إذا اعتبرنا أن كل كيان بدءاً من المنزل الصغير وحتى الوطن الكبير مروراً بكل مؤسسة وشارع ومدرسة وجامعة، هو بناء متراص يشد بعضه بعضاً، فإن الإهمال هو أول معول يضرب في هذا البنيان، بل هو قادر في وقت بسيط ومع الاستمرار والإصرار على إحداث أضرار كبيرة، وهذا بالضبط ما نلمسه بسهولة في منزل يضرب الإهمال أطنابه، أو مصلحة يتهاون موظفوها في أداء العمل، حتى على مستوى الأشخاص حين يصبح الإهمال سلوكاً وصفة وعادة لا تنتهي، فإن صاحبها ينهار على المدى الطويل، تنهار علاقاته الاجتماعية مع المتضررين من إهماله، وتنهار مخططاته وأحلامه وأهدافه؛ لأنه أساساً لا يملك لها تصوراً ولا رؤية. الإهمال آفة كبرى تصم من يُبتلى بها، وتجره إلى الوراء باستمرار، وفي هذا التحقيق الموحد نحاول أن نتلمس جوانبه، نتعرف عليه عن قرب، ونضع "عدسة مكبرة" على مظاهره في كل موقع، ففي المنزل نرصد مظاهر الإهمال في تربية الأبناء، و نتعرف على عواقبه من قريب، وفي سياق الإهمال المنزلي أيضاً نرصد مظاهر الإهمال في الصيانة المنزلية، والتي غالباً ما تؤدي إلى كوارث ومآس تبقى آثارها إلى الأبد، ثم ننتقل إلى الجو الوظيفي لنتعرف على الموظف المهمل وأسباب إهماله ومظاهره، أيضاً قياس إهماله من وجهة نظره ونظر مديره، ثم نتحاور مع علماء نفس لمعرفة ما هو الإهمال؟، وكيفية التعامل مع المبتلين به، وهل يمكن علاجه؟.