اطلعت على ما نشر في جريدة عكاظ، عدد يوم الأربعاء 27 ربيع الآخر 1432ه الموافق 2 مارس 2011م بخصوص جهوزية مطار العلا بسعة 100 ألف راكب سنوياً، ولا أملك إلا أن أهنئ محافظ العلا وأهلها على انجاز هذا المشروع الحيوي المهم الذي تأخر انجازه في حقيقة الأمر، لأن العلا محافظة مهمة، ولها عمق تاريخي وحضاري وتراثي مهم، ومستقبل سياحي واعد لاشتمالها على كثير من المواقع الاثرية المشهورة من أهمها مدائن صالح (الحجر) والخريبة والمابيات، والحي السكني القديم، ووقوعها في وادي القرى المشهور بخصوبته، وطول فترات الاستيطان البشري فيه. فهي جديرة بحق على أن يؤسس مطار على أرضها، يقربها من مدن المملكة الأخرى، ويقرب الناس إليها، خصوصاً وأن كثيرين يتوقون إلى زيارتها، والتعرف إليها، وإلى آثارها وتراثها، وإلى طبيعتها الخلابة، فماذا عن القنفذة وعن مطارها؟ لعل مما دفعني إلى استغلال هذه المناسبة للكتابة، ذلك التشابه الكبير بين محافظة القنفذة ومحافظة العلا، فكلتاهما تقعان في الحجاز، الأولى: في جنوبه، وتتبع إمارة مكةالمكرمة، والثانية: في شماله، وتتبع إمارة المدينةالمنورة، وبينهما ارتباط تاريخي قديم شهد كثيراً من المصادفات اللافتة للانتباه في التاريخ السعودي الحديث من بينها تنقل عمل عدد من المسؤولين إلى كل من المدينتين واحداً تلو الآخر، من ذلك انتقال بعض امراء القنفذة في حقبة الخمسينيات أو السيتينات لتولي الإمارة في العلا، وانتقال رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إبراهيم السحيباني من العلا ليتولى رئاسة الهيئة بالقنفذة، وانتقال العقيد عريفج راشد العريفج، مدير شرطة القنفذة، إلى العلا ليكون مديراً لشرطتها قبل ترقيته إلى رتبة عميد، وانتقاله إلى المدينةالمنورة، ومن العلا عمل الأستاذ مصطفى بديوي مديراً للتعليم بمحافظة القنفذة في منتصف الثمانينيات الهجرية، إضافة إلى توطن بعض أفراد من أهل محافظة العلا وغيرها من محافظات شمال غرب المملكة في القنفذة بعد أن عملوا فيها سنين عددا في خفر السواحل، وحرس الحدود، وبعض مراكز الإمارة والاتصالات السلكية واللاسلكية منذ بواكير الدولة السعودية الحديثة. كذلك تتشابه القنفذة مع العلا من حيث الأهمية التاريخية والحضارية والتراثية، وخصوبة التربة، وإن تفوقت القنفذة على العلا من حيث عدد السكان، واتساع المساحة، والرقعة الزراعية، والأهمية التجارية بوصفها ميناء تاريخياً لمنطقة عسير ومنطقة الباحة، واشتمالها على ظهير جغرافي يمتد شرقاً وجنوب شرق إلى نجران وتثليث وبيشة حتى وادي الدواسر، ما يؤهلها إلى استعادة دورها التاريخي والتجاري لخدمة ذلك الظهير الواسع، ولا أظن إلا أن الفرج قريب إن شاء الله لاستعادة ذلك الدور، خصوصاً أن أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل يولي ميناء القنفذة ومطارها جل اهتمامه، ويتابعهما متابعة شخصية بنفسه منذ توليه مقاليد الإمارة، فضلاً عن زياراته المتكررة للمحافظة لتفقد أحوالها واستطلاع احتياجاتها من مخلف الوجوه بما في ذلك مطارها الذي نؤمل ألا يطول انتظار تنفيذه وانجازه. فسمو أمير المنطقة يدرك غاية الإدراك حاجة القنفذة إلى تأسيس مطار على أرضها بالنظر إلى أهميتها الاقتصادية والسياحية، وكثافتها السكانية، فضلاً عن أهمية مطار القنفذة في خدمة تهامة منطقة عسير، وتهامة منطقة الباحة، فجميع المدن والقرى والقبائل الممتدة من محايل مروراً ببارق وخاط والمجاردة إلى ثربان وجمعة ربيعة والبرك والصوالحة وبني ذيب بمنطقة عسير تنتظر خدمات هذا المطار، ومثل هذه بلاد غامد الزناد، ومحافظتا المخواة وقلوة بمنطقة الباحة، حيث سيكون مطار القنفذة أقرب لها وأسهل من مطار العقيق الذي يبعد عن الباحة نفسها بحوالي 50 كيلو متراً، فضلاً عن المعوقات المتمثلة في الجبال الشاهقة، والعقاب الخطرة، والمسالك الصعبة الوعرة التي تفصل التهائم عن سرواتها، فهل يتحقق انجاز مطار القنفذة قريباً؟ وهل يفرح أهلها وجيرانهم في تهائم منطقة عسير، ومنطقة الباحة كما فرح إخوانهم في محافظة العلا؟ إننا ننتظر.. فمتى سيكون الفرج يا هيئة الطيران المدني؟! * عضو مجلس الشورى