استكملت جلسات منتدى الشراكة المجتمعة في مجال البحث العلمي الثاني، وذلك يوم الأربعاء الماضي، والذي اقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت عنوان "صناعة البحث العلمي في المملكة". مشاركون : البحث العلمي في العالم العربي «ترف أكاديمي» وناقش منتدى الشراكة المجتمعة في يومه الثاني عددا من الأوراق البحثية الهامة التي تهتم بموضوع المنتدى (صناعة البحث العلمي في المملكة) قدمها عدد من كبار الباحثين والخبراء في مجال البحث العلمي. ففي الجلسة الخامسة ناقش المتحدثون الشراكات والعلاقة بين الحكومات والقطاع الخاص من أجل دعم أنشطة البحث، وكذلك الشراكات مع الشركات الأجنبية للاستفادة من التقنيات الحديثة التي تساعد في تطور عمليات البحث، حيث اشار الباحث جون لويس إلى انه ليس هناك سياسة مفتوحة للتعاون الدولي. وفي الجلسة السادسة تطرق الباحث الأستاذ الدكتور ايتكن من تركيا إلى أهمية تطوير البحث العلمي في تركيا وإشاعة الثقافة العلمية كون الحكومة التركية تمنح ذلك اهتماما كبيراً من خلال دعم البحث ومساهمة العلماء والباحثين، فالقرار السياسي إذا لم يجد دعماً من العلماء والباحثين فلن يحقق الهدف المرجو منه. وناقش الباحثون في الجلسة السابعة بعض التحديات التي تواجه البحث العلمي حيث طرح الدكتور أنور ماجد عشقي ورقة بحثية ذكر فيها أن صناعة البحث العلمي في المملكة يعد من الأمور الهامة التي تلقى عناية واهتماماً من خادم الحرمين الشريفين وتحرص الحكومة والوزارات وخاصة وزارة التربية والتعليم على تنمية هذه المراكز لما لها من تأثير على تطور العلوم والتغيير في المملكة، كما أن البحث العلمي يختلف باختلاف البحث والموضوعات، مشيراً إلى أن أهمية البحث العلمي تتجلى في الرغبة في التعرف على الجديد من المعرفة والعلوم واكتشاف المجهول. و تحدث الباحثون في الجلسة الثامنة عن أولويات صناعة البحث العلمي ومعوقاتها مشيرين بأنه ما برح البحث العلمي في العالم العربي يمر بأزمة بالغة تتمثل في الأساس في عدم نقاء الإيمان بجدواه أو أهميته أو قدرته على التأثير في المساقات المختلفة التي تقود إلى المستقبل، فالبحث العلمي في عالمنا العرب يظل محصوراً في زاوية "الترف الأكاديمي" الذي يتم اللجوء إليه لمجرد تلبية متطلبات الترقيات العلمية للباحثين والأكاديميين، فلم يحظ البحث العلمي عند العرب بما حظي عند الدول المتقدمة الغربية، فهو يعتبر احد عوامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، مشيراً إلى أن ما يحدث اليوم من مبادرات في السعودية أو غيرها هي مبادرات مباشرة ولكنها مازالت جديدة، وبالتالي فإنه لا يمكن الآن الحكم على صلابتها أو قدرتها على الاستمرار والنمو ولا خيار لتحقيق تنمية صلبة وواثقة دون أن تكتسب الصفات المنهجية والشروط الموضوعية العلمية، ودون أن تكتمل "خميرتها" في مختبرات البحث العلمي في الجامعات والمعاهد والمراكز التي تولي هذا النشاط الإبداعي اهتمامها الأول. وفي ختام جلسات منتدى الشراكة المجتمعة في مجال البحث العلمي في جامعة الإمام تحدث عدد من الباحثين في الجلسة التاسعة عن محور (الأدوار المتوقعة من مؤسسات المجتمع في دعم صناعة البحث العلمي في المملكة)،إذ عرض الدكتور أسامة بن صادق طيب في ورقته (إدارة مبادرات صناعة البحث العلمي بالمملكة العربية السعودية) تطور المفهوم الحديث لصناعة البحث العلمي إلى منظومة تضع في الاعتبار مختلف مؤثرات المدخلات مثل عناصر البنية التحتية والتمويل، ومؤشرات الأنشطة مثل البرامج والفعاليات الجارية، ومؤشرات المخرجات مثل النشر العلمي والبراءات والاختراعات، من هذا المنطلق هدفت إستراتيجية جامعة الملك عبد العزيز إلى الارتقاء بمستوى الجامعة من خلال إدارة فاعلة لمنظومة البحث العلمي، فقامت في إطار عناصر البنية التحتية، بتطوير نظام فعال للخدمات الالكترونية، بالإضافة لتدعيم التجهيز العلمي لمعامل الأقسام والمراكز البحثية، وإنشاء مراكز تميز بحثي، مع الزيادة لمخصصات دعم البحوث من داخل وخارج الجامعة. فيما تناول الدكتور أحمد بن محمد السيف مستقبل البحث، بقوله: كلما طرحت رؤى المستقبل وطموحاته يحتل البحث العلمي وصناعته قمة الأولويات في تلازم مستمر وارتباط وتداخل بين البحث العلمي والتقدم علي جميع الأصعدة، وفي مختلف المسارات، وكذلك لأن سيناريوهات المستقبل نفسها بفرصها وتحدياتها والتأثير فيها تتوقف هي الأخرى على درجة تقدم صناعة البحث العلمي، وفي ظل ما تشهده المملكة من تطورات في البنية الوطنية لمنظومة البحث العلمي، وطموحات في تعزيز صناعته وتوظيفها في إطار نسق حضاري شامل، وحرص الجامعات العريقة على بلورة الرؤى المستقبلية في هذا المجال، مشيراً إلى أن محاولة للمساهمة في ذلك الجهد المتنامي تأتي ورقة العمل هذه لتتناول الأدوار المنتظرة من الجامعات الناشئة في صناعة البحث العلمي معتمدة في ذلك على أسلوب التحليل الوصفي، واستشراف المستقبل. وبين صاحب السمو الأمير الدكتور تركي آل سعود خلال ورقته المقدمة إلى أن العلوم والتقنية والابتكار باتت المصدر الأساس للتطوير والتنمية وتحقيق الأمن الوطني الشامل، فقد أولتها قيادة المملكة الرشيدة أهمية بالغة، ويعتبر البحث العلمي وصناعته في المؤسسات البحثية المهيأة له هو المحرك الرئيس لتطوير العلوم والتقنية والابتكار، ويتطلب تحقيق البحث العلمي لأهدافه إستراتيجية شاملة وخطط مبنية على رؤى بعيدة وأهداف محددة، مشيراً إلى أن هذا ما دفع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط لوضع الخطط الخمسية للعلوم والتقنية والابتكار المنفذة للسياسة الوطنية للعلوم والتقنية التي أقرها مجلس الوزراء عام 1432ه وهي التي سترسي صناعة البحث العلمي في المملكة بالمؤسسات والمراكز البحثية القائمة والمزمع إنشاؤها، كما عرج على الملامح الرئيسة للخطة الخمسية الأولى والخطة الموسعة والبرامج التي تتضمنها والموارد المالية المخصصة لها. وفي نهاية الجلسة تطرق رئيس الجلسة الدكتور علي النملة وزير الشؤون الاجتماعية سابقا إلى أنه من المفترض تحريك البحث العلمي في المملكة بإقامة مثل هذه المناسبات وخلق المنافسة بين الباحثين للظهور بمثل هؤلاء الفرسان، مؤكداً بان مثل هذه المناسبات تبين للجميع وجود كوادر وطنية على مستوى عال من الاحترافية والتميز, وتوضح إمكانيات المواطن السعودي الذي وصل إلى مستويات عالية في التعليم والبحث العلمي والمقدرة على صنع القرار بمهنية ووطنية عالية كما أن مثل هل المناسبات تساعد على معرفة العوائق التي تواجه الباحث العلمي والمقدرة على تجاوزها بتبادل الخبرات بين الباحثين. باحثون دوليون خلال احدى الجلسات