في وقت يتمدد فيه العالم الافتراضي، ليأخذ مساحات واسعة وقطاعات مهمة من عالم الواقع، تبرز بشكل لا مجال لتجاهله قصة «التعليم عن بعد» كجزء من عجلة السيطرة الافتراضية، لكن انتشار التعليم الإلكتروني – بحسب مراقبين - لم ينضج بعد في كثير من دول العالم، خصوصاً في العالم الثالث، وإن ضجت الإعلانات بالترويج له. وعلى رغم استحداث جامعات كثيرة لعمادات للتعليم عن بعد، إلا أن جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، تعد الأبرز سعودياً في مجال التعليم عن بعد، إذ كشف عميد القبول والتسجيل في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالفتاح مشاط ل«الحياة»، أن الجمعة تضم 60 ألف طالب يدرسون في برامج التعليم عن بعد. وتخصص الجامعة التي يتجاوز عدد طلابها 120 ألف طالب 50 في المئة من برامجها التعليمية لأولئك الباحثين عن الانتساب والتعليم عن بعد. ومع أن متخصصين يعتبرون أن ما يسمى تعليماً عن بعد في السعودية لا يمت إلى واقع المصطلح بكثير من القربى، خصوصاً أن معظم الجامعات حوّلت برامج الانتساب التقليدية إلى برامج «تعليم عن بعد» من دون تغيير حقيقي في آليات النظام، إلا أن حجة الجامعات تبقى الالتزام باللائحة الصادرة عن التعليم عن بعد، بوجوب حضور الطالب الدارس عن بعد شخصياً لتأدية الاختبارات. وحول نظام الدراسة عن بعد في جامعة الملك عبدالعزيز، أوضح مشاط أنها «إلكترونية» من ناحية المحاضرات وتسلم الواجبات وتسليمها، غير أن حضور الطالب أو الطالبة للجامعة لأداء الاختبارات النهائية إجباري، «للتأكد من هويتهم»، موضحاً أن لدى الجامعة فروعاً عدة في أكثر من منطقة. وعما إذا كانت هناك اتجاهات مستقبلية لأن تكون الاختبارات «إلكترونية» وعبر الأثير العنكبوتي، أشار إلى وجود اتجاه لتطبيق ذلك في بعض التخصصات مثل الحاسب الآلي، «إلا أن هناك عائقاً وحيداً يكمن في كيفية التحقق من هوية المنتسب»، موضحاً أن الحضور لمقر الامتحان أمر إلزامي، وهو من ضمن اللوائح التي اشترطتها وزارة التعليم العالي. وشدد عميد القبول والتسجيل في جامعة الملك عبدالعزيز على أن المحتوى العلمي المقدم للملتحقين عن بعد «لا يختلف عن نظيره المقدم للطلاب المنتظمين، فالجميع يسيرون على خطة دراسية موحدة». واستطرد: «غير أن هناك بعض المهارات التي قد يستطيع اكتسابها طالب الانتظام من الحياة الجامعية، قد تفضله على طالب الانتساب، فخلال أربع سنوات يقضيها الطالب في الجامعة قد يكتسب مهارات ربما لا يستطيع طالب الانتساب اكتسابها، لكن من الناحية العلمية والتحصيل العلمي، فهما في الكفة نفسها»، مؤكداً تكافؤ الفرص، وعدم وجود فروقات بين المنتظم والمنتسب من ناحية التقديم على برامج الدراسات العليا في الجامعة. وبخصوص ما يثار من صعوبة حصول حامل شهادة الانتساب على وظيفة، خصوصاً أن جهات حكومية عدة لا تقبل بهذا النوع من الشهادات، لفت مشاط إلى وجود بعض الجهات الحكومية التي تتطلب وظائفها بعض المهارات كالجهات التعليمية، «فالتعليم يحتاج لبعض المهارات التي تكتسب من خلال الحياة الجامعية، ومن المحتمل ألا يكون هذا الأمر مثل الثقافة التربوية ونحوها، لكن كموظف مكتبي، فلا فرق بين المنتسب والمنتظم». وحاولت «الحياة» الحصول على أرقام ومعلومات تخص المنتسبين وبرامج التعليم عن بعد في جامعة الإمام محمد بن سعود، إلا أن المسؤولين في جامعة الإمام رفضوا التعاون والاستجابة على مدى أكثر من شهرين. من جهته، أوضح مدير العلاقات العامة في المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد التابع لوزارة التعليم العالي خالد العقيلي ل«الحياة»، أنه لا توجد اعتمادات من الوزارة إلى الآن للمراكز والمعاهد الخاصة من ناحية «التعليم عن بعد»، وأن الاعتماد المعمول به حالياً للجامعات المصرح لها وفق شروط ولوائح وزارة التعليم العالي، مشيراً إلى وجود لائحة رسمية في موقع المركز الإلكتروني توضح ذلك، لكنه لم يوضح أعداد الطلبة الملتحقين ببرنامج التعليم عن بعد، مكتفياً بالقول: «العدد يختلف من جامعة إلى جامعة أخرى».