في إجابته عن التساؤل حول "سبب عدم انتشار شعر العرضة الجنوبية خارج حدود المنطقة" يقول الشاعر المعروف عبدالواحد الزهراني: "شعر العرضة أرى أنه منتشر ومعروف فالقضية أن اعتماد هذا الفن على الشقر يجعل متابعيه قليلين جدا، فانا أرى أنه نخبوي أكثر من انه جماهيري فمن الممكن أن يتابع من قبل أهل الجنوب أو الشمال فهو فن ومتابعوه فئة معينة من الناس بل يعتبر بضاعة نادرة لا توجد في أي وقت وذلك لشخصيته المستقلة خارج التصنيف المعروف والتقليدي". قد نتفق إلى حدٍ ما مع الزهراني في كون طبيعة فن العرضة تتطلب مُتلقي خاص قادر على اتخاذ موقف إيجابي من الشعر الذي يستمع إليه وإعمال قدراته العقلية لمعرفة مغزى كل شاعر خلافاً لمعظم قصائد النظم كمثال، لكننا نختلف معه في مسألة (نخبوية) شعر العرضة أو أن الجمهور القليل الذي يستهويه هذا الشعر ويلفت اهتمامه جمهور (نخبوي)، لاسيما والجميع يعرف بأن فناً شبيهاً بالعرضة وهو فن (المحاورة) أو القلطة - والذي يشترك معها في بعض الخصائص الفنية - استطاع بفضل قُدرة وإبداع شعرائه أن يتجدّد وأن يجذب اهتمام آلاف المُتلقين بكافة مستوياتهم الثقافية ومراحلهم العمرية في جميع أنحاء الخليج العربي بعيداً عن مزاعم النخبوية. فمصطلح (النخبة) كما يُلاحَظ أصبح أحد أكثر المصطلحات استهلاكاً في ساحة الشعر الشعبي خلال الفترة الماضية، وقد استمعنا للشاعر عبدالرحمن الشمري في (إضاءات) يتحدث باستعلاء عن ثقافته و(نخبوية) شعره ويذكر بأن جمهوره (النخبوي) هو الذي أوصله إلى البرنامج، وفي اعتقادي أن النخبوية التي يتحدث عنها الشمري في مقابل حديثه عن جمهوره (السطحي) كذبة يتوهمها كل شاعر شعبي يتشرب عقله أفكاراً ورؤى يعرفها كل من (يفك) الخط من دون أن يطورها أو يضيف إليها مفيداً من خلال طرحه الشعري. ولم يعد مستغرباً في زمن (النخبويين) الشعبيين أن تجد شاعراً يترفّع عن المشاركة في بعض المنتديات أو الصفحات أو القنوات الشعبية بدعوى كلاسيكيتها أو تقليديتها التي لا تتناسب مع نخبوية قصائده، أو أن تجد مجموعة من الشعراء يؤسسون منتدىً شعرياً يعتزلون فيه من باب الاستعلاء والتوهم بأن ما يكتبونه وحي شعري يتسم بخصائص فريدة لا تدركها سوى عقول النخبة المثقفة والراسخين في النخبوية، فمصطلح النخبة في ساحة الشعر الشعبي مصطلح استعلائي هو في حقيقة أمره الستار الذي يحجب الزيف والضعف والعجز عن تحقيق تقدم حقيقي. أخيراً يقول المبدع ضيدان بن قضعان: أنا القصيدة لا أعجبتني ما التفتّ لقيل قال والرابح اللي يجزي الحسنة بعشر أمثالها حقٍ علي أعيدها وآقف لها قدر وجلال وأقول: صح الله لسان الشاعر اللي قالها