تنبهر الفتيات الشابات في شمال غربي المكسيك بمنظر نساء لوردات المخدرات وهن يمتطين سيارات فارهة من احدث الطُرز ويرتدين أفخم الملابس ،بينما تزين أظافر "سواروفسكي" الكريستالية الصناعية أصابعهن وتزيدها حسنا وجمالا. وفي كل عام تتنافس العشرات من المراهقات في مسابقة جمال في ولاية سينالوا الجبلية ، حيث يجتذب جمالهن الأسطوري مهربي المخدرات الأثرياء الذين يغرون الجميلات بالمال أو يخطفوهن إلى مخابئهم في أعالي الجبال. وبما أن فرص الحصول على عمل قليلة بالنسبة للفتيات في سينالوا، فان العمل مع مهرب مخدرات يعني حصولهن على جواز مرور إلى عالم الثراء حيث القصور الفخمة وينابيع المياه الصحية والخزانات المتخمة بأزياء من أشهر الماركات العالمية. غير أن مخاطر الغوص في مستنقع تهريب المخدرات تزايدت كثيرا في الآونة الأخيرة بعد أن أدى تشدد السلطات إلى اندلاع حروب للسيطرة على مناطق النفوذ، والى تجاهل ميثاق قديم كان يحرم على المهربين قتل زوجات وصديقات وأولاد أعدائهم. وأصبح وجود علامة " Z " على جسد الضحية مؤشراً على عمل انتقامي من قبل عصابة منافسة. ويقول خوان مانويل الفاريدو، مدير وكالة شهيرة للأزياء في كوليكان عاصمة ولاية سينالوا،" من الخطورة بمكان التورط مع هؤلاء الناس. والخطر الأكبر يتربص بأي فتاة جميلة." عصابات المخدرات تغري الفتيات بحياة الترف .. وتخضعهن لجراحات تجميل ليتحولن إلى «باشونات» وتقول السينالوانيات إن جمالهن يعود إلى أسلافهن الأصليات طويلات القامة اللواتي تزوجن من المستوطنين الفرنسيين والألمان واليونانيين. وتنتشر في الولاية قصص مزعجة أبطالها مهربو مخدرات ينتقون فتيات من القرى ويصطحبوهن إلى حفلات في المزارع أو حتى يخطفوهن تحت تهديد السلاح. والجديد في الأمر أن المزيد والمزيد من النساء بتن يقتلن في حرب مخدرات حصدت أرواح 5700 شخص في العام الماضي وحده. ويقول الفاريدو وهو ينقل بصره بين ثلاث من العارضات العاملات لديه،" إنني لا اسمح لهن قط بالذهاب إلى مزارع أو مناسبات خاصة، ولا أعطي أرقام هواتفهن لأي شخص. إنني لا أدعهن يغبن عن نظري." الواقع أن السلطة التي يحوزها لوردات المخدرات ومظاهر الثراء والنعمة التي يعيشن فيها تكسبهن الاحترام من قبل الشابات اللواتي يرين في "أناقة المخدرات" التي تكملها الأحذية المصنوعة من جلد النعام والسلاسل الذهبية التي تزين الأعناق، هدفا نهائيا في حياتهن. غير أن تلك الأناقة لم تظهر على لورا زونيغا هويزار ملكة جمال ،البالغة من العمر 23 عاما ،في الصورة التي التقطتها لها الشرطة بعد اعتقالها . وتم حبس زونيغا ، ذات العينين الثاقبتين والشعر الفاحم الطويل، إلى أن تم تبرئتها بعد أن أثبتت التحقيقات عدم توفر دليل ضدها. مهربة مخدرات فقدت جمالها وحريتها غير ان زوليما يوليا هيرنانديزن وهي ملكة جمال سينالوانية أخرى ، لم تكن محظوظة بنفس القدر. وكانت زوليما تعيش حياة مترفة وهي تعمل لصالح كارتل حبيبها السابق جواكين غوزمان.فقد انتهت حياتها بطريقة مأساوية حيث خنقت وقتلت بالرصاص داخل سيارة بالقرب من مدينة المكسيك.وكانت علامة ""Z مرسومة على عدة جهات من جسدها. وعلى مدى سنوات كان هناك عرف متفق عليه بين عصابات المخدرات، يقوم على احترام العائلة.غير أن هذا العرف لم يعد له وجود، ما أدى إلى قتل المزيد من النساء على سبيل الانتقام. وفي هذا الصدد يقول ريكاردو رافيلو، الصحفي بمجلة "بوسيسو"، هذه عمليات قتل ثأرية. إحدى الطرق لإيذاء الخصم أن تقتل المرأة التي يحبها أكثر." وهناك قصص كثيرة حول رجال يقتلون رمياً بالرصاص لمحاولتهم مغازلة صديقات رجال العصابات. أما طالبات المدارس فإنهن يعشن في رعب خوفا من الاختطاف عندما يتم وضع باقات زهور باهظة الثمن في حجرات دراستهن. وتتعرض المزيد من النساء إلى الاعتقال بتهم ترويج المخدرات وغسل الأموال والانتماء إلى عصابات إجرامية منظمة وتدبير عمليات الاغتيال. وبلغ عدد السجينات في جرائم ذات صلة بالمخدرات خلال الأعوام الخمس الماضية 4292 من إجمالي عدد السجينات البالغ 11 ألفا. لورا زونيغا لدى تتويجها كملكة لجمال سينالوا وتشير دراسة أجراها الصحفي المكسيكي خافير فالديز إلى أن النساء يرزحن تحت ضغوط الضائقات الاقتصادية والأسر المحطمة ، أو يقودهن أزواجهن أو أصدقائهن الأعضاء في العصابات إلى عالم الجريمة. وفي ولاية سينالوا – معقل الجريمة المنظمة بالمكسيك- أصبح وجود صديقات للمهربين ثقافة فرعية تعرف بثقافة " الباشونات"، ويشير اللفظ إلى الفتيات ذوات الأثداء الصناعية اللواتي يتزين بالألماس ويرتدين أحدث صيحات الأزياء العالمية. وأخذت الصحف تنشر تعليقات تشجب النساء اللواتي ينجذبن إلى دولارات المخدرات. فقد نشرت صحيفة " نورويسته" تعليقا جاء فيه،" من المخجل أن هناك نساء ينبهرن بالبريق الزائف لذلك المال ومن ثم يسعين إلى أن يصبحن صديقات أو حبيبات لأولئك اللصوص ". والواقع أن بريق المال اجتذب نساء في كولومبيا أيضا ، حيث تبتاع العصابات المخدرات منها. فقد وثق كتاب كولومبي بعنوان " لا أثداء ..لا فردوس" حالات لفتيات خضعن لعمليات تكبير الثدي ليصبحن صديقات لمهربي مخدرات ولزعماء فرق الاغتيال التابعة للعصابات. غير أن مصادقة مثل هؤلاء الرجال يمكن أن تعرض حياة الفتاة للخطر في ظل إراقة الدماء التي تسود المكسيك حاليا.وإذا كان لوردات المخدرات يوفرون ما يشبه حياة الملكات لصديقاتهم فإن معظم النساء قد يواجهن مصير زوليما نفسه. زونيغا بعد اعتقالها وفي صورة للشرطة