فكرت أن أطرق الباب وأسأل. خفت بل أصبت بالرعب. سحبت نفسي وسرت حوالي مئة متر. توقفت أمام فترينة محل ملابس. سرقت نظرة سريعة. مازالت اللوحة بكامل هيبتها تتراءى. كتب عليها بخط معدني واضح وصريح (المعبد الماسوني). Masonic Temple، لا يمكن أن تخطئ اللوحة أو دلالتها. هكذا شاهر يا أبو ظاهر في أهم وأشهر شوارع تورنتو. كل ما في ذاكرتي عن الماسونية مقرون بالسرية والمؤامرة وتدمير الأديان والسيطرة على الحكومات وإخضاع العالم. بيد أن هذه اللوحة كأنها واجهة لمحل تجاري أو دائرة حكومية أو حتى معبد ديني عادي. رصاصية لامعة يبدو عليها القدم. بعد هذا لا يوجد شيء آخر يمكن أن يميزها عن أي لوحة أخرى في الشارع. أمام العمارة محطة بنزين. تقف السيارات وتعبي وتمضي. الناس تتحرك بهدوء. لا يوجد ارتباك أو حركة غير معتادة. كل شيء في مكانه الطبيعي. رغم أن الخوف يشل كياني مازلت أشعر بالرغبة العارمة. أريد أن أرى ما الذي يدور داخل هذا المبنى العتيد. أعضاء هذه المنظمة كما أسمع عنهم سريون. لا يمكن لعضو أن يفصح عن اسمه أو مكانته. إشهار المعبد بهذه الطريقة يتناقض مع المبادئ السائدة عن الماسونية. المبنى على شارعين. شارع رئيسي وشارع فرعي. قرأت ملاحظة صغيرة على البوابة الواقعة على الرئيسي. كتب عليها (الدخول من الشارع الآخر). هناك زوار أو متعبدون يؤمون المكان. لم تشر اللوحة إلى وقت قداس أو تعبد. تركت محل الملابس وتحركت في الاتجاه المضاد للمعبد. أخذت لفة طويلة لكي أعود من الجهة الأخرى. هناك ساحة تقع أمام أحد المباني المجاورة يصطف بها عدد من مقاعد الحدائق العامة. جلست على طرف أحد المقاعد لكي يصبح المعبد على يميني لا خلفي. أستطيع الآن أن ألقي نظرات سريعة على المدخل دون أن ألفت نظر أحد. بعد أقل من ثلاث دقائق جاءت امرأة هرمة وجلست في المقعد المقابل لمقعدي. داهمني الهاجس. قد تكون واحدة من المراقبين. من يريد أن يسيطر على العالم سيستخدم أي شيء. لا أنسى أني وقفت أمام البوابتين. أكيد التقطتني كاميرات المراقبة. أصبحت في أرشيف الماسونية. صوري وصلت الآن تل أبيب والفاتيكان والمختبرات السرية في كل مكان. مرت نصف ساعة تقريبا في جلستي. في إحدى التفاتاتي السريعة على الباب شاهدته يفتح. انهمر العرق من جبيني، فهربت بوجهي إلى المرأة العجوز لأرى رد فعلها. بدت هادئة وكأن الأمر لا يعنيها. عدت بعيني مرة أخرى إلى الباب. كانت مفاجأة أبعد من كل المفاجآت التي توقعتها. خرجت شابة في غاية الجمال ومتبرجة بطريقة لا تقرها حتى الماسونية على فسقها. مشت. عبرت الشارع تغذ السير في اتجاهي. أحكمت بمشيتها الواثقة وتثنيها على كعبها العالي مشاعري. لا أستطيع أن أتخيل السؤال الذي سوف تطرحه علي. من أنت ماذا تريد؟ اقتربت حتى أصبحت في حضرتي. ألقت على وجهي نظرة محايدة ثم ألقت نظرة على العجوز ومضت. بعد ثوانٍ من اختفاء الفتاة في المنعطف انفتح الباب مرة أخرى. خرج ثلاثة شبان. أصواتهم وضحكاتهم تدوي في الشارع. ما لبثوا أن تفرقوا في كل الاتجاهات. إذا تم تطويق الشوارع. أصبحت في حوزة الماسونية العالمية. لم يعد أمامي إلا أن أخوض المغامرة. نهضت بعد أن وضعت كل شجاعتي في ركبتي لكي لا تنهار. دون أن ألتفت مضيت صوب الباب. ضغطت الجرس. ما الذي يمكن أن يوجد في معبد ماسوني؟ بقية القصة بعد غد الاثنين.