العربات الخاصة بنقل السيارات المتعطلة، أو ما يُطلق عليها ب"السطحات"، تنتشر في شوارعنا بشكل لافت كتكاثر الملصقات التي تروج لها في كل مكان، مما يوحي بأنها تعمل بشكل عشوائي يفتقر إلى أبسط أبجديات التنظيم، وقد يكون قائدها معذوراً بمزاولة عمله بهذه الطريقة؛ بسبب غياب التنظيم من الجهات المعنية. وهنا يبرز السؤال: ما دور الجهات المعنية في ترتيب أعمال تلك المركبات وفق تنظيم محدد، إلى جانب سعودتها وتحديد أماكن تواجدها؟. من خلال جولة "الرياض" اكتشفنا أن أغلب من يعمل على هذه المركبات من الوافدين، إضافةً إلى أن بعضهم لا يحمل إثباتات تخوله للعمل في هذه المهنة، الأمر الذي يدعو الجهات المعنية للتفاعل مع هذا التحقيق، وسرعة الكشف عن خططها التنظيمية لهذا النشاط الهام. مصدر رزق يقول العم "نايف" - أحد المواطنين وصاحب سطحة نقل السيارات منذ أكثر من سنتين -: إنه يعد هذه المهنة مصدر رزقه الوحيد، هو وغيره من المواطنين، مضيفاً أن البعض ترك هذه المهنة المربحة بسبب مضايقة الوافدين له، من خلال خطفهم للزبائن، مشيراً إلى أن بعض المواطنين لا يريدون التعامل معنا؛ لأن أسعارنا قد تكون مرتفعة بعض الشيء، ولكننا مضمونين بإذن الله، بل إن ممتلكاتهم في الحفظ والصون من أي مخاطر. مخالفون للعمل وأضاف: للأسف أن الزبائن ينساقون إلى أصحاب السطحات الوافدين، متناسين أن بعضهم لا يحملون إثباتات لقيادة هذه السطحات، وقد يكون بعضهم أتى للمملكة بتأشيرة سائق خاص أو مزارع أو غير ذلك، لأجل أن يتمكنوا من العمل بهذا النشاط، ذاكراً أن هؤلاء يدفعون لصاحب السطحة أو كفلائهم مبلغا زهيدا كل شهر، ليسمح لهم بمزاولة هذا النشاط، موضحاً أنه يخفى على الكثيرين أن بعض قائدي هذه السطحات من الوافدين هم ملاكها الحقيقيون ولكنها مسجلة بأسماء مواطنين!. بيعها على التشليح وأكد على أن بعض الوافدين قد ينقل أي سيارة يريدها بسطحته في أوقات لا يتواجد فيها المرور، ثم يبيعها للتشليح أو أماكن أخرى، متسائلاً: ما الذي يمنع بعضهم من سرقة السيارات المنقولة؟، مبيناً أنه حصل ذلك بالفعل من خلال بيع سيارات مسروقة إما لحسابهم أو لحساب عصابات أخرى تفككها وتبيعها على محلات تشليح السيارات، والتي جل من يعملون بها هم من الوافدين أيضاً. مأجورون للمحال وتتصاعد عبر وسائل الإعلام المختلفة الشكاوى من سرقة السيارات، وقد يكون من أكبر عصابات سرقة السيارات هم من أصحاب سطحات نقل السيارات، هذا ما يراه المواطن "ماجد السليس" الذي تحدث قائلاً: إن هؤلاء قد يسرقون السيارات التي ينقلونها ثم بيعها على التشليح فعلاً، أوقد يكونون مأجورين لدى أصحاب تلك المحال، وينقلون ما يروق لهم من سيارات متوقفة وفي أوقات يختارونها والتواري بها عن الأنظار. تنتشر بشكل عشوائي وتفتقر إلى أبسط أبجديات التنظيم وأغلب قائديها وافدون لا يملكون تصاريح بالعمل أبصم بالعشرة وأكد على أن كلامه يتطابق مع الواقع؛ لأن بعض أصحاب السيارات المعطلة للأسف يستوقفون أصحاب السطحات ويطلبون منهم نقل سيارتهم دون التثبت من هوية أو ترخيص سائق السطحة، وهل لديه ترخيص بمزاولة المهنة أم لا؟، مضيفاً: "أبصم بالعشرة أن هؤلاء لا يحملون تصاريح لنقل للسيارات من الشرطة وغيرها"، مشيداً بما قدمته قوة المهمات والواجبات بشرطة الرياض، حيث نظمت حملات تفتيشية تجوب محال التشاليح، ذاكراً أنه قرأ خبراً في إحدى وسائل الإعلام يفيد بأن القوة ألقت القبض على أصحاب سطحات يقودها وافدون، يبيعون سيارات مسروقة إلى أبناء جلدتهم ممن يعملون بتلك التشاليح، أو ممن يستأجرون استراحات لغرض سرقة السيارات وتفكيكها وبيعها على محلات قطع الغيار المستعمل. الزميل السكران يتحدث مع صاحب إحدى السطحات «عدسة: فهد العامري» جميعهم وافدون وأضاف: من الطبيعي أن تحدث مثل هذه التجاوزات وأكثر إذا كان سائق السطحة ومن يتولى بيع قطع الغيار المستعمل وصاحب التشليح وافدين، متسائلاً: أين الجهات المعنية من هذا التسيب الواضح في أعمال هؤلاء؟، ولماذا لا يُعاقب أي شخص لا يحمل تصريحاً للعمل على هذه المركبات؟، مبيناً أن من ثبت أن رخصته لا تؤهله للعمل يحال فوراً إلى الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات الرادعة بحقه. باجد العتيبي عقوبة صارمة ورأى المواطن "باجد العتيبي" أهمية الجدية في تطبيق النظام بحق كل العاملين في مجال السطحات، مواطنين كانوا أو وافدين، فمن لا يحمل تصريحاً من وزارة النقل أو إدارة المرور يجب أن يوقف وتسحب رخصة قيادته، بل يجب أن لا يمارس هذه المهنة أبداً مهما كانت جنسيته، ذاكراً أن النظام يجب أن يُحترم من الجميع، ويعاقب من يخالفه عقوبة رادعة وصارمة تجعله عبرة لغيره ممن يجرؤ على الإخلال فيه، مبيناً أن الإخلال في مثل هذا العمل قد يؤدي إلى ارتكاب جرائم كبيرة قد تنطمس معالمها بمجرد تحريك السيارة المنقولة من مكان الحادث. السليس: بعضهم يتعاون مع محال التشليح! الأمن السري وطالب بحملات مستمرة لتصحيح وضع عمل هذه السطحات، مؤكداً على أن الوضع الحالي يُعد وضعاً غير انضباطي، الأمر الذي يدعو إلى التنبه له من جهات الاختصاص، متسائلاً: لماذا لا يتم تشديد الرقابة على قائدي هذه السطحات؟، مشدداً على ضرورة تكثيف الأمن السري للتأكد بأن أصحاب محلات التشاليح وغيرهم لا يستقبلون السيارات المسروقة أو المخالفة. ماجد السليس 24 ساعة وقال المواطن "فهد غايب": إن سبب توجه البعض للوافدين يعود إلى انخفاض أسعارهم، بالإضافة إلى أن الوافد لا يدقق كثيراً في بيانات المركبة، وتجد ملصقاته في كل مكان، مضيفاً: "من إيجابيات سائق السطحة الوافد أنه يتواجد قرب سطحته طوال اليوم والليلة (24) ساعة، وهذا يصعب على المواطن الذي إذا اتصلت به من خلال أرقامه المدونة على السطحة يتعذر بانشغاله، في الوقت الذي تريد أنت أن تنقل به سيارتك عاجلاً، مما يضطرك لأن تلجأ لغيره من الوافدين"، مشدداً على ضرورة أن يتم التنسيق في هذا العمل بين قائدي السطحات الوافد والمواطن، وأن يتم تقسيم العمل فيما بينهما، مثل أن يكون النقل داخل المدن للوافد، أما النقل خارج حدود المدن فيبقى محصورا على المواطن، بشرط أن لا يترك لهم الحبل على الغارب فيتلاعبون بالأسعار، بل يتم تحديد السعر ب"الكيلو متر"، لكي يكون الناس على بينة من أمرهم. العتيبي: ننتظر تكثيف الأمن السري ب50 ريالاً وخلال الجولة التقت "الرياض" بعدد من قائدي العربات الخاصة بنقل السيارات المتعطلة، واتضح أن أغلب العاملين من الوافدين، ومرّرنا عليهم حكاية أن لدينا سيارة متعطلة ونريد نقلها من "حي النسيم" إلى "صناعية أم الحمام"، وبدأنا مفاوضتهم لنعرف منهم "سر المهنة" ولكن هيهات، كانوا حذرين أشد الحذر، تنقلنا من شخص إلى آخر والأسلوب متشابه، أسعارهم تتراوح من (50) إلى (90) ريالاً من أي مكان داخل الرياض. كامل أوراق وللحق كل من قابلناهم يصرون على أن يتوفر لدينا كامل أوراق السيارة حتى ينقلوها، وقد يكون السبب "الغترة" و"العقال"، الطريف أن أحد قائدي السطحات، واسمه "أبو ضافي" أصر علينا أن يتولى هو المهمة دون غيره ولو بالمجان، وبدأ "يحملق" بكل من اقترب إلينا من أصحاب السطحات ليبعده عنا، ولولا أننا أكدنا له أننا لن ننقل سيارتنا في الوقت الحالي - لعدم وجود الاستمارة لدينا- لاستمر في ملاحقتنا، ولكنه بدأ يتراجع وينسحب بشكل تدريجي، وشكك في نوايانا، وقد يكون لحظ وميض عدسة المصور تلتقط له الصور من سيارة فريق العمل المتوقفة بالشارع الآخر. التنظيم موجود التنظيم موجود في أروقة وزارة النقل، هذا ما أكده مسؤول في النقل الداخلي بالوزارة، وزودنا مشكوراً باستمارة تدل على وجود التنظيم، ولم نكشف له هويتنا خوفاً من إحجامه عن تزودينا بما نريده من معلومات، موضحاً أن لدى وزارة النقل تعليمات تنظم عمل هذه السطحات داخل وخارج المدن، وأن النظام لا يسمح بأن يقود هذه المركبة غير مواطن، فإذا كانت السطحة مخصصة للنقل لصالح صاحب المركبة في أعماله الخاصة به، فلا مانع أن يمتلكها بشرط أن لا يؤجرها، بل تكون لأعماله الخاصة وتحمل لوحة "نقل خاص"، وأن يعمل هو عليها أو يعمل عليها شخص آخر مواطن فقط. غرامة مالية وأضاف: أما إذا كان لديه سجل تجاري ويريد أن يستثمر في هذا المجال، فلابد أن تسجل السطحات على هذا السجل، وأن تحمل لوحة "أجرة عامة"، مثلها مثل سيارات الأجرة "الليموزين" أو سيارات النقل العام الكبيرة، مؤكداً على أن هذا التنظيم معمول به، ومن يخالفه يتحمل غرامة مالية قد تصل إلى (5000) ريال، تتكرر في كل مرة يتم القبض على المخالف فيها، وقال: سوف يتم التنسيق قريباً مع عدد من الجهات ذات العلاقة لتنظيم هذا النشاط. تنظيم وسعودة وعلمت "الرياض" أن اللجنة الوطنية للنقل البري التابعة لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، تدرس مع عدد من الجهات المعنية بشؤون النقل، مشروع إعادة تنظيم عمل سطحات نقل السيارات، ووضعت آليات وتصورات ليعمل من خلالها هذا النشاط وفقاً لتنظيمات محددة، من أهمها وضع تعرفة موحدة لنقل السيارات داخل المدن وخارجها وتوحيدها على مستوى المملكة، بالإضافة إلى حل الوضع العشوائي الذي هي عليه الآن بالتعاون والتنسيق المباشر مع كافة القطاعات ذات العلاقة، وكشفت الدراسة إلى أن هذا المشروع يسهم في حل مشكلة العمالة الوافدة غير النظامية التي تتواجد بنسبة كبيرة جداًّ في هذا النشاط، إلى جانب فتح مجالات واسعة للشباب للعمل فيه.