نشرت صحيفة "الرياض" في عددها 15650 في 26/5/ 1432ه عنوانا يقول " تعديلات ل ( مجلس الخدمة) ترفع سن التوظيف إلى 18 وتعطي الجهات الحكومية صلاحية الإعلان عن وظائفها". وفي التفاصيل: أنه لم يبق فقط إلا رأي جهات تشريعية لإقرار تعديلات في نظام الخدمة المدنية أجراها مجلس الخدمة المدنية الذي يملك الصلاحية لذلك , واستطرد الخبر قائلا إن صحيفة "الرياض" حصلت على التقرير الخاص بهذا الشأن تستعرض تسع مواد شملتها التعديلات إضافة إلى مادتين جديدتين للنظام القائم. ومن بين التعديلات لهذه المواد التسع التعديل الذي ذكر على المادة السابعة حيث سيتاح للجهات الإدارية في الجهات المختلفة الإعلان مباشرة عن وظائفها بعد إتفاق وزير الخدمة مع الوزير المختص وفق المقاييس والإجراءات التي تحددها وزارة الخدمة المدنية, وأضيف للمادة السابعة ما ينص على حق " المدنية" والجهة الإدارية في الإعلان عن ما يعادل المرتبة العاشرة فمادون في سلالم ورواتب الخدمة المدنية. وبحكم عملي السابق في مختلف شؤون التوظيف لشغل الوظيفة العامة خلال تطبيق ثلاثة أنظمة توظيف للخدمة المدنية 1377ه,1391ه, 1397ه فقد استوقفني الخبر طويلا متأملا صورة التوظيف منذ مركزيته لدى ديوان الموظفين العام –وزارة الخدمة المدنية ,حاليا- حيث أوكلت إليه المركزية كإحدى مدخلات التنمية الإدارية مع صدور أول خطة تنمية للبلاد 1391ه لتنظيم شؤون الموارد البشرية , وعلى نحو خاص أمور التوظيف والاختيار للوظيفة العامة من قبل جهة واحدة متخصصة تصبح مرجعية بهذا الشأن للمواطن والقطاع الحكومي على حد سواء. إن ما يتم حاليا هو غاية في التميز الإداري المنظم لما يتعلق بشغل الوظيفة العامة لكون جميع الوظائف الحكومية تصبح في سلة واحدة تقوم الوزارة بإعلانها للجميع في مواعيد وخطط معلنة للمواطن, وتطبق على المتقدمين أساليب ومقاييس موحدة تضمن العدالة والمساواة وتطابق ظروف التقييم لكافة المتقدمين الأمر الذي رسخ عبر السنين ثقة المواطن في الوزارة, وأسلوب شغل الوظيفة العامة, وفي الوقت ذاته مكنت المركزية الوزارة من بناء خبرة وطنية ثمينة جعل قراراتها وحلولها صحيحة وفاعلة,كذلك جعلت الوزارة مرآة تعكس احتياجات القطاع الحكومي من القوى العاملة, ومؤشرات سوق العمل. وفي المقابل فإن ما سيترتب على الأخذ باقتراح تعديل المادة السابعة بتفويض الجهات الحكومية صلاحية الإعلان عن وظائفها للمرتبة العاشرة فمادون" اللامركزية" فإننا سنرى مشهدا يجعل الكثيرين يتذكرون أن المركزية كانت نعمة إدارية لكنها أضحت في ذمة تاريخنا الإداري ,وسوف تصبح الأمور مشتتة في قيام العشرات من الأجهزة الحكومية بإعلان وظائفها كل على حدة وبأساليب غير موحدة, ومقاييس واختبارات متباينة للوظائف المتماثلة, كما سيتكبد المواطن أعباء التقديم لكل جهاز يعلن عن وظائفه, وملاحقة الإعلانات التي لن يحيط بها لكثرتها واختلاف أوقاتها وفي هذا إخفاق لمبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظيفة العامة. إن الكثير يمكن أن يقال لصالح مركزية التوظيف, والكثير كذلك يمكن أن يقال لغير صالح اللامركزية ممالا يتسع المجال للتفصيل فيه. والخلاصة: إن المادتين الأولى والسابعة هما من ركائز التنمية الإدارية المستدامة, وجوهر الخدمة المدنية ينبغي ألا يمسهما أي تعديل أو تبديل مهما تغيرت وتقلبت الظروف.