إليك أيها المسئول أينما كنت وعلى أي كرسي جلست هذا صوت أم طفل معوق فاسمعه ربما تحرك إحساسك بالمسئولية واستشعارك إياها فأدركت ما لطفلي والآخرين أمثاله من حقوق عليك ستسأل عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون ؛ ولن تصل إليكم مشاعري مهما كتبت ومهما قلت وأعلم حق اليقين أن كل أم أو أب لطفل معوق سيقرأ مقالي هذا ستدمع عينه ويئن قلبه من هذا البوح ومن ألم يتقلب فيه ليل نهار ، وأنا لن أشكو إليكم الحال أيها المسئولون فإنما أشكو بثي وحزني إلى الله ؛ ولكن هذا المقال سيكون عرضا لأحوالنا حتى تنقذوا أنفسكم قبل يوم العرض . سأحدثكم عن طفلي ولكم الحق في القياس على حاله أحوال الآخرين أمثاله ؛ طفل يخرج للدنيا تستقبله مشارط الجراحين بعمليات لا تنتهي ثم يتردد على المستشفى في الأسبوع عدة مرات وأم وأب يرقبانه بحسرة يا إلهي لم يجلس ....لم يحبُ ....لم يمشِ ...كما يفعل من هو في عمره ...اللهم لا اعتراض ...طفلكم يحتاج إلى متابعة في عدة عيادات ( أعصاب ، مسالك بولية ، عظام ، أطفال ، علاج طبيعي ) الحمد لله على كل حال . طفلكم لا يستطيع التحكم بمخارجه ويحتاج إلى قساطر بولية كل ثلاث أو أربع ساعات وإلا حدث ما لاتحمد عقباه من التهابات قد تصل إلى الفشل الكلوي ، ويلزمه تفريغ يومي للأمعاء أعزكم الله وأجلكم ،طفلكم يحتاج إلى مراقبة لجهاز تصريف السائل الدماغي المزروع في رأسه حتى لا يتلف ويحدث ضغط من السائل على دماغه . طفلكم يحتاج إلى علاج طبيعي مكثف حتى تتحسن حركته أو على الأقل برنامج تأهيلي يساعده على التأقلم مع وضعه ويحتاج إلى عمل أجهزة وجبائر حتى تساعده على الحركة ويحتاج إلى كرسي متحرك ......... هذا يا سادة حال أطفال الصلب المشقوق والذين يزداد عددهم في المملكة قرابة 500 طفل سنويا حسب إحصاءات الشؤون الصحية في الحرس الوطني ؛ أطفال اختصهم الله بهذا النوع من البلاء من قبل أن يروا النور ورزقهم سبحانه قلوبا أصبر من قلوب بعض الكبار ؛ ومنَّ عليهم بقبول عجيب عند كل من عاشرهم تشع أرواحهم جمالا ونورا . وإليكم الآن التناقضات التي تراها أسر هؤلاء الأطفال وغيرهم من المعوقين سنبدأ بوزارة الشؤون الاجتماعية والتي من أهم واجباتها العناية بذوي الاحتياجات الخاصة وإليكم بعضا من ملاحظات المعوقين أو أسرهم حول خدماتها : 1- المماطلة في إدراج الطفل في نظام الإعانة السنوية حتى أن بعضهم يكمل عامه التاسع وهو لم يتمتع بحقه فيها والذي كفله له نظام الدولة أعزها الله وكأن هذه الإعانة تصرف من جيوبهم الخاصة وإذا أردنا الحل لهذه المماطلة فلابد أن تلزم الوزارة بصرف الإعانة بأثر رجعي عن كل السنوات التي كان من المفترض أن يحصل فيها المعوق على إعانته. 2- تباين تحديد قيمة الإعانة رغم عدم اختلاف الإعاقة ودرجتها ، أعلم أن هناك من سيرد بأن هناك تصنيفا للإعاقات أ- ب – ج – د وأن لكل درجة إعانتها ولكن الواقع يقول إن تحديد أن المعوق يقع تحت أي درجة يعود لأخصائيي الوزارة وهو راجع إلى نفسية ومزاج الأخصائي في مراكز التأهيل ( سمعت أحدهم يقول لولي أمر طفل معوق " أنا كتبت له خمسة آلاف ريال سنويا راجعني بعد عدة أشهر وأكتبها 7 آلاف ولا يكون خاطرك إلا طيب" ) المفترض أن يكون هناك آلية محددة حتى تكون الإعانة واقعية ومناسبة لحال المعوق . 3- المماطلة امتدت من الإعانة إلى صرف الأجهزة التعويضية والطبية والله المستعان . 4- استبشر المعوقون وأسرهم بالقرار الملكي القاضي بتحمل الدولة عن المعوقين الرسوم المتعلقة بتأشيرات الاستقدام والخروج والعودة وإصدار الإقامة وتجديدها للسائق والخادم وحتى كتابة هذا المقال لم يُفعَّل القرار . عزيزتي وزارة الشئون الاجتماعية المعوقون وأسرهم المكلومة من ضمن الفئات التي تتعاملون معهم فرجاءً بذل المزيد من الجهود فيكفينا هم الإعاقة . ثآنيا : وزارة التربية والتعليم ينطبق على هذه الوزارة في تعاملها مع معلماتها المثل القائل " أحشفًا وسوء كيلة " فلا تأمين طبي ولا مستشفيات خاصة وأيضا ترفض إجازات المرافقة فبحكم عملي كمعلمة وبحكم وضعي كأم لطفل معوق ذقت الأمرين من هذه الوزارة . سنوات عديدة من خدمتي لم أتغيب بها إطلاقا سواءً اضطراريا أو مرضيا أو استثنائيا وهذا ديدن الكثير من المعلمات ولكن مع تغير الظروف ترفض الوزارة أن تتغيب المعلمة مع طفلها المعوق في مواعيده(إجازة المرافقة غير مقبولة ) سبحان الله من تتوقعون أن يرافق هذا الطفل ومن سيتحدث مع الأطباء وهو بهذه الحال؟ ثالثا : وزارة الصحة بما أن الظروف أجبرتنا على خدماتكم بعد تخلي وزارتنا عنا ألا تشفقين بنا وبحالنا وتساؤل يطرح نفسه لِمَ يجب أن يريق المريض وأسرته ماء الوجه في الصحف الورقية أو الإلكترونية حتى ينال حقه من العلاج ألا يكفل نظام الدولة الحق لكل مواطن في العلاج ؟ إن أقصى ما يتمناه المعوقون إنشاء مراكز للعلاج الطبيعي يسهل وصول المعوقين لها فأجسادهم المنهكة لا تستطيع احتمال البقاء في السيارة وقتا طويلا من أجل الوصول لمركز علاج طبيعي ، ونتمنى أن يكون ذلك من خلال الأمر الملكي الذي صدر بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين لأرض الوطن بعد رحلته العلاجية حفظه الله ورعاه وكان ذلك الأمر ينص على توسيع الخدمات المقدمة من الرعاية والتنمية الاجتماعية وتطويرها. فالعلاج الطبيعي ضروري لجميع فئات الإعاقة الحركية فإن لم يهدف إلى تحسن الحركة فعلى الأقل يمنع تيبس المفاصل وضمور العضلات ولا يخفى عليكم كلفة جلسات العلاج الطبيعي المستمرة وما من أحد يتوقع من معوق إعانته 800 ريال شهريا مثلا دفع مبلغ5000 ريال شهريا لمركز علاج طبيعي خاص . وبما أننا نتحدث عن التأهيل لابد من إعادة تأهيل المسئولين وإدخالهم دورة في الرياضيات أو المحاسبة سموها ما شئتم حتى يدركوا العبء عفوا ليس عبئًا ولكن استحالة حصول المعوق على علاج طبيعي على حسابه الخاص إلا إذا كان من فئة الأثرياء . إن التواصل مع المواطنين من أوجب مهمات المسئول فإلى كل من يهمه أمر المعوقين الرجاء الإطلاع على المواقع الإلكترونية الخاصة بالمعوقين لترى بأم عينك كلماتهم التي تقطر ألما وحسرة على أحوالهم . لا أحد ينكر أن هناك توجها من قبل ولاة الأمر جزاهم الله خيرا لإنصاف هذه الفئة الضعيفة ولكن هناك من يحول بين أوامرهم وتحقيقها على أرض الواقع . (لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) بعد أكثر من عشر سنوات من خوضي غمار الإعاقة مع طفلي أقدم الشكر الجزيل لصرح طبي كبير قدم ولا زال يقدم وافر الرعاية والاهتمام لابني والمعوقين أمثاله ألا وهو مستشفى الملك خالد الجامعي وأخص بالشكر عيادتي الأعصاب والمسالك البولية ، فجزاهم الله عنا كل خير . ولن أنسى جهود جمعية الأطفال المعوقين والتي تضم بين جنباتها أنفسا سامية جعلت كل همها مد يد العون والمساعدة لأطفالنا المعوقين فبارك الله في الجهود المخلصة. *أم طفل معوق ومعلمة