ترى شرائح عديدة داخل المجتمع مناخا مناسبا وفرصة لإثارة قضايا لم تكن الظروف مناسبة من قبل لطرحها، ومن بين هذه القضايا موضوع قيادة المرأة في السعودية للسيارة لمواجهة تحديات ومتطلبات المرأة تجاه نفسها وافراد اسرتها وهو الموضوع الذي سبق لبعض المسؤولين ان صرحوا بأن هذا الامر متروك للمجتمع نفسه. وبعيدا عن اي سجال فقهي او فكري او اي موقف مع او ضد قيادة المرأة في السعودية للسيارة تقتضي منهجية الحوار الذي دعا اليه ديننا الحنيف، ليس بشأن قضايا بسيطة مثل قيادة المرأة للسيارة بل في الاختلاف العقائدي والفقهي الا ما يتعارض مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة واقره الكتاب والسنة وعامة علماء الأمة بجميع وجهات نظرهم تقتضي الابتعاد عن التشنج والتعصب للرأي، وان الفيصل في مناقشة المسائل الفقهية والفكرية والحقوقية، كما اتى بها إسلامنا هو التدافع بالرأي والاحتكام الى النصوص او اجتهاد العلماء في حالة عدم وجود نص قطعي الثبوت والدلالة. على كلا الطرفين المختلفين حول مسألة قيادة المرأة ان يأخذا في الاعتبار ايضا الظروف الدقيقة التي تمر بها الامة العربية والمنطقة وألا يعطيا الفرصة لمن يراقب ويتابع ما تمر به أمتنا العربية والإسلامية اليوم من احداث وتحولات جوهرية للتدخل في شؤوننا الداخلية والدينية اما بدعوى الدفاع عن حقوق المرأة او باتهامات انتقائية كما نرى اليوم في العديد من التقارير والتصريحات الأوربية والأمريكية. هناك أولويات بالنسبة للدولة فرضتها التطورات الاخيرة وهناك ايضا ضرورات يطالب بها المجتمع وليس بين هذه الأولويات والضرورات من تعارض بحيث الدولة تعمل لمصلحة المجتمع والمواطن يهمه استقرار وسلامة الدولة ولذلك وجب على المخالفين والمؤيدين لقيادة المرأة في السعودية للسيارة ألا يضعا الدولة في حرج أو تعارض مع رغبة المجتمع او على الأقل شريحة منه خاصة وأن الموضوع لم يخضع لاستطلاع رأي حتى يقال بأن هناك أغلبية أو أقلية. إن مصالح الدين والدولة والوطن لا تقاس بمعيار الأغلبية والأقلية وانما بترجيح المصلحة على المفسدة عملا بالقواعد الأصولية والفقهية وهذا أمر لا يتقرر بتبادل الاتهام او التجريح وإنما يقرره عقلاء مملكتنا حفظها الله من اهل العلم والفكر تحت قيادتنا الرشيدة ومؤسسات دولتنا. لقد كان قرار الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الاستراتيجي المسنود بالفهم العميق لشريعتنا السمحاء وبإدراك حاجيات أمتنا لكل ابنائها نساء ورجالا حين فتح ابواب المدارس لمن يرغب من اسر المجتمع في ارسال بناته للدراسة ولم يجبر احدا على ذلك ثم التحفظات التي وجدت هنا وهناك اجتماعية وعرفية الا ان التاريخ انصفه رحمه الله وها نحن نرى اليوم بناتنا وسيدات المجتمع يشاركن الرجال اما أبا أو أخا أو ابنا أو عما أو خالا للنهوض بمملكتنا والمساهمة في بناء صروحها في جميع مناشط الحياة حتى تكون مملكتنا برجالها ونسائها في مواجهة المخاطر والتحديات. ان عامل الوقت مهم في إدارة الخلاف أو الاختلاف وأيضا في إنضاج الفكرة ومناخ الحوار بين مختلف الآراء حول موضوع قيادة المرأة في السعودية للسيارة وعليه يجب على الجميع ألا يجعل مجتمعنا يواجه بعضه بعضا وإنما أن يقف الجميع وقفة رجل واحد وامراة واحدة. لن يضر المؤيدين لقيادة المرأة للسيارة إذا تركوا للوقت الفرصة لتهيئة المجتمع ثقافيا ونفسيا ولن يضر المخالفين لها التبصر والاعتدال ما دام الأمر مجرد وجهات نظر يطرحها الطرف المؤيد لقيادة المرأة للسيارة وهما معا أبناء المجتمع الواحد والدين الواحد تحت قيادة سياسية حكيمة واحدة لن بل لا يجب أن يشتت شملهم ويفرق كلمتهم مسألة قيادة المرأة للسيارة. مسألة تم تداولها كثيرا.. علينا اغتنام وجودنا في هذا العصر الذي تغلب فيه الحكمة والتعقل لاتخاذ الرأي. فرصة لا يجدر التفريط فيها.