مع تصاعد الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو وشعور إسرائيل بأنه لا مفر أمامها إلا البحث عن فرصة جديدة تحاول من خلالها المراوغة والدخول من جديد في دائرة مفرغة من المفاوضات مع الفلسطينيين، أو على الأقل إيهام العالم بأنها لا تجد الشريك الفلسطيني الذي يمكنها أن تتفاوض معه. تتجدد لعبة إسرائيل المفضلة والمتمثلة في تبادل الأدوار التمثيلية وهى لعبة قديمة احترف معظم الساسة الإسرائيليين لعبها وتقوم على تكليف مسؤولين سياسيين أو أمنيين أو عسكريين بإصدار تصريحات وتعليقات تحاول إسرائيل من خلالها الترويج لرغبتها في السلام مع الفلسطينيين، والادعاء بأن الظروف وحدها تقف حائلاً دون التوصل لأي اتفاق لأن ما يعرضه العرب لا يتوافق مع المصالح الإسرائيلية ولا يلبي رغبتها. أحدث من انضموا لفريق التمثيل الإسرائيلي كان رئيس جهاز المخابرات «الموساد» السابق الجنرال مائير دجان الذى جرى تكليفه بعد خروجه من الخدمة بتبوء منصب جديد يتمثل فى العمل على تحسين وجه إسرائيل حول العالم. إذ فاجأنا دجان بتصريحات كشفت النقاب عنها وسائل الإعلام الإسرائيلية قال فيها إنه كان ينبغي تبني المبادرة العربية؟ وإنه كان على إسرائيل قول (نعم) لتلك المبادرة ، ولكنه أضاف إنه في اللحظة التي أكدت فيها المبادرة العربية عودة اللاجئين، فإنها بذلك أصبحت إشكالية بالنسبة لإسرائيل. وقالت يديعوت أحرونوت كذلك «إن بيري الذى يعد أحد رؤساء (مبادرة السلام الإسرائيلية) التي تقوم على المبادرة العربية اعترف بأن كلمات دجان تعزز موقفه وموقف زملائه، وإن الكثير منهم مسؤولون سابقون في المؤسسة العسكرية ، ، يؤيدون مائير دجان عن جداره». وختم أيلاند كلامه بالقول»ليس من الواضح له لماذا طرح دجان المبادرة العربية؟ :»إنني لا أجادل في أهمية التوصل إلى تسوية، ولكن لماذا نحتاج مبادرة عربية؟، لو أرادت إسرائيل هذا الطريق، وقتها فلتستقبل خطاب أوباما بالترحاب، ولتفتح في هذا الإطار مفاوضات صباح الغد، أكثر واقعية، أكثر تحديثا، وأكثر راحة لإسرائيل، وخاصة أنها لا تفرض تسوية مع سورية». إن حديث المراوغة الإسرائيلي سرعان ما يكشفه إسرائيلي آخر وهكذا نجد أنفسنا أمام دائرة مفرغة يحاول الإسرائيليون إقحامنا فيها بل والقول كذباً إنهم يرغبون في السلام، لكننا نحن من نراوغ ونحاول الهرب فهل يعي العرب هذا الأمر، وهل يعي الفلسطينيون قبل العرب أن إسرائيل تريد أن تضع المفاوض الفلسطيني في حيرة عندما يلتفت لعمقه العربي ، فلا يجد أمامه إلا مظاهرات يسقط النظام ، ومشاهد القتل للشعوب العربية على يد حكوماتها ، وعندها سوف تأتي الإجابة من إسرائيل وهي أن مبادرة السلام العربية حاضرة ومطلوبة، ولكن أين أصحابها؟! والى أن تستقر الأوضاع في بعض البلاد العربية ، فسوف تعلّق المفاوضات بسبب الاوضاع الجديدة في العالم العربي وهذا ما تريده بالضبط إسرائيل من العودة الى مبادرة السلام العربية ، وتبقى الورقة الوحيدة التي بيد الفلسطينيين اليوم هي المصالحة بين حماس وفتح ، فهل يحافظ الفلسطينيون عليها أم يقدمونها مجاناً الى مائير دجان لتساعده في مهمته الجديدة المحددة بتجميل وجه إسرائيل في العالم؟!