نشكر جهود وزارة العمل التي تهدف إلى توطين الوظائف للسعوديين بشكل جاد عبر برنامج «نطاقات» الذي يضع معايير جديدة وملزمة لتقويم المنشآت في توطين الوظائف ويفرق في التعامل بين منشآت القطاع الخاص ذات معدلات التوطين المرتفعة والأخرى غير الراغبة في التوطين من خلال ربط البرنامج بمصفوفة متدرجة من الحوافز والتسهيلات التي تتأهل لها المنشآت حسب معدلات توطين الوظائف بها، ونتمنى أن تكلل هذه الجهود بالنجاح. وكلنا نعرف أن 90% من منشآتنا الاقتصادية هي متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة، وأن التوجه لتوطين الوظائف فيها سيكون مشكلة لأنه مع تحديد حد أدنى للأجور سوف يزيد من تخلي أصحاب هذه المنشآت وبيعها، ومن دون تحديد حد أدنى للأجور لن يعمل فيها السعوديون، لأن المغريات الربحية ستتلاشى كحافز، وبالتالي نتساءل كيف يمكن للوزارة تطبيق برنامج "نطاقات" على المنشآت متناهية الصغر والصغيرة وهي تمثل هذه النسبة الكبيرة؟ وفي رأيي أن الحل لتوطين الوظائف يكمن أيضا في منع العمالة الوافدة من العمل في المهن التي صدرت فيها قرارات حصرية على السعوديين، وفي دعم المرأة للعمل في المهن الحرة، وتشغيلها في كافة المهن ذات العلاقة بخصوصيتها كالملابس ونحوها، وبتسهيل عمليات إقراض البنوك والمؤسسات المالية لأصحاب المنشآت الصغيرة للأغراض التطويرية والتوسعية لمنشآتهم، وتوفير الضمانات اللازمة لحصولهم على هذه القروض بنسبة أرباح معقولة ومقبولة، وتشجيعهم بمنحهم المحلات والأراضي وغيرها من التسهيلات والمحفزات التي تمنح لأصحاب الشركات الكبيرة، وكذلك بتكثيف برامج التوعية والتثقيف والتدريب التي تمكن أصحاب هذه المنشآت من إدارتها بكفاية واقتدار؟ كم نتمنى أن يكون لدينا في مسألة توطين الوظائف تفاؤل بحجم تفاؤل وزير العمل، ولكننا نعرف قوة أصحاب بعض الشركات الكبيرة المستهدفة ببرنامج الوزارة "نطاقات" وقدرتهم المذهلة على التملص والالتفاف لإفشال كل جهد لتوطين الوظائف والحد من العمالة الوافدة، وإلا لما كنا في هذا الوضع الذي نحن فيه اليوم، ولما فشلت جهود الوزراء السابقين في هذا الخصوص. وبالتأكيد لا يخفى أن مشروع توطين الوظائف مسألة تحتاج إلى أكثر من برنامج، وأكثر من جهد، وتحتاج إلى حزم وتفكير جديد في طرق جديدة لمعالجة هذا الموضوع كاستخدام التقنية (التعبئة الذاتية) في محطات البنزين، وتعميم فكرة الجمعيات التعاونية في الأحياء كبديل عن كثرة البقالات، والحد من انتشار مغاسل الملابس، واستبدالها بمجمعات غسيل ملابس ذاتية التشغيل في المجمعات السكنية، ومغاسل السيارات واستبدالها بالغسيل الآلي، والتوسع في مراكز التدريب المهني المتخصصة التي تخرج كفايات للعمل في مراكز الصيانة وبيع قطع الغيار ومراكز الخدمات الطلابية ومحلات الوجبات السريعة وغيرها من المهن التي تشغلها العمالة الوافدة بنسبة عالية. والمسؤولية الاجتماعية بلا شك تملي على الجميع (مؤسسات وأفراد) التعاون والمساعدة في تحقيق هذا الهدف الذي تترتب عليه تبعات اقتصادية وأمنية واجتماعية وثقافية مهمة للوطن وللمواطن.