توقف فجأة النقاش في الجزائر حول الإصلاحات السياسية و الاقتصادية التي يطالب بها الشارع الجزائري لينتقل إلى الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة و قدرة الأخير على إتمام ولايته الثالثة بعد الصورة التي ظهر بها في آخر خطاب وجهّه للأمة في 15 أبريل /نيسان الجاري. و تسبّب ظهور الرئيس بوتفليقة متعبا في الصورة التي بثّها التلفزيون في تحويل الأنظار من مضمون الخطاب الذي وصفته دوائر سياسية و إعلامية ب " لا حدث " و هو الذي كان محل ترقّب كل الجزائريين إلى صاحب الخطاب نفسه الذي راحت تعاليق المراقبين تتساءل إن كان أفضل على بوتفليقة تجنب الظهور على الشاشة أم مواجهة الجزائريين و تحمل تبعات ما قد ينجم عن هذا الظهور الذي أعاد ملف الوضع الصحي للرئيس الجزائري إلى الواجهة في ظرف تريد البلاد رئيسا قويا لمواجهة غضب شارع سارعت السلطات إلى إخماده حتى لا تستنسخ فيه ثورات الجوار القريبة و البعيدة . و زاد من سرعة تحوّل النقاش من " صحة النظام " القائم إلى صحة الرئيس بوتفليقة ، خروج أحد أبرز نشطاء حقوق الإنسان في الجزائر يحيى عبد النور ( 90 سنة ) ليطالب بوتفليقة بالرحيل و يناشد الجيش بالتدخل لتنحيته بدعوى مرضه. ولم تتوقف وسائل الإعلام الجزائرية منذ توجيه الرئيس بوتفليقة خطابه للأمة و إعلانه جملة من الإصلاحات السياسية و الدستورية من استضافة الشخصيات السياسية و الحزبية و الخبراء القانونيين و الحقوقيين للحديث عن فحوى الخطاب، هل كان يستجيب لمطالب الشارع على اختلاف قطاعاته أم كان مخيبا لآماله لكن هذه الاستضافات عادة ما كانت تحيد عن المضمون لتتناول الصورة التي ظهر بها بوتفليقة و تتساءل إن كان الوضع الصحي للرئيس يسمح له بتحقيق الإصلاحات التي يعد بها. و من شأن تصريحات المعارض عبد النور ، الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تحويل النقاش حول آليات و أساليب التغيير التي ينشدها الجزائريون ، الذين لم تقنعهم جملة الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها بوتفليقة لم يحدد لها آجالا معلومة ، إلى نقاش يصير فيه الانشغال بالوضع الصحي لرئيس البلاد أهم من الانشغال حول الخروج من الأزمة و حالة الاستياء الشعبي المعبّر عنه بسلسلة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد قبل خطاب بوتفليقة و بعده.