله، فاليوم الثاني عاد ابو خالد بينما ابو تانكي لم يعد، قال لزوجته وأبنائه:»حافظوا على الموية والأكل، الظاهر بنطول فيذا، حسبنا الله ونعم الوكيل». تمر الساعات والايام وهم في انتظار الفرج، لم يتبق شيء من الزاد والماء، ماذا يفعل ابو خالد والابناء في حالة انهيار وبكاء، ذهب في الشمس الحارقة يبحث عن شيء يسّد جوع ابنائه الصغار ويروي عطشهم، يقترب من الموت عطشاً، يسقط على الارض بعيداً عن أبنائه يلفظ آخر أنفاسه. فجاءه وإذا بقطيع من الجمال قادم الى المكان تقفز ام خالد تحاول ان تلوح بيدها لعل احد مع هذا القطيع، يقترب كثيراً شاب من البادية معه الماء والزاد، واذا بالاطفال في آخر أنفاسهم، يسأل:»انتم وش اللي جابكم، هنيا؟، ذا المكان مقطوع»، يأخذهم في طريق عودته، وإذا به يرى من بعد رجل ممدد على الارض، يذهب له وإذا به ابو خالد قد فارق الحياة، تنهار ام خالد في حالة بكاء شديد، تسترجع ذكريات الأيام السابقة، تقول:»وش سوينا بأنفسنا، وش اللي جابنا فيذا؟». قال الراعي (غلفص):»لا تخافين يا بنت العم، الطريق والشرطة حولنا». وهي في حالة انهيار، فجأة تشاهد الطريق وسيارة الشرطة وسائقهم»ابو تانكي»ممدد على الارض ومغطى بقطعة قماش بيضاء، قد فارق الحياة، يطلب الشرطي عددا من سيارات الاسعاف والدخول مع الراعي لجلب جثة ابو خالد من الصحراء، يعودون إلى الرياض، يعرف الجميع ماذا حل بهم في رحلة الهفوف وعذابها..ذهب ابو خالد متشوقاً لرؤية والده قبل وفاته وإذا به يفارق الحياة قبله، الجاره سارة تسأل ام خالد:»الحين وشلون ما تحمل ابو خالد ذا الشمس والجوع والعطش، وذا البزارين تحملوا». أم خالد:»كتبت الله يا وخيتي، ابو خالد ما جلس من غرزنا، وهو ما حط في ثمه شيء، يبيها لعياله، وما ذبحه الا ضربة الشمس». كبر خالد واخوته، واستلموا دكان والدهم الصغير في حراج الرخوم، مستمرين في تعليمهم، وما زالت ذاكرة طريق الهفوف في مخيلتهم، خالد كلما كبر إزداد مدخولهم من الدكان في حالة تطور مذهلة.