يلاحظ أن معظم كبار السن - خاصة المتقاعدين منهم - "مولعون" بخدمات النت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك رغبة منهم في التفاعل مع الآخرين، وعدم الشعور بالعزلة مع "جيل الألفية"، إلى جانب الخروج من دوامة الفراغ، و"الطفش" والبحث عن "عالم جديد" حتى ولو كان افتراضياً. الاستعانة بالأبناء واعترف "غالب السالمي" - في عقده السادس - أنّ "الأميّة" اليوم تطلق على من لا يمتلك المعرفة التقنية ولا يحسن التعامل مع الأجهزة الالكترونية؛ في ظل الثورة الهائلة للمعلومات والتدفق السريع لها عبر وسائل التكنولوجيا المختلفة، ولذا فهو استعان بأحد أبنائه الشباب من أجل تعلّم بعض المهارات اللازمة في استخدام الانترنت وإنشاء حساب خاص له في موقع "الفيس بوك" لمواكبة هذه الثورة التقنية والتفاعل مع أفراد المجتمع الذين أولوه اهتماماً بالغاً، حتى بات أكثر حديثهم عن الفيس بوك وعن آخر موضوعاته، قائلاً: "إن الفضول قاده إلى التعرف على هذا الموقع الذي كان لا يعرف عنه سوى اسمه، فقد تكرر الحديث عنه في المجالس ولدى الكبار والصغار وحتى في الصحف والنشرات الإخبارية؛ حتى قررت التوغل في هذا العالم الذي كنت أتعامل معه بشكل سطحي وبسيط، فلم أعد كذلك بعد إنشاء صفحتي الخاصة والتعرف على الأصدقاء في مختلف الأعمار وتبادل الثقافات والاهتمامات". التكيّف مع البيئة التقنية ونظراً لما يواجهه "يوسف القحطاني" - 52 سنة - من ضرورة استخدام تكنولوجيا التعليم للتفاعل مع البيئة المدرسية الحالية، ونبذ الوسائل التعليمية التقليدية القديمة كونه يعمل في الوسط التربوي فهو يجد نفسه ملزماً على التكيف مع البيئة التقنية الحديثة، قائلاً: "لقد أصبح الحاسب الآلي أداة أساسية بل وضرورية في المؤسسات التعليمية ويتحتم على الجميع التعامل مع الأساليب التقنية للأغراض المدرسية أو الحياتية العامة"، حيث ذكر أنه يتشارك مع طلابه بعض المواضيع والمعلومات ومناقشة العديد من الأمور التعليمية أو الشخصية في مواقع الفيس بوك والتويتر ومنتديات التعليم، كما أنه لا يفارق حاسوبه اللوحي "الآيباد" للاهتمام العالمي به، ولحاجته الدائمة إلى التعامل مع الكتب والمكتبات والبحث عن مصادر المعلومات، نافياً أن يكون كبار السن لا يتقبلون التقنية بل هم فقط لا يحسنون التعامل معها. مواكبة الأحداث وفي الوقت الذي يجد فيه البعض أن كبار السن يشكّلون إعاقة حقيقية في عصر التعاملات الالكترونية؛ لأنهم يجدون صعوبة بالغة في تعلّمها والتعامل بها نجد هناك من يحرص على اقتناء كل ما يقتنيه الشباب والمراهقون في عالم أجهزة الاتصال والهواتف المحمولة غير آبه لسنّه الكبيرة ولا لبياض رأسه. ويرى "د. خالد الصغير" - استشاري نفسي واجتماعي - أنّ كبار السن في الآونة الأخيرة قد فرضت عليهم الأيام مواكبة الأحداث لما رأوا فيها من سرعة الحصول على ما يريدون تطبعاً بطبيعة الزمن الحاضر، فمنهم من لجأ إلى الانخراط والتواجد بالصفحات الإلكترونية لسد الفراغ الشاسع لديه والتأثر الكبير الحاصل فجأة خاصة بعد التقاعد من العمل؛ ليؤكد للجميع بأنه قادر على العطاء والبذل وبأنه متجدد ليسارع ويرد بطريق غير مباشر على كل من يلمزه بالهبوط النفسي إشارة منهم إليه بالنهاية، والتي يرفضها الإنسان لينهض للعمل والتحرك من أجل الابتعاد عنها وكل ما يقرب لها ويحافظ على قوته، فطبيعة الإنسان وخاصة الرجل يكره الضعف؛ لأنه يعتبره نقصا في رجولته، ومع هذا كله أنا أعتبر في نهاية المطاف بأن هذا هو تسلية وسد فراغ وقته لكيلا يشيخ مرتين. حب التقدم من جهة أخرى، هناك من لجأ إلى التواجد في الصفحات الإلكترونية ليواصل على ما كان عليه، فطبيعة عمله السابق كانت قد فرضت عليه استخدام هذه التقنيات، ولم يمض وقت طويل على استخدامه لها حتى ترك العمل؛ إلا أنّ آثار هذه التقنية أثرت عليه فاقترب منها واعتمد عليها ومن أجل ألا يخسر ما تعلمه وخوفاً من تقدم غيره عليه بالمستجدات القادمة استمر على ما كان ليتطور في المضي والتقدم والسير نحو الأمام، فمن طبيعة الرجل أيضاً حب التقدم وحب المراكز الأولى، وفي كلا الحالتين أمرهما جيد ففي الحالة الأولى محاولة إسعاد النفس بطريقة ملء الفراغ والحالة الثانية هي مواكبة التقدم ليصل في النهاية إلى إسعاد النفس.