وجدتُ أن الناس تحدثوا كثيرا عن الزواج الملكي البريطاني مساء الجمعة الماضي ، واهتمت السيدات أكثر بتصاميم الأزياء ، واهتم الرجال – غالبا – بالدقة المتناهية التي ظهر بها الحفل . ولم تجد صحف الإثارة في بريطانيا ما تنتقده من ناحية الدقة وانعدام الزوايا المظلمة أو المبهمة . ولابد أن كل شيء جرى التدرب عليه وإعادة تكريره وسرده وتجربته لمرات حتى لا يخالف التقاليد البريطانية ولو للحظة واحدة . وبحكم عيشتي في تلك البلاد شطراً من حياتي العملية فقد وجدتُ نفسي متابعا كغيري . وتوقفت عند الدقة والترتيب وقدوم هذا وتراجع ذاك داخل كنيسة ويستمنستر. وقرر الأمير وليام العضو في أسلحة الجيش الثلاثة وطيار الإنقاذ في سلاح الجو الملكي ارتداء بزة الكولونيل في فوج ايريش غاردز (الحرس الايرلندي) المؤلف من مهاجع الأفراد قبعة سوداء وسترة حمراء وكان بإمكان الأمير وليام اختيار البزة الزرقاء للفتنانت في سلاح الجو الملكي إلا انه فضل بزة فوج المشاة في ايريش غاردز الذي شارك في الحرب في أفغانستان . وحتى قبيل مراسم الزواج كان اسم العريس في السجل العسكري الملازم ويليام ويلز ، فالجيش لا يلتزم بالألقاب غير العسكرية ، وهكذا يناديه رؤساؤه (وهم من عامة الناس) في ساحات التدريب وعنابر الوحدة التي يعمل بها ، وعلى موائد الأكل المشتركة . وآخر ما سمعنا عن الزواج الملكي هو طلب الأمير ويليام وعروسه (وقد أصبح اسمهما الرسمي الآن (دوق ودوقة كمبريدج) ، من الصحافة العالمية أن تتركهما وشأنهما ، وتعفيهما من الملاحقة ، ومنحهما بعض الراحة والخصوصية . ولكون الصورة الصحفية النادرة التي يحصل عليها أي مصوّر تُشترى بأغلى الأثمان ، لتسبق بها الصحيفة غيرها . وكم من مصور صحفي وجدناه يختبئ خلف جدار او شجرة لليلة كاملة . فالمصور الصحفي معني بالتقاط اللحظة بمصداقية، مع المحافظة على القدرة على التعبير عن طبيعة الحدث الذي يحصل أمامه . أي أن الصورة الجيدة تُمثل المادة البصرية للقارئ ، سواء أكان المصور يعمل من داخل الصحيفة أم يعمل على مسؤوليته (فريلا نسر) . واعتقد الكثير أن أرباح اقتصاد بريطانيا (سياحة) أكثر من خسارته بسبب الزواج ، بالإضافة إلى تعميق الثقافة البريطانية وتعزيز مكانة الأسرة المالكة .