"موسوس " كلمة عامية من أصل علمي يطلقها الناس على أشخاص يعانون من أفكار أو سلوكيات معينة ؛غير أن الكثير يتخبط داخل المعنى المتداول بحيث أصبحت الكلمة "مطاطة " تطلق على كل من يتشكك برأي الآخر ويخالف قناعاته.. وحتى لا نكون ضمن هؤلاء الكثيرين دعونا نعرف معناها لدى أهل العلم من النفسانيين والمعالجين .. الوساوس هي أفكار سلبية مقلقة ملحة تدور داخل العقل على مدار اليوم ومن الصعوبة إيقافها دون اللجوء لحلول علاجية فاعلة ، قال تعالى " من شر الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس ، من الجنة والناس " فوضح المولى عز وجل أن مكان الوساوس داخل الصدور؛ وأنها إما من الجن أو الإنس ؛ وقد وصف هذا الوسواس بالخناس بمعنى يتوارى وينكمش ويترصد الفرص فليس له قوة على من يحمي نفسه منه ؛ ويرى علماء الدين أن وساوس الإنس أكثر ضرراً لأن وساوس الجن تنتهي وتتوقف بالقرآن ... ولكن كيف نعرف أننا مصابون بما يسمى " وسوسة " أو الوسواس ؟ يقول الدكتور صلاح الراشد في سلسلة من إرشاداته عن كيفية العيش براحة بال أن من أبرز صفات الشخصية "الموسوسة " .. الكمالية والمثالية فالشخص المصاب بهذا المرض يحب أن يكون لديه الأمور متكاملة فالعمل لابد أن يكون بالنسبة له متقناً 100% ولأننا بشر قلما نتقن العمل بهذه النسبة فهو يعيش حالة بحث قلق عن التكامل دون جدوى وكذلك الروتين .. فعادة ما يكون الشخص المعاني من الوسوسة شخصا يمارس نفس الأمور يومياً وبصورة شبه ثابتة والدقة الزائدة والاهتمام بالتفاصيل .. والموسوسون يرفعون شعار أن الخروق الصغيرة تغرق السفينة وبالتالي يجهدون أنفسهم في دقائق أو صغائر الأمور ويتصفون أيضاً بالعناد ؛ فمن الصعوبة على هؤلاء الناس تغيير قناعاتهم أو تقبل الآراء المخالفة لآرائهم ، إلا أنهم من فئة الأذكياء ... فبالرغم من أن الذكاء صفة إيجابية إلا انه لدى الأشخاص المصابين بالوساوس يتوجه للأفكار السلبية كذلك للوساوس أنواع كثيرة منها وساوس النظافة ، التشكك ، اجترار الأفكار ، العنف ، وساوس العين والحسد وهي الأكثر انتشاراً لدينا في منطقة الخليج العربي لاسيما لدى السيدات بالرغم من العلم بأدعية الأذكار وقراءة القرآن ؛ مما يدل على وجود مشكلة الوسوسة المرضية التي تجعل صاحبتها تخشى أعين وكلام الناس وتعيش في دوامة القلق من الحسد والعين والسحر رغم التحصين ورغم أي أدلة أو براهين !! .. وقد أظهرت الدراسات أن مرض الوسواس يعتبر رابع مرض نفسي يصيب التعداد العام للسكان .. المشكلة أن حجم المصابين بهذا المرض لا يقتصر على أصحاب العلة وحدهم فهناك نظرية علمية مثبتة هي أننا نتناقل الأمراض ؛ فغالباً ما يتقمص ويتأثر المحيطون بالمريض بأعراض مرضاهم بمعنى أننا نتناقل أعراض الأمراض شئنا أم أبينا ..!! أما المشكلة الأخرى بالموضوع فهي أن أعلى درجات التوتر النفسي والمعاناة من مرض الوساوس تبلغ ذروتها في سن العشرين عاماً الأمر الذي يجعلنا نعيد النظر في الإمكانات التأهيلية النفسية المتاحة لهذه الفئة العمرية التي تشكل أكثر من 70% من سكان المملكة في الوقت الذي لازلنا ننادي بالاهتمام بهذه الفئة على الصعيد الترفيهي والثقافي والاجتماعي والوظيفي والتعليمي .. بقي أن أشير إلى ضرورة الاعتراف بوجود المشكلة لدى من يعاني منها حيث تبدأ خطوات العلاج الفعلية من هذا الاعتراف ومن ثم اللجوء للأطباء النفسيين ؛ كما أن للبرمجة العصبية وتقنيات الحرية النفسية دورا كبيرا جداً في القضاء على الوساوس وقبل هذا وذاك كلام الله الذي فيه شفاء للناس شرط التيقن والثقة ؛ كفانا الله وإياكم ألم المعاناة ظاهرها وخافيها