وصف وزير الصحة رئيس الفريق الطبي والجراحي لعمليات فصل التوائم السيامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة مسيرة فصل التوائم في مملكة الإنسانية بأنها نموذج دين ووطن ومواطن وان العمل الجماعي وسياسة الفريق الواحد هي أساس النجاح في كل عمل بعد توفيق الله، لافتاً إلى أن الكوادر الوطنية قادرة على العطاء والمنافسة إذا ما وجد المناخ المناسب لها، وان المملكة هي دولة سلم وإخاء وعطاء. جاء ذلك في محاضرة ألقاها معاليه أمس في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بحضور معالي مدير الجامعة الدكتور سليمان أبا الخيل وعمداء الكليات وطلاب وطالبات الجامعة وحملت عنوان «خبرة فريق ونجاح وطن» تناول فيها أبرز المواقف الإنسانية المؤثرة التي رصدها من أهالي التوائم وسجلها خلال مسيرته كرئيس للفريق الطبي والجراحي، والدروس المستفادة التي تعلمها في هذا النوع المعقد والصعب من العمليات، وكيفية استفادة الطلاب والطالبات منها في حياتهم العلمية والعملية. وأعلن معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل في كلمة ترحيبية ألقاها بهذه المناسبة عن إطلاق كرسي مختص بدراسات وصحة وسلامة الحجيج بالجامعة بالتعاون مع وزارة الصحة، مشيرا إلى أن هذا الكرسي سيقدم الأبحاث والدراسات التي تعين على كل ما يجعل الحج سالما من كل الآثار التي تضر به. واستهل وزير الصحة محاضرته بعرض تاريخي لأول تسجيل للتوائم الملتصقة والذي كان في عام 945م وهو لتوأم ارميني، لافتا إلى أن أشهر توأم والذي التصق به اسم التوأم السيامي هما إنك وجانق بنكر والذين عاشا مابين 1811 إلى 1874م وسيام هو اسم تايلاند القدي، وهذا يعود للتوأم الذي ولد في سيام وهما (إنك وجانق بنكر) وهما ولدا في عام 1811م وبعد أن كبرا قليلا توجها لأمريكا واستقرا فيها بعد عملهما في السيرك وأصبحا يسميان آنذاك التوأم السيامي نسبة إلى تايلاند قديما وكان اتصالهما بسيط يمكن فصلهما بعملية يمكن لا تتجاوز الساعة لكن الخبرة في القرن التاسع عشر قليلة واستمرا حتى أصبح عمرهما 63 سنة وكلاهما تزوجا وأنجبا واحداً وعشرين طفلاً من زوجتي، حيث أخذا شقيقتين وتوفي واحد منهما وبعد ساعتين توفي الآخر. جامعة الإمام تمنح وزير الصحة الوشاح من الدرجة الأولى وأشار الدكتور الربيعة إلى أن التاريخ الإسلامي لم يوثق لدى العالم الغربي غير أن أقدم حالة بالتاريخ بحسب بحوثه كانت في عهد عمر بن الخطاب عام 638م، حيث سجل توأم بأربعة أطراف علوية وطرفين سفليين وعضوين تناسليين خارجين وتوفي احدهما بعد أسابيع من الولادة وتوفي الآخر بعده بساعة. وبين الدكتور الربيعة أن أول محاولة لفصل التوائم هي حدثت بطريقة الجزارين في ألمانيا 1495م عندما توفي توائم ملتصق بالرأس اخذوا الفأس ففصلوا الثاني عنها وتوفيت بعد ساعة من الفصل. جانب من الحضور وكشف الدكتور الربيعة عن أن أول عملية ذكية ناجحة في فصل التوائم سجلت عام 1689م وتستخدم بالوقت الحالي للناسور الشرجي وهي استخدام رباط ضاغط وكل أسبوع يتم ضغط الرابط إلى أن تم الانفصال بعد عدة أسابيع. وتحدث المحاضر عن نسبة حدوث مثل هذه الحالات وقال أنها نادرة جداً، حيث نسبة حدوث الحالات هي حالة في كل 200 ألف ولادة وتزداد في شرق وجنوب آسيا وأفريقيا، حيث تصل حاله لكل 25 ألف ولادة والسبب في ذلك أن في جنوب وشرق آسيا وأفريقيا تزداد نسبة حمل التوائم المتطابقة وكلما ازداد نسبة حمل المتطابق زادت فرص التوائم السيامية. وذكر الدكتور الربيعة أن نحو 60% من حالات التوائم السيامية تولد ميتة، وذلك لوجود عيوب خلقية كثيرة تعيق الحياة، ومن يعيش منهم 40% يموتون خلال أسابيع من الولادة، و70% من الحالات من الإناث، وأعلى نسبة من الالتصاق هي منطقة الصدر ثم الورك ثم الحوض ثم الرأس وأقلها التصاق البطن. ولفت الدكتور الربيعة إلى أن أسباب ولادة التوائم السيامية غير معروفة لحد الآن غير انه أشار إلى أن الأبحاث تؤكد انه بسبب عدم اكتمال البويضة الملقحة وربما لنقص المواد التي تساعد على الانفصال. وزير الصحة يتقلد الوشاح من د. أبا الخيل «تصوير – يحيى الفيفي» وتطرق المحاضر عن بداية مسيرة عمليات فصل التوائم السيامية والذي انطلق منذ 21 عاما من 1990م وحتى العام 2011م، تم فيها الاطلاع على 64 حالة وتم فصل 29 حالة و34 حالة تم الإشراف عليها، ولكن لم تفصل بسبب التشوهات التي تعيق الحياة، وشملت الخبرة التي لدى الفريق الطبي والجراحي 17 دولة عربية وإسلامية وغربية. وسرد المحاضر حالات الفصل التي تمت بنجاح وإبراز الظروف المحيطة بها وأماكن الفصل وتحديات الفريق التي واجهته وطرق الفحص والتشخيص والتي شملت 29 حالة. وقال الدكتور الربيعة أن مسيرة التوائم علمتنا إنشاء فرق العمل ونقل الخبرة والاستمرار بها والعمل الجماعي والثقة والقيادة، وغرس مبدأ القدوة عبر إشراك طلاب الطب. وأهاب الدكتور الربيعة بطلاب والطالبات بأهمية العمل الجماعي وانه أساس النجاح وله نهج معين بالبعد عن الذات وتقبل الحوار والرأي الآخر، وكل نجاح يحتاج إلى خبرة. وحول البعد الخارجي من هذه المسيرة قال الربيعة أننا استفدنا دروس في سماحة الإسلام ونبذ الإرهاب، وان التوأم الكاميروني أعطى رسالة ودعوة للإسلام غير مباشرة نتج عنها إسلام قرية بكاملها نتيجة لحسن المعاملة التي وجدها والدا التوأم من خادم الحرمين الشريفين" حفظه الله". وفي ختام المحاضرة تقلد معالي وزير الصحة وشاح جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من الدرجة الأولى، كما تسلم هدية خاصة بهذه المناسبة، وتفقد الدكتور الربيعة بعد المحاضرة كلية الطب بالجامعة واطلع على ما ضمته من تجهيزات وطواقم بشرية.