شهدت منطقة عسير مؤخرا هجرة جماعية مؤقتة لعدد فاق ال 100 طالب وطالبة من المنتسبين لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة لأداء فترة الامتحانات، ولم تتسن لهم الفرصة للالتحاق بجامعة منطقتهم لضيق التخصصات التي تتناسب مع سوق العمل. المهاجرون سبق لبعضهم إتمام مرحلة الثانوية ولم يتم قبولهم بالجامعة لتدني مستوى النسب مما دفع بهم الأمر إلى الانتساب بجامعة الملك عبدالعزيز مقابل مبلغ مالي قدر ب 6 الاف ريال للعام الواحد؛ ليحققوا رغباتهم وانتقاء التخصص الذي يحتاجون إليه فيما ركزوا على التخصصات التي تحقق لهم فرصا وظيفية جاء أبرزها الإدارة العامة وإدارة الأعمال في المجال العلمي، بيد أن التخصص الأدبي احتل علمي الاجتماع والنفس المركز الأول في مستوى الإقبال. "الرياض" رصدت من خلال جولة ميدانية أن أعداد المنتسبين من كلا الجنسين لديهم وظائف بمستوى تعليمي متوسط متأرجحة بين خريجي الثانوية العامة والمعاهد العلمية والكليات المتوسطة ويرغبون في الحصول على درجة البكالوريوس بينما آخرون ليس لديهم وظائف وينتمون لأسر ذات دخل محدود، وإدارة الجامعة سمحت لطلاب وطالبات السنة التحضيرية في بعض مناطق السعودية بأداء اختباراتهم في مناطقهم مقابل 1000 ريال لتساوي المواد العلمية الموحدة والمطروحة، ولم تتح للبقية ذات السمة لتشعب التخصصات للطلاب والطالبات. وعلى غرار الابتعاث الخارجي للطلاب والطالبات السعوديات بدول متعددة يشبه الطلاب والطالبات المهاجرون حياتهم بالمغتربين عن البلاد، ويعيشون طقوسا من الحرية أوسع من تلك التي كانوا يعيشونها في منطقتهم، حيث تسكن الطالبة خلود وأربع أخريات في شقة مفروشة ويمضين فترة الاختبارات مع بعضهن على الرغم أنه لا يوجد بينهم صلة قرابة، ولكن انتماءهم لمنطقة واحدة علاوة على انتسابهن لجامعة واحدة جمع بينهم ليتقاسمن مرارة الغربة على حد تعبيرهن بالإضافة إلى تحملهن ارتفاع أسعار الإيجار للوحدات السكنية بشكل ملحوظ في وقت يعتبر أصحاب تلك الوحدات أن وقت الاختبارات يعد موسما لا بد من استغلاله على الرغم من الإجراءات الاحترازية التي شرعت فيها الهيئة العامة للسياحة والآثار فيما يخص التسعيرة. وفي الوقت الذي تشكل لهن الهجرة منحنى فيه من المعاناة الكثير، فإنهن يعتبرن فترة الاختبارات بمثابة رحلة سياحية فتؤكد "خلود" أنهن يشعرن بحريتهن بعيداً عن رقابة الأسرة والقبيلة التي تمنعهن من الجلوس في مقهى واحتساء قهوة الصباح أو المساء مع الصديقات فيقمن بممارسة ذلك دون تحفظ وقيود. "عبير" طالبة بجامعة الملك عبدالعزيز قادمة من منطقة عسير وبرفقتها طفلها وخادمتها تشير إلى أن حياة العزوبية التي تعيشها تجدد من حياتها، وعلى الرغم من أنها فترة اختبارات وضغوط نفسية إلا أنها تستمتع بالوقت مشددة على أن ممارستها لحريتها لا يعني تمردا أو خروجا عن ما هو مألوف بل هي ممارسة فعلية لحياتها الطبيعية. إلى ذلك أكد طالب فضل عدم ذكر اسمه على أنه في ظل تحمل الطالب والطالبة لمصروفات الانتساب بجامعة الملك عبدالعزيز إلى أننا نتحمل مصروفات مضاعفة تتمثل في المسكن والمشرب والأكل واستئجار سيارة تصل إلى 10 آلاف ريال لفترة الاختبارات؛ إلا أنّ إدارة الجامعة لم تراع ظروفنا كمغتربين وقادمين من مناطق بعيدة ووزعت المواد على مدار ثلاثة أسابيع على الرغم من انه لا تتجاوز لدى الطالب ست مواد مقررة عليه وبالإمكان أن ينهيها في ستة أيام. ولكن خروج الفتيات بمفردهن مع زميلاتهن وبقائهن فترة طويلة في مدينة جدة لم ترق لأهاليهن ويجدن رفضا ومعارضة شاسعة بحسب ما أدلى به "أبو محمد" والد لفتيات يكملن تعليمهن الجامعي، حيث يرى أنّ العادات والتقاليد لم تبح هذا النوع من التصرفات ومازلنا كمجتمع نرفضها ليس خوفا من الفتاة بقدر ما هو خوفا من الانتقادات اللاذعة، ولكني بعد زمن تقبلت هذا النوع من السفر وسمحت لبناتي به لأداء اختباراتهن في وقت مازال هناك رفض من قبل البعض وخاصة الاخوة.