ما يحدث بأسعار النفط اليوم من ارتفاعات سعرية فاقت كل تقديرات ، والأسباب متعددة ومتغيرة في نفس الوقت ، من التوترات السياسية ، ارتفاع الطلب في الدول الأكثر نموا اقتصاديا كالصين والهند والبرازيل ، تراجع الانتاج الليبي والنيجيري ، بداية خروج من الأزمة المالية التي فرضت طلبا أكثر على النفط ، وهذا الارتفاع في أسعار النفط سيرفع حتما مستوى الدخل للدول النفطية بنسب متفاوتة تبعا لتقلبات الأسعار ، ولكن الواضح من بداية العام أن الدخل لن يقل ارتفاعا ما بين 15-20% وهذا يعني ارتفاع حجم الإيرادات الحكومية ، ولكن هل سيبقي كل ذلك العوامل الأخرى ثابتة ؟ أي الأسعار لمختلف السلع والخدمات ؟ الواضح أن كل السلع والخدمات ارتفعت بنسب متفاوتة ومتعددة ، وهذا يبرر ارتفاع الأسعار المستمر حتى الان فنادرا ما يكون هناك منتج أو سلعة أو خدمة لا تدخل بها الطاقة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة كتكلفة ، وهذا ما أوجد تسارعا سعريا في الارتفاع وتباينا للأعلى ، وحين نقارن مستوى ارتفاع الدخل بحجم ارتفاع الأسعار وتكلفة الحياة ، سنجد أن الكفة ترجع أن نسبة ارتفاع الأسعار أعلى من نسبة ارتفاع الدخل ، هذا على الصعيد للدولة ككل من ميزانية وغيرها ، وحين نربط مع دخل الفرد بكم ارتفعت نسبة دخل الفرد « الثابت « سنجد أن لم تتجاوز مستوى 15% وهي أيضا لا توازي حجم ارتفاع الأسعار الذي تواصل بنسب تصل إلى 20 و 30 و 40 بالمئة وبعضها 100% كالمواد الغذائية ، وهذا يعني أن ارتفاع أسعار النفط الذي يؤدي لارتفاع الدخل للدولة هي سلبية ، باعتبار لا نسبة وتناسب بين ارتفاع الدخل والأسعار ومستوى دخل الفرد ، وهذا ما يفرض أن نقتنع أن مستوى الدخل « المقنع « للنفط يجب ألا يتجاوز 80 دولارا وأيضا قوة في صرف العملة لنا بالمملكة التي هي ليست بالقوة الكافية تبعا لسعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى في العالم ، مما يزيد تكلفة الصرف والشراء الخارجي من السلع والخدمات . يجب عدم النظر ان دخل الدولة ارتفع ونتوقف . بل يجب أن نرى ونوسع دائرة الرؤية عن تبعات ذلك ان هناك تكاليف متغيرة ستتأثر سعريا مباشرة وسترتفع سعريا ، وهذا ما يحدث الان . من المهم أن نملك الوعي بالرؤية الشمولية وبأكثر من زاوية حتى لا يكون هناك استحقاقات يتوقعها الكثير وهي غير مستحقة أو مفترضة من الأساس . نفضل سعر نفط منخفضا لكي نحصل على أسعار أقل ، وبالتالي تكون القوة الشرائية للدخل أكثر قوة وقدرة بدون الحاجة لرفع الدخل الذي سيتبع رفعا للمصاريف ، فالسقف الأعلى يفرض صرفا أعلى وهذه منهجية منطقية اقتصاديا . فلا يمكن أن يحدث ارتفاع في الدخل وثبات كل المتغيرات الأخرى بل العكس هو الصحيح ، وهو ما يحدث الان وسيحدث مستقبلا .