تم بهذا التعديل معالجة مشكلة مزمنة ومظلمة متفشية حيث استباح الكثير من الجناة المجرمين أعراض الناس في السابق، ولكن بعد هذا التعديل يملك كل فرد التقدم مباشرة للجنة وفروعها في المناطق ضد الصحف والمواقع الإلكترونية وجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وإنصافه منها. امتداداً لقراءة الثلاثاء الماضي حيث حللتُ المقدمة والضوابط والمادة التاسعة الخاصة بمحظورات النشر والمادة السادسة والثلاثين الخاصة بمصادرة المخالفات، وبقي ثلاثة مواد من ضمن المواد الخمس المعدلة. حيث إن المادة السابعة والثلاثين تختص بتشكيل اللجنة الابتدائية صاحبة الولاية في النظر لقضايا المخالفات الواردة في النظام وسواء أكانت في وسائل الإعلام التقليدية المرئية والمسموعة والمقروءة أم في وسائل الإعلام الجديد عبر الإنترنت والجوال، وبدلاً من أن تكون اللجنة بدرجة واحدة والتظلم منها لدى المحكمة الإدارية بديوان المظالم؛ فأصبحت الدرجتان القضائيتان من اختصاص الإعلام، وولي الأمر الذي هو (مرجع السلطات) و(منشأ الولايات) بما فيها ولاية القضاء يملك إنابة من يراه في هذا الشأن، ولا فرق بين أن ينيب القاضي في محاكم الوزارة والديوان أو في لجان الإعلام؛ فجميع القضاة يكتسبون ولايتهم من إنابة ولي الأمر لهم بموجب أمر ملكي، وكذلك أصبحت الحال في طريقة تعيين أعضاء اللجان، إضافة للشروط المتوفرة فيهم. وقد اشترطت الفقرة الأولى توفر الخبرة في الأعمال القضائية لرئيس اللجنة وهذا يعني الضمانة التأهيلية له، وكذلك الحكم في العضوين الآخرين المشتركين معه، فأحدهما مستشار نظامي متخصص في القوانين التي ينطلق منها التجريم والعقوبة، والعضو الآخر من المتخصصين في الإعلام كخبير فني في مجال المخالفة، وهنا يمكن اعتبار العضو الأول كفقيه النص والعضو الآخر كفقيه الواقع، والثالث هو الرئيس صاحب الخبرة القضائية، وذلك للنظر في مخالفات أحكام هذا النظام وتطبيق العقوبات الواردة فيه، وهناك نظائر لهذه اللجنة كاللجنة الطبية التي تمارس عملها القضائي برئاسة أحد القضاة ومعه مجموعة من المستشارين الطبيين والقانونيين، وبالتالي ليست هذه اللجنة جديدة على الواقع القضائي وساحة المحاكمات. والفقرة الثانية منعت اللجنة من النظر في الشكاوى غير الخاصة الواردة من المدعين سوى الذين يستوفون حسب العرف القانوني للصفة والمصلحة المباشرة، وذلك لقطع الطريق على فوضى الاحتساب والافتئات على النائب العام للدولة الذي ينحصر فيه حق رفع الدعاوى العامة، وهكذا هي الحال في الدولة الإسلامية المدنية الحديثة التي تطبق الشريعة الإسلامية وأصولها وقواعدها ومقاصدها، وتضرب بيد من حديد على كل متطفل ومفتئت على ولاية الأمر ومصالح البلاد والعباد، ومع ذلك نصت الفقرة في نهايتها على إمكانية الحق العام ولكنه عن طريق الإحالة من وزير الإعلام، وهذا يكون بمبادرة منه عبر الرصد والمتابعة أو بناء على معاملة محالة من الجهات المختصة ذات العلاقة والتي تقوم الوزارة بدورها حسب سلطتها التقديرية المنصوص عليها هنا من ولي الأمر بحق اتخاذ القرار بتحريك الدعوى للحق العام من عدمها. والفقرة الثالثة نصت على عدم لزوم كون القرار الصادر بالعقوبة مجمَعاً عليه من أعضاء اللجنة الثلاثة، وإنما يسري بأغلبية صوتين في مقابل صوت واحد ولو كان صوت الرئيس، ما يعزز الاستقلالية وسريان العدالة في القرارات الصادرة، واشترطت الفقرة عدم جواز الحكم الغيابي وإنما علقت القرار على دعوة المخالف المدّعى عليه أو من يمثله كالمحامي والوكيل الشرعي، وهذا على سبيل الوجوب، وأما دعوتها لمن ترى الاستماع إلى أقواله في القضية فهو على سبيل الجواز كسلطة تقديرية للجنة عند الحاجة. والمادة الثامنة والثلاثون احترزت باشتراطها عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر كنظام مكافحة جرائم المعلوماتية وغيره، وقررت قدر العقوبات على المخالفات الواردة في المادة التاسعة بأربعة أصناف يجوز الحكم بهن جميعاً أو ببعضهن وذلك كسلطة تقديرية للجنة حسب مستوى المخالفة. حيث نصت الفقرة الأولى من العقوبات على غرامة عليا قدرها خمسمائة ألف ريال، ومفهومه جواز التغريم بريال فأكثر، وتحريم الزيادة عن نصف مليون ريال، مع وجوب تضاعف الغرامة إذا تكررت المخالفة سواء في ذات القضية أو في قضية سابقة، فإذا فرضنا أنه حُكم على المدعى عليه بغرامة خمسين ألف ريال على مخالفة واحدة وفي نفس الوقت تكررت منه المخالفة سواء في نفس العدد أو الزمان أو المكان أو في عدد ووقت لاحق ولكنهما قبل المحاكمة فتكون الغرامة بعددها بحيث لو تكررت خمس مرات فتكون العقوبة مضاعفة خمس مرات، وسواء أكان الوصف الجرمي نفسه أم وصفاً جرمياً آخر من الوارد في المادة التاسعة، وهذا يعني عدم تكررها في المخالفة ذاتها من نفس النوع وذلك لتوحيد العقوبة بسبب وحدة الوصف الجرمي والعدالة فيه ما لم تتكرر الدعاوى بتكرر المجني عليهم لأن الحقوق الخاصة قائمة على المشاحة وليس المسامحة، ولكن في حال كانت المخالفة من نوع آخر فلا يلزم كون الغرامة بنفس القدر ولو تكررت بذاتها، وكذلك يفهم من النص أنه في حال أصحاب السوابق بأن كرروا نفس المخالفة أو حتى مخالفة أخرى فتكون الغرامة مضاعفة، فإذا كانت عقوبته في المرة الأولى خمسين ألف ريال فلابد أن تكون في الثانية مائة ألف ريال، ولكن لا يفهم منها تكررها المتصاعد، كما أنه يمكن تفسير النص بانحصاره على تكرر المخالفة في قضية واحدة وليس في قضايا لاحقة، ولذا فلابد من الإشارة إلى أن الوزير يملك إصدار اللائحة التنفيذية المفهومة من منطوق ومفهوم النصوص، ولكن في حال تعدد المفاهيم فلا يملك إصدار اللائحة التفسيرية إلا مصدر النظام دون سواه. والعقوبة الثانية إيقاف المخالف عن الكتابة في جميع الصحف والمطبوعات، أو عن المشاركة الإعلامية من خلال القنوات الفضائية، أو عنهما معاً، ولذا فالجزء الأول من الفقرة يختص بالصحف المقروءة ورقياً أو إلكترونياً والجزء الثاني يختص بالقنوات المرئية، ولعل القنوات المسموعة تدخل في حكم المرئية، وفي هذه الفقرة حماية لكل الكتاب الصحفيين والإعلاميين الفضائيين ونحوهما بعدم جواز إيقافهم إلا بقرار من اللجنة وبعد حضورهم ومدافعاتهم وحق الاستئناف، وهذه ضمانة جديدة لم تكن متوفرة في السابق. والعقوبة الثالثة تختص بالإغلاق للصحف الورقية والحجب للمواقع الإلكترونية مؤقتاً أو دائماً، إلا أن الصحف الورقية يشترط لها موافقة رئيس مجلس الوزراء لكونه الذي أذن بترخيصها فلا يجوز أن يقوم مَن دونه بإغلاقها، ولضمانة عدم الإضرار بالمؤسسات الصحفية، ولكن يملك الوزير حجب المواقع الإلكترونية وقنوات الجوال إضافة لمكاتب الفضائيات والإذاعات ونحوهما، نظراً لكون الإغلاق والحجب محلياً وعلى النطاق الوطني، وفي هذه العقوبة مكسب كبير لجميع المواطنين والمقيمين بلا استثناء، حيث تم بهذا التعديل معالجة مشكلة مزمنة ومظلمة متفشية حيث استباح الكثير من الجناة المجرمين أعراض الناس في السابق، ولكن بعد هذا التعديل يملك كل فرد التقدم مباشرة للجنة وفروعها في المناطق ضد الصحف والمواقع الإلكترونية وجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وإنصافه منها، إلا أن الغرامة يجب أن تكون من نصيب المحكوم له إن كان حقاً خاصاً، ولبيت المال إن كان الحق عاماً، ولا يجوز أن يكون الاعتداء على المجني عليه ويكون التغريم لصالح غيره، فالحق الخاص في المحاكم الجزائية للقضايا المماثلة يكون باختيار المدعي الخاص تعويضاً مالياً أو عقوبة بحبس أو جلد أو بهما حسب اجتهاد القاضي وقناعة المحكوم له وعليه وللمتظلم حق التمييز لدى محكمة الدرجة الثانية. وللمقال تتمة الثلاثاء القادم..