غير مفهومٍ ولا مقبول قيام البعض في عصرنا الحالي بقسر الأطفال على أفعالٍ قد لا تتناسب وعمرهُم الزمنيّ أو العقليّ. من وسائل القسر هذه درجة العقاب الجسدي والضرب بمعنى ليس فقط العنف المعنوي باللفظ بل عنف جسدي واضح. ثم يتساءلون لماذا ابننا عنيد أو منطو، أو تبدو عليه علامات الجنوح والتمرّد، وغير ذلك من السلوك المضطرب؟! في كتاب انحراف الأحداث ومُشكلة العوامل تأليف الدكتور منير العصرة المستشار بمحاكم الاستئناف وأمن الدولة العليا (منشورات المكتب المصري الحديث طبعة أولى سنه 1974) وفي شرحٍ للنمو النفسي والاجتماعي لدى الحدث الطفل أشار المؤلف إلى أن الضمير يبدأ في النمو بعد سن الرابعة، وينمو الأنا الأعلى أيضا ويبدأ الطفل في فهم ما هو مباح، وما هو غير مباح من أنواع السلوك. حسناً إذا كان الصغير يفهم ما نُريد أن يمارسه من سلوك وتصرفات فلماذا لا نلجأ إلى وسيلة تبسيط الفهومات حولها، إلى وسيلة التحبيب والترغيب لا إلى الترهيب والتخويف والعنف الجسدي؟ أعتقد بأنه إذا ارتبط الألم من الضرب بالأمر الذي نقسُر الطفل عليه أو الرعب في مخيلته من شكل العقاب الذي سيصيبه في حال امتناعه فإنه لن يُحب أداءهُ أبداً، حتى لو أقبل على فعله فإن مرد ذلك الخوف من العقاب وليس عن قناعة ذاتية وسيلازمه هذا الشعور مدى الحياة . لماذا العنف والضرب إذاً؟؟ قيل إن الطيّب يُصبح شريراً بالعصا فهل نحن بحاجة إلى مزيدٍ من الأشرار؟ إلى مزيدٍ من الحاقدين ؟ إلى مزيدٍ من الذين ينتقمون من المجتمع حينما يكبرون ؟ لا يختلف اثنان بأن الأفضل أن نُنمي أناساً أسوياء مقبلين على الحياة بعقول منفتحة ونفسيات غير مرتبكة، غير مكتنزين بعُقد نفسية جرّاء الحرمان أو الضرب أو القسر على أداء أفعال دون قناعة منهم. وللشاعر والفيلسوف الألماني العظيم «غوته» رؤية مفادها أن الحُب المُغلّف بالصلاةِ يجترحُ العجائب. لا لضرب الأطفال مهما كانت الأسباب.