امتداداً لقراءة الثلاثاء الماضي حيث انتهينا من تحليل العقوبة الثالثة من المادة الثامنة والثلاثين الخاصة بالإغلاق أو الحجب لمحل المخالفة مؤقتاً أو نهائياً؛ حيث إن هذه العقوبة تصدر بقرار من اللجنة الابتدائية ويكتسب للقطعية بالقناعة من الطرفين أو بمضي المدة الاعتراضية بلا استئناف أو بالمصادقة عليه أو الحكم به من اللجنة الاستئنافية، وبالتالي فيكون تنفيذ قرار الإغلاق بموافقة رئيس مجلس الوزراء بشأن الصحف الورقية لكون الترخيص صادراً ابتداءً بموافقته، وأما الصحف والمواقع الإلكترونية ونحوها فيكون إغلاقها أو حجبها من صلاحية الوزير، مع ملاحظة أن صلاحية الوزير ليست بحق الحكم فيها وإنما بحق التنفيذ لها، ولا يملك الإغلاق أو الحجب إلا اللجنة والوزير ينفذ القرار، وهذه ضمانة للجميع بأنه لا إغلاق ولا حجب إلا بقرار مكتسب للقطعية ومهمة الوزير تنفيذية. أعتقد بأن هذا التعديل قد حقق جلب المصالح لعموم البلاد والعباد ودَرَأَ المفاسد عن الوطن والمواطنين والمقيمين، وأصبح أمن الجماعة والأفراد مكفولاً، وحقوق الناس مصانة، وأعراضهم محمية، وقطع الطريق على المشاغبين والغوغاء والمشككين ومثيري الفتن وأما العقوبة الرابعة فجاءت بالنص على نشر اعتذار من المخالف في المطبوعة سواء ورقية أو إلكترونية في حال كانت مخالفته لنشر معلومات مغلوطة أو اتهامات تجاه المذكورين في الفقرة الثالثة من المادة التاسعة للمحظورات، وتكون صياغة الاعتذار حسب رأي اللجنة وعلى نفقة المحكوم عليه الخاصة وفي نفس المكان الذي نشرت فيه المخالفة، وأما إن كانت المخالفة تمثل أحد ثلاثة أنواع من الأوصاف الجرمية وأولها الإساءة إلى الدين الإسلامي وثانيها المساس بمصالح الدولة العليا وثالثها العقوبات التي يختص بنظرها القضاء كقضايا الحدود مثل حد القذف ونحوه أو ما ورد في أنظمة أخرى كالمشار إليه في بداية هذه المادة لكون عقوبتها أشد، ففي هذه الحالة يجب على اللجنة إحالتها إلى الوزير بشرط أن تكون بقرار من اللجنة ومسبب الحيثيات للإحالة وذلك ليرفعها وزير الإعلام إلى (الملك) بصفته مرجع السلطات بما فيها السلطة القضائية ولكونه منشأ الولايات بما فيها ولاية القضاء فضلاً عن كونه المصدر لقرار تعيين أعضاء اللجنة وبالتالي هو المرجع فيها، إلا أن المادة لم تشر إلى وجوب عرض القرار المسبب على اللجنة الاستئنافية قبل إحالتها إلى الوزير ومن ثم إلى الملك، ما يعني أن الولاية ابتداءً غير متوفرة وليست مختصة ويكتفى بقرار اللجنة الابتدائية، ومن ثم ينظر الملك في اتخاذ الإجراءات النظامية لإقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة، أو اتخاذ ما يراه محققاً للمصلحة العامة لكون القضاء ولايته والقضاة نوابه وهو يباشر بقراره عمله الأصيل كما يباشر نوابه من القضاة عملهم الوكيل. والمادة الأربعون أصبحت بعد التعديل خاصة باللجنة الاستئنافية حيث نصت الفقرة الأولى على تشكيل اللجنة برئاسة من تتوافر فيه خبرة في الأعمال القضائية وعضوية مستشار نظامي وأحد المتخصصين في الإعلام وهي نفس شروط اللجنة الأولية سوى مدة الخبرة هنا بأنها لا تقل عن خمس وعشرين سنة، وهذه المدة تزيد على مدة الحد الأدنى لقضاة التمييز والاستئناف في المحاكم بخمس سنوات، حيث يستحق القاضي درجة الاستئناف بعد عشرين سنة من عمله في السلك القضائي، وهذا دليل على المزيد من ضمانات التأهيل، ويكون اختصاص اللجنة النظر في التظلمات المقدمة من ذوي الشأن على قرارات اللجنة الابتدائية المشار إليها في المادة السابعة والثلاثين، وكذلك لا يلزم أن تصدر قراراتها بالإجماع ويجوز بالأغلبية، وتكون نهائية وغير قابلة للطعن أمام أي جهة أخرى، وفي هذا تسريع للقضايا وضمان للإنصاف. والفقرة الثانية من المادة إعطاء الصلاحيات والولاية للوزير بإصدار القواعد المنظمة لعمل اللجنتين الابتدائية والاستئنافية وبيان اختصاصاتهما وفق ما هو وارد في النظام، وهذه الصيغة أعم من صلاحيات اللوائح التنفيذية، حيث إن القواعد والاختصاصات تشمل الكثير من المضامين التي تحقق إمكانية المرونة في تفعيل هذه اللجان بما يحقق المناط الذي من أجله صدر التعديل. والفقرة الثالثة نصت على أن يكون تأليف اللجنتين وتسمية رئيسيها وأعضائها بأمر ملكي، ما يعني تساويها مع مستوى أداة تأليف القضاء وتسمية القضاة وكون الآمر هو مرجع السلطات ومنشأ الولايات بما فيها ولاية القضاء، وتحدد في القرار مكافآتهم، وتكون مدة العضوية في اللجنتين ثلاث سنوات قابلة للتجديد دون تحديد عدد المرات. وبعد الانتهاء من الأمر الأول الخاص بتعديل الفقرات الخمس وأنه يشمل المواطن والمقيم سواء أكان مدعياً أم مدعى عليه، جاء الأمر الثاني بشمول النظام للسعودي في خارج المملكة الذي يرتكب شيئاً من محظوراته، وهذا يعني عدم اقتصار السيادة الوطنية على البلاد بمن فيها وإنما يشمل العباد خارجها ممن يحملون جنسيتها، ولذا فكل من يخالف هذا في الخارج سواء عبر قناة فضائية أو إذاعة سمعية أو صحيفة ورقية أو إلكترونية أو أي أداة إعلامية تقليدية أو تقنية فإنه مشمول بولاية هذا النظام وحق محاسبته ومحاكمته ومعاقبته، وبالتالي يصل هذا حتى حق الطلب من الخارج عبر الانتربول الدولي، ولذا فالحقوق العامة والخاصة مكفولة بموجب هذا النظام ولا يحتاج المجني عليه سوى اللجوء للجنة المختصة وستقوم الدولة عبر أجهزتها بإنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم، وهذا ما تمناه ورجاه كل المواطنين والمواطنات على حد سواء، ولم يبق إلا أن يباشر أصحاب الحقوق المطالبة بها وحينئذ سيعرف كل معتدّ بقلمه ولسانه أن العدل الشرعي والمحاكمة العادلة والمعاقبة الرادعة له بالمرصاد. وختم الأمر الثالث بحصر النظر في القضايا الإعلامية على اللجنتين الابتدائية والاستئنافية المشكلتين بموجب نظام المطبوعات والنشر، ونص في ختام الأمر بأنه لا يعتد بأي قرار أو حكم يصدر بالمخالفة من أي جهة كانت؛ حيث لا يجوز للمحاكم والقضاة مباشرة هذه القضايا، ولو صدر منهم أو من غيرهم أي قرار أو حكم فيعتبر باطلاً ولا يعتدّ به لكونه مفتقراً للولاية القضائية وصاحبه مفتئت على ولي الأمر. والأمر الرابع نص على منع نقل اختصاص هاتين اللجنتين إلا بالطريقة التي تم بها تشكيلهما، ومع أنه من المعروف بأنه لا يجوز ذلك إلا أنه قد أكد عليه بهذا النص لمزيد حماية لهاتين اللجنتين وأنه لا يجوز نقل اختصاصهما إلا بأمر ملكي دون سواه مما هو دونه. والأمر الخامس النص على تبليغ هذا الأمر الملكي للجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات النظامية والأدوات اللازمة بما يتفق مع ما ورد في هذا الأمر، وذلك لتحقيق مناطه وتنفيذ بنوده على مسرح الواقع، سواء من ناحية الموجبات بمباشرة عمل اللجنتين، أو من ناحية السالبات بترك مباشرة ما يخالف ذلك. وأعتقد بأن هذا التعديل قد حقق جلب المصالح لعموم البلاد والعباد ودَرَأَ المفاسد عن الوطن والمواطنين والمقيمين، وأصبح أمن الجماعة والأفراد مكفولا، وحقوق الناس مصانة، وأعراضهم محمية، وقطع الطريق على المشاغبين والغوغاء والمشككين ومثيري الفتن، وها هو ولي الأمر مرجع جميع السلطات ومنشأ كل الولايات بما فيها ولاية القضاء قد أعاد تأكيد جهة هذه الولاية وتخصصها، وعدم التضليل فيها، وأصبح كل مواطن ينام قرير العين بعد أن حفظ له ولي أمره عرضه، وكل معتدٍ فالعدل له بالمرصاد، وما نعيشه الآن من انضباط في الإعلام والإنترنت لدليل على الحكمة الملكية والحزم السلطاني الذي قدر الله به نشر الحق وبث العدل، والحمد لله من قبل ومن بعد.