يبدو أن الشارع الرياضي فقد ثقته باحتراف اللاعب السعودي خارجياً بعد سلسلة من "الكباري" التي نجحت بعض الأندية بإنشائها لنقل النجوم إلى كشوفات فريقها، وعلى الرغم من أن احتراف النجوم والمواهب السعودية خارجياً هو المطلب الذي ينشده الشارع الرياضي إلا أن كثرة العودة إلى الملاعب السعودية من أوروبا عبر "الكوبري" حول هذا المطلب إلى مناشدات لجنة الاحتراف بحفظ حقوق الأندية من تمرد "مواهبها" التي رعتها منذ النشء وصرفت عليها مبالغ من أجل خدمة النادي، وتمرد "نجوم" الفريق الباحثين عن مصالحهم دون النظر بمصلحة النادي الذي فتح له أبوابه للعب والوصول إلى عالم الشهرة ولعل الأمثلة التي غادرت الملاعب السعودية ثم عادت مجدداً هي كثيرة، فالمهاجم الدولي السابق طلال المشعل واحد من اللاعبين الذين رسموا هذه الفكرة من خلال انتقاله لنادي المريخية القطري ثم عاد بعد أيام للتوقيع لنادي الاتحاد السعودي، والدولي السابق أحمد الدوخي الذي انتقل إلى نادي ويلبرج البلجيكي ولم يلبث إلا أيام وتم إعلان توقيعه بعقد جديد مع نادي النصر قادماً من الدوري البلجيكي دون مراعاة حقوق ناديه "الاتحاد"، ومهاجم فريق أحد عبدالحليم العامودي الذي انتقل إلى نادي النهضة التوجولي ثم عاد لنادي الأنصار والذي مثله الموسم الماضي ولعل آخر اللاعبين السعوديين الذين عادوا للدوري السعودي عبر "كوبري" الاحتراف الخارجي لاعب نادي الوحدة عبدالخالق برناوي والذي وقع لفريق مافرا البرتغالي قبل أن تأتي الأخبار مجدداً بتوقيع اللاعب مع نادي الاتحاد، وفي هذه الأيام ظهرت أخبار عن إنشاء "كوبري" جديد ينقل لاعب القادسية الشاب خالد الغامدي لنادٍ سعودي دون العودة لنادية الأصل "القادسية" وكان اللاعب الغامدي قد وقع لنادي أف سي ويل السويسري إلا أن اللاعب نفى أن يكون انتقاله لأوروبا مجرد كوبري يعيده لنادٍ آخر في الدوري السعودي وطالب الغامدي من وسائل الإعلام الوقوف جواره ودعمه في الاحتراف الخارجي دون نشر الأحاديث عن أن انتقاله يقتصر على كونه كوبري يعبر لنادي آخر في السعودية. أقف عند النقطة التي تحدث بها اللاعب الموهوب خالد الغامدي ومطالباته للإعلام وللشارع الرياضي الوقوف معه في رحلته بالاحتراف الخارجي، فمطالبه منطقية وكلامه واقعي ولكن عليه أن يتقبل فكرة الشارع الرياضي عن الاحتراف الخارجي بأنه اقتصر على "كوبري" لنقل اللاعبين لأندية سعودية ، فالأمثلة كثيرة على ذلك لأن ثقافة اللاعب السعودي تقتصر على البحث عن المال وإفادة نفسه دون إفادة النادي الذي إاعتنى به منذ الصغر ووفر له مدربين لصقل موهبته ووسائل لنقله من منزله إلى النادي بشكل يومي، وفتح له أبواب النادي ومنحه الثقة لتقديم المستويات ووقف بجواره ودعمه حتى أصبح نجماً يشار له بالبنان، ثم يكافئه اللاعب بالجحود والنكران تحت غطاء "الاحتراف" مستغلاً ثغرة واضحة في لوائح الاحتراف تظلم الأندية التي تملك لاعبين هواة كما حدث مع لاعب الوحدة عبدالخالق برناوي وهذا الأمر لا يقتصر على أندية دوري زين بل يصل إلى أندية الدرجتين الثانية والثالثة، حيث يحق لأي نادٍ يطبق الاحتراف أن يوقع مع لاعبي أي فريق هاوٍ دون الرجوع لناديه وهذا الأمر فيه ظلم واضح للأندية التي تقبع في دوري المظاليم، وعلى ذلك فإن مطالبات بعض النقاد والمسؤولين للأندية التي تقبع في درجتي الثانية والثالثة بالاعتناء بالنشء والاهتمام بالفئات السنية هي مطالب غير شرعية ونظرة خاطئة لأن النظام يقف ضد هذه النقطة فمن غير المنطقي أن تهتم هذه الأندية باللاعبين وعند بروزهم ينتقلون دون العودة لناديه الأصلي، وعلى الرغم من أن النادي يحصل على أجر التمرين إلا أن ذلك ليس كافياً فإذا وجد لاعب يملك الموهبة والإمكانات الفنية ويمثل منتخبات الفئات السنية وسعره يصل إلى قرابة خمسة ملايين ثم ينتقل إلى نادٍ يطبق الاحتراف ويقتصر المبلغ الذي يصل لناديه الأم قرابة مئة ألف فإن ذلك ليس تشجيعاً للأندية بأن تهتم باللاعبين الصغار، كون الفائدة الفنية ربما تذهب لنادٍ آخر دون أن يضخ مبلغاً مالياً في ميزانية النادي الذي بذل جهده لسنوات طويلة في رعاية اللاعب ربما منذ وجوده في فئة البراعم. وجود مثل هذه الثغرات في لوائح الإحتراف تهضم للأندية حقوقها تجاه لاعبيها الهواة وتفسد مفهوم الاحتراف الخارجي لدى الأندية، وهذا الأمر يعود بالضرر على تطور الرياضة السعودية والتي تفرض مصلحتها أن تراجع لجنة الاحتراف هذه الجزئية من لائحة الاحتراف، حتى لو تطلب الأمر إعادة صياغتها مجدداً بحيث تكفل للنادي حقه الكامل وليس بجزء بسيط وفي الوقت ذاته لا توقع بالظلم على اللاعب الذي يمثل نادياً هاوياً ويرغب بالانتقال لنادٍ يطبق الإحتراف، كما يتطلب من لجنة الاحتراف وضع شرط للاعب الهاوي الذي يرغب الاحتراف الخارجي أن يمتد عقده لموسمين وأن لايعود للملاعب السعودية قبل إكمال عقده كاملاً في الاحتراف الخارجي وبغض النظر إن أستمر في الدوري أو انتقل لدولة أخرى في حال إن رغبت لجنة الاحتراف بوجود احتراف خارجي "حقيقي" للاعب، وإن استمر الوضع مثلما هو عليه الآن فإننا موعودون بإنشاء مزيد من مشاريع "الكباري" في الكرة السعودية.