الوسوسة في المعاجم هي حديث النفس يقال " وسوستْ " إليه نفسه وسوسةً و وسواسا. قد يكون حديث النفس هذا كله أوهاماً لا تستند إلى حقائق. محلياً نقول للشخص كثير القلق والشك وعدم التيقن من قيامه بالشيء بأنه موسوس. ما أود طرحه اليوم حكاية وسوسة النفس بتخيّل الإصابة بالأمراض. فقليل من الناس في عصرنا الحاضر من لم يقع فريسة لهذه الوسوسة فأيّ تغير في الجسم أو المزاج والنفسيّة يُحيله صاحبه إلى مرض أو علّة قد تكون خطيرة . السؤال لماذا يحدث كُل هذا ونحنُ في زمن العلم والاطلاع ومحاولة نشر الوعي الصحي؟؟ هُنا مربط الفرس كما أعتقد، فلو تذكرنا الآباء والأجداد وكيف أنهم عاشوا حياتهم دون قلق على صحتهم أو وسواس خنّاس تلاعب بأمزجتهم حول إصابتهم بالأمراض الخطيرة لربما انكشفت لنا العلّة. كتب الطبيب الفرنسي جورج دي هامل قائلاً بإدهاش أنه كلما ازداد جهل الإنسان بمواضع أعضاء جسده وعدم معرفته بوظائفها ، كان نصيبه من العافية واعتدال المزاج موفوراً..! هل اتضحت الصورة الآن؟؟ حسناً كيف نوفق إذاً بين ضرورة وعي المرء بما يجلب الأمراض لكي يتفادى أسبابها وبين هذه الرؤية الصادرة من طبيب أكيد بأنه يعرف تماماً نتائج قوله هذا ؟؟ أعتقد أن كلا الرؤيتين يحتمل جزءاً من (الصحّة) فالوعي الصحي أكيد مطلوب لكن زيادة (الجرعة) في المعلومات الطبية ألبحتة قد تؤدي بالإنسان إلى التفكير كثيراً في تلك المعلومات ومحاولة تطبيقها على نفسه، وبالتالي الدخول في نفق الوسوسة. أيضا لا ننسى التناقض العجيب في المعلومات التي تصدرها مراكز الأبحاث الطبية والدراسات التي تُجرى في كل مكان بالعالم. خذوا على سبيل المثال ما تسمعون وتقرأون حول القهوة؛ ذلك المشروب الشهير الذي لا يخلو منه منزل أو مقهى. نقرأ مرّة دراسة على أن شربها يقي من مرض السرطان فيندفع الناس للإدمان عليها خوفاً من ذلك المرض الشرس الخبيث. وبعدها تحمل إلينا وكالات الأنباء خبر دراسة أخرى في مكان آخر مفادها أن شرب القهوة قد يساعد على نمو الخلايا السرطانية فيقع الناس تبعاً لذلك في حيص بيص. استعيدوا في أذهانكم الأمراض الحديثة أو (المُستحدثة) غير السرطان والإيدز، هناك جنون البقر ،إنفلونزا الطيور، إنفلونزا الخنازير، أي كولاي ، وغيرها ألم تُثر فينا الوساوس والهواجس والخوف؟؟ أين تلك الفورة والثورة بشأنها الآن؟؟ هل هناك من يبيع علينا الوساوس ونحن نشتريها عن طيب خاطر؟ نقطة آخر السطر.