أوضح الدكتور علي بن إبراهيم الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار، أن الهيئة تعمل على الحفاظ على التراث الوطني في المملكة العربية السعودية وتنميته ليبقى مصدراً للاعتزاز ومورداً ثقافياً واقتصادياً، وليشكل بعداً حضارياً جديداً يضاف إلى ما يعرفه العالم عن المملكة من أبعاد دينية وسياسية واقتصادية، خصوصاً أن المملكة ليست طارئة على التاريخ، وأن المكانة التي تتبوؤها اليوم هي امتداد لإرث حضاري عريق. وشدد د. الغبان في تصريح بمناسبة اليوم العالمي للتراث، والذي يحتفل العالم فيه يوم 18 أبريل من كل عام، على أن الهيئة تعمل على إحداث نقلات تطويرية في التراث السعودي، مشيراً إلى أن الهيئة وبتوجيه واهتمام ومتابعة مباشرة من رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان أعدت مجموعة من المبادرات لتطوير التراث السعودي وربطه بالبعد الثقافي الإنساني والحضاري. وأشار د. الغبان إلى أن الهيئة تدرك أن تطوير مواقع التراث وإعادة الحياة إليها في مراكز المدن التاريخية وفي القرى والبلدات التراثية وغيرها من المواقع المهمة، هو جزء من تحقيق المعادلة التي طالما التزمت بها قيادة وشعب هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك الراحل عبدالعزيز طيب الله ثراه، وهي معادلة التحديث والتطوير المستمر مع التمسك بالقيم الإسلامية والتراث العربي الأصيل.منوهاً بتنوع جهود الدولة ممثلة بالهيئة في حماية التراث الوطني وإبرازه، ومنها صدور الأمر الملكي الكريم عام 2008 بتحديد المواقع الإسلامية داخل المملكة والعمل على الحفاظ عليها وحمايتها، إضافة إلى تنفيذ برنامج لإعادة ترميم المساجد العتيقة بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، وإقامة المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية العام الماضي، وبدء إقامة سلسلة من المعارض المحلية والدولية كان أولها معرض روائع آثار المملكة عبر العصور في متحف اللوفر في باريس العام الماضي، ثم انتقل إلى إسبانيا في محطته الثانية، ويجري الإعداد حالياً لافتتاحه في متحف الإرميتاج في روسيا خلال شهر مايو المقبل. وأضاف د. الغبان" إن جهود الهيئة في حماية التراث تتضمن إنشاء متاحف جديدة في المناطق والمحافظات، وإنشاء متاحف متخصصة، ودعم المتاحف الخاصة وتأهيل قصور الملك عبدالعزيز والمباني التاريخية للدولة في عهده يرحمه الله، والتي من المقرر تحويلها إلى مراكز ثقافية وتعليمية لمجتمعاتنا" ، لافتاً النظر إلى أن الهيئة تعمل على استثمار التراث العمراني اقتصادياً من خلال ما تتبناه من برامج ومشاريع لتأهيل المواقع التراثية وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج، ومن أبرز هذه المشاريع " برنامج تنمية البلدات والقرى التراثية، وبرنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة، وإعادة تأهيل مراكز المدن التاريخية " ، كما يجري تقديم تسهيلات مالية حكومية للراغبين في ترميم المباني التراثية والاستثمار في المباني التي يملكونها وتشكل جزءاً من التراث. وذكر نائب الرئيس للآثار والمتاحف إن هذه المبادرات والمشروعات أضافت منفعة جديدة تتمثل في تحقيق قيمة اقتصادية وخلق فرص عمل داخل قطاع السياحة وإشراك المجتمعات المحلية في حماية تراثها، بجانب إعادة إثارة الاهتمام بالحرف التقليدية. مؤكداً أن الهيئة تسعى إلى الحفاظ على الثراء التاريخي الأثري والتراثي المتنوع للمملكة، من كنوز أثريّة وتراثيّة، وهي تعمل بشكل حثيث ومدروس، على تسجيل المواقع ذات القيمة الحضاريّة الاستثنائيّة ضمن قائمة التراث العالمي، كما تحيطها بالعناية اللازمة لتكون محل اهتمام المهتمين والدارسين، فضلاً عن استراتيجيات الهيئة في شراكاتها مع أمانات المناطق، ومع القطاعين العام و الخاص، لفتح آفاق الاستثمار في المواقع الأثريّة والتراثيّة لتصبح بجانب كونها موارد تراثيّة ثقافيّة حضاريّة موارد اقتصاديّة تبعث بالتنمية لمصلحة السكّان المحليين، وتستوعب مئات الوظائف المؤقتة والدائمة. وبيّن د. الغبان أنه تم تسجيل موقع مدائن صالح في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، اعترافاً بقيمتها الثقافيّة والتاريخيّة والحضاريّة بشكل استثنائي رفعها للعالميّة، وتبع ذلك تسجيل الدرعية التاريخية في القائمة العام الماضي، في حين يجري الإعداد حالياً لتسجيل جدة التاريخية.مشيراً إلى أن إنشاء المركز الوطني للتراث العمراني يعتبر إضافة إلى إضفاء الطابع المؤسسي وتوحيد الجهود الإدارية والتنظيمية لتمكين الهيئة من تنفيذ مهامها والمسؤوليات المترتبة عليها في المحافظة على التراث العمراني الوطني بالتعاون مع الجهات المختلفة من القطاعين العام والخاص والمجتمعات المحلية. يذكر أن أبرز مهام هذا المركز تتمثل في المحافظة على التراث العمراني وتنميته بما يضمه من مدن وأحياء وقرى ومبان وحرف وصناعات تقليدية ومعالم تاريخية والعمل على توظيفها ثقافياً واقتصادياً.